افراسيانت - جددت الحكومة الباكستانية استعدادها للدخول في مفاوضات سياسية مع قادة المعتصمين في العاصمة إسلام_آباد بعد يوم من مواجهات دامية خلفت قتلى وجرحى وأضرارا مادية، فيما رفع بعض قادة المعتصمين من سقف مطالبهم، حيث دعوا إلى استقالة الحكومة الحالية لحزب الرابطة الإسلامية، كما أعلنوا الإضراب العام لمدة يومين و الحداد لمدة ثلاثة أيام على قتلى المواجهات الدامية بين المعتصمين وقوات الأمن.
استمرار المظاهرات
وبالرغم من انحسار حدة المواجهات بين المعتصمين وأنصارهم فلا تزال العاصمة إسلام آباد ومختلف المدن الباكستانية تشهد حالة من الترقب والحذر، حيث تجددت المظاهرات في بعض المناطق، فيما يستمر اعتصام المتظاهرين وإغلاق طريق رئيسي في العاصمة، وكذلك إغلاق طرق رئيسية وخاصة في إقليم البنجاب معقل الحزب الحاكم.
تخفيف الحظر
وخففت هيئة تنظيم الإعلام الإلكتروني الباكستانية من القيود المفروض على بث القنوات الخاصة عبر خدمة "الكيبل" بعد نحو يومين من تعليق بثها، لكنها فرضت لوائح على بث وقائع الاعتصام بثا حيا، فيما صدرت أوامر برفع الحظر على بعض مواقع التواصل الاجتماعي بعد حظرها على خلفية المواجهات، في حين قررت مؤسسات تعليمية تعليق الدراسة حتى إشعار آخر.
اجتماع أمني
على سياق متصل عقد المطبخ الأمني للحكومة برئاسة رئيس الوزراء شاهد خاقان عباسي ومشاركة قائد الجيش الفريق أول قمر جاويد باجوه وبحضور وزير الداخلية أحسن إقبال، اجتماعا بحث فيه الأزمة الحالية، حيث أكد الاجتماع على ضرورة إيجاد حل تفاوضي مع المحتجين دون اللجوء إلى القوة.
كما قرر الاجتماع إعادة تموضع قوات من الدرك وتوليها زمام قوات الأمن المكلفة بمتابعة الاعتصام، وكان الجيش الباكستاني انتقد خطة وزارة الداخلية لفض الاعتصام لكنه أبدى استعداده للتعاون التام مع الحكومة وفق ما يقتضيه دستور البلاد، ووضع الجيش ضوابط للتدخل لعل من أبرزها عدم تدخله لتفريق المتظاهرين وإنما لمنع الفوضى والاضطرابات.
اعتصام ومطالب
وقد دخل اعتصام آلاف من أنصار جماعة "لبيك يا رسول الله- باكستان"، وحركة "ختم النبوة" و"الحركة السنية" التي يعتبر أنصارها من أتباع بعض الطرق الصوفية واسعة الانتشار في باكستان، أسبوعه الرابع في أحد التقاطعات الرئيسية للعاصمة إسلام آباد، وطالب المعتصمون الحكومة بإقالة وزير القانون زاهد حامد، واتخاذ إجراءات صارمة ضد مسؤولين حكوميين اتهموهم بازدراء الدين على إثر تعديل في بند يتعلق بأداء اليمين الخاص بقانون الانتخابات لعام 2017.
وكانت المفاوضات بين الحكومة والمعتصمين وصلت إلى طريق مسدود بسبب تمسك الطرفين بمواقفهما، لكن عملية فض الاعتصام التي استخدمت فيها قوات الأمن الأعيرة المطاطية والمسيلة للدموع فشلت في تحقيق هدفها، لتتسع رقعة المواجهات لمختلف مناطق باكستان ومن بينها مدينتا كراتشي ولاهور الكبريين، وهو ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا وإلحاق أضرار مادية في الممتلكات.
الحكومة تدافع
وتصر الحكومة والوزير أن ما جرى كان خطأ كتابيا غير متعمد، وبالرغم من إعادة الحكومة والبرلمان صياغة القانون لشكله السابق بل تعزيز البند المتعلق بما يعرف بعقيدة "ختام النبوة"، إلا أن ذلك لم يجد نفعا مع المتظاهرين، الأمر الذي حذا ببعض أعضاء الحزب الحاكم إلى اعتبار أن ما يجري ليس سوى مؤامرة للنيل من الحكومة وجرها إلى الصدام مع جماعات دينية كانت تعتبر رصيدا انتخابيا للحزب الحاكم، في ظل فتح قضايا فساد ضد زعيمه نواز شريف وعدد من أبنائه ومعاونيه.
وقد دافع وزير الداخلية أحسن إقبال عن قرار فض الاعتصام، مؤكداً أن القرار جاء تنفيذا لطلب من محكمة إسلام آباد العليا، حيث أدى الاعتصام إلى مشاكل لسكان العاصمة ومدينة راولبندي المجاورة، واعتبر تقرير أمني أن المتظاهرين يستغلون العاطفة الدينية في قضية تعديل قانون الانتخابات لتحقيق مكاسب سياسية، الأمر الذي دفع بالقضاء للتدخل وتحديد مهلة زمنية لوزارة الداخلية لفض الاعتصام في حال فشلت المفاوضات.
ويحمل مراقبون الحكومة مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع الحالية، ويرون أنه كان عليها حل القضية منذ بداية الاعتصام حتى في ظل حديث البعض عن وجود مؤامرة ضدها، فيما يرى آخرون أنه لا يمكن النظر إلى ما يجرى بمعزل عن الوضع السياسي في باكستان وقرب موعد الانتخابات النيابية المقررة عام 2018.