افراسيانت - تركة ثقيلة من الديون الخارجية، وتعثر لـ5 سنوات بسبب الثورة، وغياب الاستقرار الاقتصادي، كلها عوامل أدت إلى تفاقم أزمة الدولار وزيادة عجز الميزانية وتراجع الاحتياطي النقدي لمصر.
فالاحتياطي النقدي، الذي أعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع قيمته بالعملات الأجنبية إلى 17.54 مليار دولار مع نهاية يونيو/حزيران الماضي، واجه مخاطر جمة مع تأخر وصول ودائع سعودية وإماراتية بقيمة 4 مليارات دولار، كان من المقرر أن تنقذ الوضع وتجمد هذا التعثر في ظل إقدام البنك المركزي على سداد آخر ديون مستحقة لمصلحة قطر على مصر بقيمة مليار دولار، مقابل سندات كانت قد طرحتها مصر في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، وقام بتغطيتها بنك قطر الوطني.
كذلك سدد البنك المركزي نحو 720 مليون دولار من مديونيات مصر لمصلحة نادي باريس الذي تبلغ مستحقاته على مصر، بحسب آخر بيانات صادرة عن البنك المركزي، نحو 3.55 مليار دولار قبل سداد مبلغ الـ720 مليون دولار.
ومع استمرار حالة الغموض في موقف الودائع السعودية والإماراتية التي لم تصل إلى البنك المركزي، لجأت الحكومة إلى صندوق النقد الدولي، الذي وافق مبدئياً على إقراض مصر 12 مليار دولار وفقاً لبرنامج زمني أعقب إعداد بعثة الصندوق لتقرير شامل عن وضع الاقتصاد المصري وفرص تعافيه عبر برنامج إصلاح هيكلي تعهدت الحكومة بتنفيذه يتضمن خفض دعم الطاقة والمواصلات وترشيد دعم الغذاء وإقرار قانون ضريبة القيمة المضافة.
لكن الأزمة بدأت في الانفراج بعد إعلان محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، قبل يومين عن وصول وديعة صندوق أبوظبي للتنمية في البنك المركزي، البالغة مليار دولار لمدة 6 سنوات. إذ لفت إلى أنها جاءت في الوقت المناسب، لأنها ستدعم الاحتياطي النقدي في البلاد، كما ستسهم في استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار خلال الفترة المقبلة.
أما تعهدات السعودية، فلا تزال معلقة، وفقا لتصريحات وزيرة التعاون الدولي المصرية سحر نصر، بتوقيع اتفاقية مع المملكة قبل عدة أشهر للحصول على وديعة بقيمة ملياري دولار، لكنها لم تحدد موعد وصول الوديعة؛ الأمر الذي أرجعه مراقبون إلى الظروف الاستثنائية التي تمر بها السعودية، وخاصة مع استمرار الحرب في اليمن وتراجع أسعار النفط، فيما أرجع آخرون عدم وصول الودائع السعودية إلى تعثر اتفاق ترسيم الحدود البحرية المصرية-السعودية، الذي تنتقل بموجبه ملكية جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة، وما تلاه من صدور حكم قضائي ببطلان هذا الاتفاق.
ولا ينفصل الوضع الاقتصادي المصري عن طبيعة المشهد السياسي القائم بعد 30 يونيو/حزيران 2013 وما تلاه من محاولات تضييق الخناق على الاقتصاد من قبل قوى دولية على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أطاح نظام حكم الإخوان، المدعوم وفق كثير من المحللين من الولايات المتحدة، وهو ما دفع الرئيس إلى القول إنه لم يقدم تنازلات خلال العامين الماضيين من حكمه لأي من العواصم التي مارست ضغوطاً على القاهرة، وذلك حفاظاً على استقلالية القرار المصري وإن بدت ملامح الحصار السياسي والاقتصادي تتجدد مع إعلان السيسي اعتزامه الترشح لولاية ثانية إذا ما حظي بتأييد شعبي لهذا القرار.
محمد سويد - القاهرة