خبراء الاقتصاد يرون أن امتصاص الأزمة في ليبيا يتطلب وقتا لأن العائدات الناجمة عن صادرات النفط ستستغرق وقتا قبل أن تتمكن من جديد من تغطية النفقات العامة الهائلة.
طرابلس - افراسيانت - توقع مصرف ليبيا المركزي، التابع لحكومة الوفاق الوطني، عجز إيرادات البلاد من بيع النفط والغاز عن تغطية رواتب الليبيين في العام الحالي والبالغة 21 مليار دينار ليبي (15.3 مليار دولار).
ورغم ارتفاع إنتاج النفط عن مستوياته قبل عام ليصل إلي مليون برميل يوميا في الوقت الحالي، إلا أن الحكومة لا تزال تحتاج إلى أموال إضافية لتغطية العجز الكبير في الموازنة.
وأوضح المركزي في بيان له أن إجمالي العوائد من صادرات النفط والغاز خلال النصف الأول من العام الجاري بلغ نحو 16.6 مليار دينار ليبي (11.9 مليار دولار).
ويشكل بند المرتبات نحو 57 بالمئة من إجمالي النفقات المقدرة للأشهر الستة الأولى من هذا العام.
وأشار المصرف إلى أن العجز في الإيرادات خلال النصف الأول من العام الجاري، يقدر بنحو 5.9 مليار دينار (3.63 مليار دولار). ولا تشمل هذه البيانات الإنفاق الذي يتم بالتجاوز خارج الترتيبات المالية المعتمدة.
الاقتصاد الليبي دخل في منعطف خطير في ظل النزاعات العسكرية والسياسية التي يشهدها البلد، والتي تمنعه من استغلال احتياطاته النفطية الهائلة
ورغم ذلك اعتبر المصرف أنه “من شأن التحسن في إيرادات النفط نتيجة ازدياد الصادرات، أن ينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني من خلال زيادة الدخل العام وتخفيض عجز الميزانية ودعم قيمة الدينار”. وتعاني ليبيا، أحد أعضاء منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، من أزمة اقتصادية خانقة منذ بداية الأزمة في 2011، بسبب إغلاق الحقول النفطية، وتراجع أسعار النفط، الذي يشكل معظم إيراداتها من النقد الأجنبي.
ودخل الاقتصاد الليبي في منعطف خطير في ظل النزاعات العسكرية والسياسية التي يشهدها البلد منذ سقوط معمر القذافي والتي تمنعه من استغلال احتياطاته النفطية الهائلة.
ويرزح الليبيون تحت وطأة الارتفاع غير المسبوق في الأسعار، وتحدث البنك الدولي في وقت سابق عن تراجع هائل في القدرة الشرائية مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة بلغت 31 بالمئة.
ويعمل المصرف المركزي حاليا بالتعاون مع مجلس النواب في طبرق والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني والمؤسسة الوطنية للنفط ونخبة من الخبراء والمختصين لوضع برنامج إصلاح اقتصادي شامل تتكامل فيه السياسات المالية والتجارية والنقدية.
ومن المتوقع الإعلان عن تلك الاستراتيجية خلال الأسابيع المقبلة. ويقول محللون إن الخطوة قد تساعد في انتشال البلاد من أزمتها.
3.63 مليار دولار، قيمة العجز في الإيرادات الليبية في النصف الأول من العام الجاري
لكن الخبيرة الليبية كريمة منير ترى أن امتصاص الأزمة يتطلب وقتا لأن العائدات الناجمة عن صادرات النفط ستستغرق وقتا قبل أن تتمكن من جديد من تغطية النفقات العامة الهائلة.
وتؤكد الخبيرة أن الاعتماد على النفط أضرّ بشكل كبير بالاقتصاد وشكل ضغطا على الاحتياطات النقدية ولذلك فمن المفترض أن تعمل الدولة على إيجاد أساليب جديدة لتنويع مصادر الدخل كما هو الحال في دول الخليج التي تضررت مـن تراجع أسعار الطاقة.
ومن أجل سد العجز، تستخدم السلطات حاليا احتياطات العملات الأجنبية التي تقلصت في غضون ثلاث سنوات فقط من 107.6 مليار دولار إلى 43 مليارا في العام الحالي، وفق البنك الدولي.
ومع المضاربة والقيود المفروضة على صرف العملة، دخل الاقتصاد الليبي حلقة مفرغة ونشطت السوق الموازية التي لجأ إليها الليبيون لعقد صفقاتهم التجارية تقريبا بعد أن فقدوا ثقتهم في المصارف.
وأدّى هذا الوضع إلى إفراغ رفوف المتاجر، إذ عمد التجار إلى الحدّ من البضائع المستوردة خشية تكبّد خسائر في سوق عملات متقلبة للغاية. وحذر البعض من أن الوضع قد يتفاقم أكثر إذا لم يتمّ إيجاد حل سريع لمشكلة السيولة.