غزة - افراسيانت - يشهد قطاع غزة منذ ستة أشهر ظروفا اقتصادية وحياتية أصبحت خلال الأشهر الأربعة الأخيرة هي الأصعب والأشد منذ ما يزيد على 12 عاما، هي عمر الحصار الإسرائيلي الذي يشدد تارةً ويخفف تارةً أخرى.
وباتت مؤسسات حقوقية ودولية تصنف أصحاب الدخل المتوسط في قطاع غزة بأنهم باتوا من أصحاب الفقر المدقع نتيجة العديد من الظروف التي أحاطت بهم في الأشهر الأخيرة، كإجراءات الحكومة الفلسطينية بخصم رواتب أكثر من 30% من موظفيها بغزة، ما أثر على الوضع الاقتصادي الحياتي اليومي، وقلل من القدرة الشرائية في الأسواق التي باتت منهارة.
ويقول المختص الاقتصادي أحمد أبو قمر : إن هناك العديد من العوامل التي أوصلت قطاع غزة إلى هذه الظروف الكارثية". مشيرا إلى أن الحصار والحروب والإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية كلها ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في واقع الحال.
وأكد على ضرورة العمل مع الجهات الدولية من أجل تخفيف ورفع الحصار عن قطاع غزة والسماح بإدخال مواد الخام لتشغيل المصانع وغيرها من أجل التصدير إلى الخارج لتحسين الوضع الاقتصادي.
واعتبر أن المصالحة الفلسطينية قد تكون مدخلا مهما في تحقيق فرصة تحسن الوضع الحياتي بغزة. مشيرا إلى أن هناك عجزاً غير مسبوق في الأسواق والوضع الاقتصادي، وأنه لا يمكن النهوض من جديد دون وجود حل سياسي.
ويشير حسن مطر، وهو تاجر يبيع الخضار والفواكه، إلى أن هناك تراجعاً وتدنياً غير عادي في عملية البيع والشراء، مضيفاً أنه يضطر لتخزين الكثير من البضائع لديه، لعدم قدرته على تصريفها في الأسواق منذ الخصومات التي فرضت على رواتب الموظفين والتي أثرت بقوة على القدرة الشرائية.
ولفت مطر في حديثه : أنه والباعة الصغار في الأسواق لا يستطيعون شراء كميات كبيرة لعدم قدرتهم على تسديد أثمانها أو عدم قدرتهم على تصريفها. معتبرا أن ذلك يشير إلى تراجع الوضع الاقتصادي والحياتي للمواطنين والذي يتوقع أن يتدهور أكثر وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على التجار.
وتؤشر الأوضاع إلى تراجع في الخدمات الصحية والبيئية والإنسانية المختلفة ما ينذر بكارثة حقيقية بدأت تدخل في بدايات درجات موجاتها وقد تمتد إلى النخاع ما سيؤثر على الكثير من الأوضاع التي قد تدفع السكان إلى الانفجار.
وتتزامن هذه الظروف مع بطؤ واضح في تنفيذ خطوات المصالحة التي باتت رهينة للخلافات ويشتد معها الحصار، ما يدفع غزة إلى مستقبل مجهول في ظل عدم وجود أي أفق سياسي واضح سواء على الصعيد الداخلي بشأن المصالحة أو حتى في العلاقة مع الاحتلال أو مصر، التي يرى سكان غزة فيها بأنها المنفذ والمتنفس الوحيد.
ويرى الموظف في السلطة الفلسطينية فادي السلطان، أن الواقع السياسي الذي تمر به القضية الفلسطينية لا زال يؤثر على حياة السكان سلبا في غزة، وأن الأوضاع قد تتجه للأسوأ في ظل عدم وجود أي أفق سياسي.
وأشار إلى أن الحياة بالنسبة للمواطن في غزة أصبحت بائسة بفعل الانقسام والظروف السياسية العامة التي أوصلت المواطنين إلى حالة غير مسبوقة من التفكير فقط في كيفية توفير قوت يومه. مشيرا إلى أن تراكم الأزمات من كهرباء ومياه وانعدام فرص العمل كلها أثرت على حياة وتفكير المواطن وتوجهاته واهتماماته من القضية الوطنية إلى القضية الحياتية.
ولفت الشاب الجامعي أنس أبو بكرة (22 عاما) إلى أن الوضع السياسي كان له الأثر البالغ على الاقتصاد الذي أثر على حياة المواطنين اقتصاديا واجتماعيا. مشيرا إلى أن هناك شباناً وخريجين بلا مستقبل ما يستدعي العمل من أجل إنقاذهم والتطلع لإيجاد حلول تساهم في تحسين حياتهم ومساعدتهم على بناء مستقبل أفضل.
ويخشى أبو بكرة من أن تشهد الفترة المقبلة حربا إسرائيلية جديدة في ظل التهديدات المتكررة ضد قطاع غزة. مشيرا إلى أن هناك مخاوف حقيقية لدى المواطنين من ذلك، خاصةً وأن هناك عوائل لا زالت مشردة وبلا مأوى منذ حرب 2014، بسبب رفض الاحتلال منحها الموافقة لإعمار منازلها.
من جانبها قالت المواطنة فدوى عايش، إن "استمرار الحصار والعدوان بطرق مختلفة وتوقف إعادة الإعمار والإدعاءات الإسرائيلية بتقديم تسهيلات للسكان، كل ذلك لم يضف على الحياة بغزة سوى مزيد من الإحباط لدى المواطن الذي يعاني البطالة والفقر وغياب الأمل".
وأعربت عن "أملها بحل الأزمات كافة والخروج بغزة من حالة الظلام التي تعيشها إلى ما يُعين سكانها على الحياة من خلال الإسراع بإعادة الإعمار وصرف رواتب الموظفين كاملة وحل أزمة موظفي حماس وفتح المعابر وتعزيز الاقتصاد".
وأضافت: "الأشهر الأخيرة من أسوأ الأشهر التي تمر منذ سنوات طويلة على السكان سواء على المستوى الفردي للمواطن أو على المستوى السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي في ظل حالة الركود التي تطال كل مناحي الحياة".
وتشير الإحصائيات شبه الرسمية إلى أن 70% من سكان قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن 89% لا يستطيعون توفير الاحتياجات الأساسية، في حين أن البطالة وصلت أكثر من 60%، و90% من المشاريع الاقتصادية المختلفة منهارة، وأن 97% من السكان تصلهم مياه لا تطابق معايير منظمة الصحة الدولية.