افراسيانت - أطاحت السعودية وإيران امس الثلاثاء بآمال توصل أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" إلى اتفاق في الجزائر هذا الأسبوع، يقيد مستويات إنتاج الخام، بينما قالت مصادر، إن المنظمة وروسيا غير العضو بها لا تزالان تحاولان تضييق هوة الخلافات بين الرياض وطهران.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح للصحفيين "هذا اجتماع تشاوري... سنتشاور مع كل طرف آخر وسنستمع للآراء ولأمانة أوبك وللزبائن أيضا."
وقال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه "إنه ليس وقتا لصناعة قرار." وأضاف في إشارة إلى الاجتماع الرسمي المقبل لأوبك الذي سيعقد في فيينا في الثلاثين من نوفمبر/ تشرين الثاني "سنحاول التوصل إلى اتفاق لنوفمبر."
وتعقد أوبك مباحثات غير رسمية الساعة 1400 بتوقيت جرينتش اليوم الأربعاء كما يلتقي أعضاؤها مع منتجين من خارج المنظمة مثل روسيا على هامش منتدى الطاقة الدولي الذي يضم منتجين وزبائن.
وانخفضت أسعار النفط إلى أقل من النصف منذ 2014 بسبب تخمة المعروض من الخام، مما دفع منتجي أوبك ومنافستهم روسيا إلى السعي لإعادة التوازن إلى السوق بما يعزز إيرادات صادرات النفط ويدعم موازناتهم.
والفكرة السائدة منذ أوائل 2016 بين المنتجين هي الاتفاق على تقييد الإنتاج على الرغم من أن مراقبي السوق يقولون إن مثل هذا الإجراء لن يقلص وفرة المعروض من الخام.
وتعقد الوصول إلى اتفاق بفعل المنافسة السياسية الشديدة بين إيران والسعودية، اللتان تخوضان عدة حروب بالوكالة في الشرق الأوسط من بينها حروب سوريا واليمن.
وقالت مصادر لرويترز الأسبوع الماضي، إن المملكة العربية السعودية عرضت تقليص إنتاجها إذا وافقت إيران على تثبيت الإنتاج، وهو الأمر الذي يمثل تحولا في موقف الرياض، إذ رفضت المملكة من قبل مناقشة تقليص الإنتاج.
ما تريده إيران
قال عدد من مبعوثي "أوبك" ، إن مواقف المملكة العربية السعودية وإيران ما زالت متباعدة كثيرا. وانخفضت أسعار النفط نحو ثلاثة بالمئة في تعاملات اليوم الثلاثاء.
وقالت ثلاثة مصادر في "أوبك" إن إيران التي ظل إنتاجها عند 3.6 مليون برميل يوميا تصر على حقها في الوصول بمستويات الإنتاج إلى ما يتراوح بين 4.1 و4.2 مليون برميل يوميا في حين تريدها دول الخليج الأعضاء في أوبك أن تثبت إنتاجها دون أربعة ملايين برميل يوميا.
وقال مصدر من "أوبك" على دراية بالمباحثات "لا تتوقعوا أي شيء ما لم تغير إيران رأيها بشكل مفاجئ وتوافق على تثبيت (للإنتاج). لا أعتقد أنهم سيفعلون."
يعتمد اقتصادا السعودية وإيران بشدة على النفط، لكن الأخيرة ترى أن الضغوط تتراجع مع خروجها من سنوات العقوبات. وعلى الجانب الآخر تواجه الرياض عاما ثانيا من العجز القياسي في الموازنة، وتضطر إلى تخفيض أجور موظفي الحكومة.
والتقى وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك مع زنغنة في ما تقول مصادر إنها محاولة جديدة لإقناع طهران بالموافقة على التحرك.
وقالت عدة مصادر أخرى، إن الجزائر وقطر تتحدثان أيضا إلى إيران في مسعى لتأمين اتفاق. وقال زنغنه متحدثا لرويترز بين الاجتماعات بشأن ما إذا كانت هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع "لا أستطيع التكهن."
لعبة إلقاء اللوم
قالت مصادر في قطاع النفط الإيراني إن طهران تريد أن تسمح لها "أوبك" بإنتاج 12.7 بالمئة من إجمالي حجم ما تضخه المنظمة بما يعادل ما كانت تستخرجه قبل 2012 عندما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات إضافية على طهران بسبب أنشطتها النووية.
ورفعت العقوبات في يناير/ كانون الثاني 2016.
وخلال الفترة بين 2012 و2016 زادت المملكة العربية السعودية والدول الخليجية الأخرى الأعضاء في "أوبك" مستويات الإنتاج للمنافسة على الحصة السوقية مع المنتجين مرتفعي التكلفة مثل الولايات المتحدة.
ونتيجة لذلك تعتقد إيران إن حصتها العادلة في الإنتاج يجب أن تكون أكبر من حجم ما تضخه حاليا، والذي تقول، إنه ينبغي أن يزيد حالما توقع طهران على استثمارات جديدة مع شركات نفط عالمية. وارتفع إنتاج المملكة العربية السعودية إلى 10.7 مليون برميل يوميا من 10.2 مليون برميل في الأشهر الأخيرة نتيجة لتنامي الطلب المحلي على تبريد الهواء في فصل الصيف.
وقال جاري روس المراقب المخضرم لأوبك ومؤسس مؤسسة "بيرا" البحثية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا، إن إنتاج المملكة العربية السعودية ارتفع بشدة في الأشهر الأخيرة وحتى إذا تم تخفيضه إلى مستويات ما قبل الصيف سترى إيران أن عرضا لتثبيت إنتاجها أمر غير عادل.
وأضاف "إنه عرض محسوب بعناية لأن المملكة العربية السعودية تعرف أنه لن يكون مقبولا لإيران... السعودية تريد أن تلقي باللوم على إيران في عدم تحرك أوبك في (اجتماع) الجزائر."
وقال بيارني شيلدروب كبير محللي السلع الأولية لدى إس.إي.بي ماركتس "لا يمكننا أن نرى كيف من المحتمل أن تقبل إيران العرض السعودي. سيبدو الأمر كمطالبة سجين خرج لتوه بعد قضاء سنين طويلة في السجن بالرجوع إلى محبسه."
أضاف أن عدم التوصل إلى اتفاق في الجزائر سينتج عنه ضغطا نزوليا أكبر على النفط، إذ ستحافظ السعودية على مستويات الإنتاج المرتفعة وستعزز إيران الإنتاج أيضا.
غير أن الفالح قال، إنه متفائل إزاء سوق النفط على الرغم من أن عودة التوازن تأخذ وقتا أطول مما كان متوقعا.
وأشار إلى أن مخزونات الخام التي بلغت مستوى قياسيا على المستوى العالمي، بدأت تتراجع، وقال، إن الوتيرة التي سيحدث بها هذا "تعتمد أيضا على اتفاقية الإنتاج. إذا حدث إجماع على واحدة في الأشهر القليلة المقبلة فستكون المملكة العربية السعودية مع الإجماع."