افراسيانت - حملت حكومة عبدالله الثني أول شحناتها من النفط الخام في تحد للسلطات في العاصمة طرابلس، وهي خطوة جريئة قد تعمق الانقسامات التي أدخلت البلاد في حالة من الفوضى منذ سقوط معمر القذافي.
لقد مثلت أحقية تصدير النفط نقطة الصدام الأولى بين الحكومة المؤقتة التي تتخذ الشرق مقرا لها وحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.
وفي خطوة وصفها مراقبون بالجريئة قامت الحكومة المؤقتة عن طريق الشركة الوطنية للنفط الموازية التي كانت أسستها منذ أشهر، بتصدير أول شحنة للنفط بقيمة 650 برميلا من الخام.
وأقامت الحكومة في الشرق مؤسسة وطنية للنفط موازية لتلك التي تتخذ من طرابلس مقرا لها والمعترف بها دوليا باعتبارها الجهة الشرعية الوحيدة التي تملك حق بيع النفط الليبي، حيث تحاول منذ فترة طويلة بيع النفط لكن المؤسسة في طرابلس أحبطت جهودها حتى الآن بدعم من الدول الغربية.
وتقول المؤسسة الرئيسة في طرابلس والتي سبق وأن أعلنت ولاءها لحكومة الوفاق، إن أي مبيعات من منافستها في الشرق تعد انتهاكا لقرارات مجلس الأمن الدولي وتعرض مستقبل الاقتصاد الليبي للخطر.
وفي محاولة لكبح جماح الحكومة المؤقتة، طالب مبعوث ليبيا لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي من مجلس الأمن الدولي وضع السفينة المحملة بالنفط على القائمة السوداء.
ومن جانبها أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها بشأن مبيعات النفط الليبي خارج الأطر القانونية، وأضافت أن جميع المبيعات ينبغي أن تمر عبر المؤسسة الوطنية للنفط التي مقرها طرابلس.
كتائب عسكرية من مصراتة تتجه إلى سرت لتحريرها
طرابلس - قالت مصادر أمنية ليبية، إن قوة عسكرية ليبية موالية لحكومة الوفاق، انطلقت، من مدينة مصراتة (غرب)، ووصلت إلى منطقة غرب مدينة سرت (وسط)، الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش منذ أكثر من عام، للمشاركة في تحرير المدينة من التنظيم.
ووفق مصادر إعلامية فإن القوة العسكرية التي تأخذ تعليماتها مباشرة من المجلس العسكري لمدينة مصراتة الموالي لحكومة الوفاق الليبية، تتمركز الآن في منطقة الهيشة غرب مدينة سرت.
وتسعى تلك القوات العسكرية، بحسب ذات المصادر، إلى محاصرة مدينة سرت، استعدادًا لتحريرها من سيطرة داعش، دون المزيد من التفاصيل عن عملية التحرير وتوقيتها وآليتها.
وتأتي هذه الخطوة بعد يوم من إصدار عبدالرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية، بيانًا دعا فيه حكومة الوفاق التي يقودها فايز السراج، إلى ضرورة الإسراع في تشكيل قوة عسكرية من مناطق مختلفة لتحرير مدينة سرت من المجموعات الإرهابية.
والمجلس الأعلى للدولة الليبية، هو مؤسسة منبثقة عن اتفاق الصخيرات، يضم عددا من الأعضاء المستقلين الذين شاركوا في الحوار السياسي كما يضم أعضاء بالمؤتمر الوطني العام الليبي (السابق)، ودوره استشاري لحكومة الوفاق كما للمجلس الرئاسي، غير أن آراءه ملزمة في بعض الملفات المتعلقة بالأمن القومي.
يشار إلى أن عددا من المقاتلين الموالين لتنظيم داعش، وصلوا إلى سرت مؤخرا، بعد أن تم طردهم من مدينة درنة (شمال شرق)، من قبل ما يعرف بـ”مجلس شورى مجاهدي درنة”، الذي يتكون من مسلحين انتظموا في كتائب غير تابعه لأي جهة رسمية، أهمها “بوسليم”، و”ثوار درنة” و”صلاح الدين”، قبل أن يلتئموا في “مجلس شورى مجاهدي درنة”. ويسيطر داعش، على سرت بالكامل منذ بداية 2015، الذي أعلنها التنظيم عاصمة ما يسميها ولاية طرابلس التي تضم وفق تصنيف التنظيم، كامل الغرب والجنوب الليبي.
وفي المقابل يصر البرلمان المنعقد شرقا على قانونية وأحقية الحكومة المنبثقة عنه باتخاذ هذه الخطوة، وفي هذا الصدد قال المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب فتحي المريمي في تصريح لـ”العرب” إن عملية شحن النفط تمت بطريقة قانونية وعبر المؤسسة الوطنية للنفط التابعة للحكومة الشرعية.
ونفى المريمي ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول إقدام مالطا على احتجاز السفينة قائلا “إن السفينة لم يتم حجزها بل وصلت إلى مالطا وهي القبلة المتجهة إليها بالأساس” .
وبحسب مراقبين فإن هذه التصريحات تأتي في إطار تضييق الخناق على الحكومة المؤقتة، استجابة لدعوة مجلس الأمن السابقة والتي دعا من خلالها دول العالم إلى عدم التعامل مع حكومة طبرق.
ومن جهته رد عضو مجلس النواب صالح افحيمة على تصريحات الخارجية الأميركية قائلا “من حق دول العالم أن تدافع عن مصالحها مع ما يعرف بحكومة الوفاق والتي هي غير شرعية حتى الآن لأنها لم تحظ بثقة البرلمان”. وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “حكومة الثني أيضا من حقها بل من واجبها أن تدير موارد البلاد لتوفر للشعب احتياجاته من سيولة نقدية في البنوك وسلع تموينية ووقود ودواء وغيرها من الاحتياجات الحياتية”.
وتسعى حكومة الوفاق منذ دخولها إلى طرابلس للسيطرة على قطاع إنتاج النفط، ولئن أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس عن تأييدها لحكومة الوفاق، إلا أن تواصل الانقسام وعدم منح الثقة للحكومة من قبل البرلمان يقفان عائقا أمام تحقيق هذا الهدف.
وكان نائب رئيس حكومة الوفاق موسى الكوني قد صرح بأن حكومتهم تعول على إعادة إنتاج وتصدير النفط حتى تتجاوز البلاد حالة العجز المالي الذي تعيشه جراء الانقسام السياسي.
وتعول حكومة الوفاق على استرجاع نسق تصدير النفط الذي تراجع بنسبة 78 بالمئة مقارنة بخمس سنوات مضت. وتنتج ليبيا اليوم حوالي 360 ألف برميل نفط في اليوم وذلك نتيجة لعدم الاستقرار الذي تشهده البلاد.
وفي بيان عكس حدة التنافس بين الحكومة المؤقتة وحكومة الوفاق أكد المجلس الرئاسي، أنه تلقى بالكثير من القلق رسالة من المؤسسة الوطنية للنفط، معززة بتقارير أمنية من احتمال وقوع هجمات إرهابية على بعض المواقع النفطية البحرية.
وأفاد المجلس بأن هدف هذه التحركات هو السيطرة على الحقول النفطية، في خطوة الغرض منها خلط الأوراق وإفساد مشروع الوفاق الوطني، والسيطرة على مصدر قوات الليبيين، وابتزاز حكومة السراج.
وكان تنظيم داعش قد شن في يناير الماضي سلسلة هجمات هي الأعنف من نوعها على منطقتي السدرة وراس لانوف في سعي للسيطرة على ميناءي تصدير النفط هناك لكنه فشل في ذلك بعد أن تصدى له حرس المنشآت النفطية، وتسبب الهجوم حينها في احتراق 7 خزانات نفطية ظلت مشتعلة لأكثر من أسبوع قبل أن يتمكن رجال الإطفاء من إخمادها.