افراسيانت - في خضم الأحداث الميدانية في الأراضي الفلسطينية، ثمة دور كبير يضطلع به المسعفون وأفراد الأطقم الطبية، فهؤلاء يتواجدون على امتداد مناطق الاشتباك مع قوات الاحتلال، ويخاطرون بأنفسهم، أثناء قيامهم بواجبهم الإنساني، بتقديم الإسعاف للجرحى ميدانياً، أو نقلهم إلى المشافي لتلقي العلاج.
منذ الهبة الشعبية الأخيرة، أصبح المسعفون الفلسطينيون، هدفاً مباشراً لقوات الاحتلال، إذ ينالون نصيبهم من الضرب والرش بـ"رذاذ الفلفل" في كل مرة يحاولون فيها إسعاف الجرحى، وفي أحيان كثيرة تُمطر سياراتهم بالغاز المسيل للدموع، وتمنعهم من التواجد في أماكن المواجهات، وتعيق تحركاتهم.
وحين يتصاعد قمع قوات الاحتلال للمحتجين الفلسطينيين على سياساتها، ويتصدى لهم الشبان بأبسط الأسلحة المتاحة، كالحجارة والإطارات المشتعلة، يقف المسعفون بكل شجاعة وبسالة، متحدّين كل الاعتداءات. ولطالما وقع أفراد الأطقم الطبية في مرمى النيران، فاستشهد منهم من استشهد، وأصيب من أصيب.
قبل أيام، وفي وقت كانت فيه الأحداث مشتعلة مع قوات الاحتلال، قبالة مستوطنة "بيت إيل" على المدخل الشمالي لمدينة البيرة، كان هناك أربعة مسعفين، بينهم فتاة، يلعبون في مسرح المواجهات، لم يأبهوا باعتداء جنود الاحتلال عليهم، وآثروا مواصلة تقديم الإسعاف لأحد الجرحى، كي ينقذوا حياته.
المسعفون الأربعة، وأمام عدسات المصورين، تعرضوا للضرب والتهديد بإطلاق النار عليهم، وانتهى بهم المشهد، وهم ملقون على الأرض، بين سحب الغازات الخانقة يصرخون ويطلبون "الإسعاف"!
المتظاهرون، يصفون رجال الإسعاف، بأنهم القلب النابض للأحداث، ومواقفهم البطولية، جعلت سيرتهم على كل لسان، في مناطق الاشتباك.
أحد المسعفين من طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، لم يشأ الكشف عن اسمه، أوضح أن الإعتداء على الأطقم الطبية، ليس جديداً، بل إنه أصبح أمراً مألوفاً، وعلى مدار الهبّات والانتفاضات الفلسطينية المتعاقبة، سقط العشرات من المسعفين شهداء، وأصيب واعتقل المئات، لكن هذا لم يمنعهم من الاستمرار في القيام بواجبهم.
وأضاف : "خلال قيام المسعفين بإخلاء المصابين، محاولين نقلهم إلى المشافي، لا يحتاج الأمر سوى لدقائق، حتى يتحول المسعفون أنفسهم إلى جرحى، ويطلبون الإسعاف"!
وبيّن أن جيش الاحتلال في بعض الاحيان لا يستهدف ضباط الإسعاف فقط، بل إن سياراتهم أيضاً تكون عرضة للاستهداف على الدوام، سواء بإطلاق الرصاص والقنابل الغازية عليها، وتحطيم نوافذها، أو محاصرتها بالجيبات والحواجز العسكرية، وإعاقة حركتها، لافتاً إلى أن هذه الاعتداءات، تخرق القانون الدولي، الذي ينص على حماية طواقم الإسعاف، وتسهيل مهامهم.
وأكد أن سلطات الاحتلال، تستهدف الأطقم الطبية، تماماً كما تستهدف الشبان المحتجين، واحيانا تدّعي أن سيارات الإسعاف تنقل الحجارة او أدوات المقاومة للمتظاهرين، كي تبرر جرائمها بحقها، وهذا ما شجّع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، لرفع "شكوى" للصليب الأحمر الدولي، بهذا الخصوص.
وأردف قائلاً: "هذه ضربة وقائية من الاحتلال، لأنهم يعلمون أننا نرفع كل اعتداءاتهم للمنظمات الدولية، وبالتالي هم يريدون أن يسبقوننا إليها، وينطبق عليهم المثل الشعبي "ضربني وبكى وسبقني واشتكى"!