افراسيانت - إيهاب نافع - شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس النواب (الدوما) الروسي سيرغي ناريشكين على تطلعهما إلى استئناف الرحلات الجوية بين البلدين قريباً.
رئيس مجلس النواب الروسي في زيارة إلى القاهرة، هي الأولى من نوعها لرئيس الدوما إلى مصر، حيث التقى الرئيس السيسي، كما زار مجلس النواب المصري وأجرى مباحثات والوفد المرافق له مع رئيس المجلس علي عبد العال، حضرها وكيلا مجلس النواب ورؤساء الهيئات البرلمانية لمختلف القوى والأحزاب السياسية، حيث وجه الدعوة إليهم لزيارة الدوما، مؤكداً تقدير روسيا لدور مصر في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وتطلع بلاده إلى تعزيز علاقات التعاون البرلماني بين البلدين وتبادل الزيارات والخبرات بين أعضاء المجلسين.
مباحثات ناريشكين مع البرلمان المصري أكدت تطابق وجهات النظر بين البلدين في العديد من القضايا: منها السعي لعودة السياحة الروسية إلى مصر، ومكافحة الإرهاب، "الذي لا دين له ولا وطن!"، والحل السياسي السلمي للأزمة السورية، وإلى غير ذلك من القضايا؛ كما جرى الاتفاق على إنشاء لجنة للصداقة البرلمانية المصرية الروسية.
القاهرة شددت خلال زيارة رئيس الدوما على تعزيز التعاون مع موسكو في المجالات كافة، والاستفادة من الزخم، الذي تشهده العلاقات مع روسيا خلال الفترة الأخيرة؛ الأمر الذي يؤكد عملياً عدم تأثر الصلات الاستراتيجية بين البلدين بحادث سقوط الطائرة الروسية في أجواء سيناء المصرية في الـ31 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والذي أدى في الـ6 من تشرين الثاني/نوفمبر إلى تعليق موسكو الرحلات الروسية لمصر، وفي الـ14 من تشرين الثاني/نوفمبر إلى حظر السلطات الروسية تحليق طائرات شركة "مصر للطيران" في الأجواء الروسية.
قضية عودة الطيران الروسي إلى مصر - قال عنها نائب وزير النقل الروسي فاليري أوكولوف إن وزارة النقل قد تحدد خلال أسبوع التدابير الإضافية اللازمة لها؛ مشيراً إلى عودة الوفد الأمني، الذي زار القاهرة ما بين 19 – 23 كانون الثاني/يناير، والذي يعمل على إعداد تقرير مفصل، من المقرر أن ينجز خلال أسبوع على الأكثر، سيتم بناء عليه تحديد حجم ونطاق التدابير الإضافية اللازمة لاستئناف الرحلات الجوية إلى مصر.
وفي القاهرة أعرب المتحدث باسم وزارة الطيران المصرية محمد رحمة عن تعويل مصر على عودة السياح الروس إلى منتجعاتها في شهر شباط/فبراير المقبل؛ وهو الأمر الذي تسعى إليه مصر بقوة، ولا سيما أن السائحين الروس، الذين كانوا يقصدون المنتجعات المصرية سنويا، كان عددهم يتجاوز ثلاثة ملايين سائح، وكانوا يشكلون نحو ثلث العدد الإجمالي للسياح، الذين يزورن مصر، التي تشكل عائدات قطاع السياحة نحو 12% من إجمالي دخلها القومي.
وقد شهدت الأيام الأخيرة زيارات مكوكية بين مسؤولين من الجانبين، فالاسبوع الماضي شهد لقاء تنسيقيا مهما جمع نائب وزير الخارجية الروسي أوليغ سيرومولوتوف بنظيره المصري محمود سامي ومستشارة الرئيس المصري لشؤون الأمن القومي فائزة أبو النجا ومستشار الرئيس المصري لشؤون مكافحة الإرهاب أحمد جمال الدين، حيث اتفق الجانبان على ضرورة تعميق التعاون والتنسيق لمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وإنشاء آلية مشاورات دورية لمناقشة الموضوعات المتعلقة بالإرهاب الدولي، وتنسيق الجهود بشأنها سواء في إطار الأمم المتحدة، في ضوء ترؤس مصر حاليا لجنة مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن الدولي، أم على المستوى الثنائي.
وبعيداً عن الشراكات الاقتصادية والعسكرية المتنوعة بين مصر وروسيا، والتي يتصدرها بناء روسيا لمفاعل "الضبعة" النووي، الذي يحقق حلما مصريا تعطل لنحو نصف قرن - أعلن وزير الصناعة والتجارة المصرية طارق قابيل والسفير الروسي لدى القاهرة سيرغي كيربيتشينكو عزم موسكو والقاهرة على توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء منطقة صناعية روسية في منطقة قناة السويس، وذلك خلال اجتماع اللجنة الاقتصادية الحكومية المشتركة نهاية الشهر الجاري.
وسيترأس وزير الصناعة والتجارة الروسي دينيس مانتوروف وفدا يضم ممثلين عن 60 شركة روسية راغبة في تنفيذ مشروعات في البنية التحتية المصرية وفي مجال الطاقة، إضافة إلى توريد آلات ومعدات ووسائل نقل؛ وفضلاً عن مذكرة التفاهم الخاصة بإنشاء منطقة صناعية روسية في مصر، سيتم توقيع اتفاق بين الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة وعدد من المصارف المصرية. وذلك في إطار مشروع لإنشاء صندوق مشترك للاستثمارات بين روسيا ومصر والإمارات بقيمة 5 مليارات دولار، ليوفر الصندوق المشترك التمويل اللازم لمشروعات مشتركة بين البلدين كسكك الحديد ومركز خدمات لوجيستي ومشروع لبناء صوامع للحبوب في مصر.
وبعيدا عن الصلات الاقتصادية والسياسية والبرلمانية، يتوجه وفد من طلاب قائمة "تحيا مصر" الجامعية مكون من 11 طالبًا وطالبة إلى جامعتين روسيتين، إحداهما جامعة سان بطرسبرغ، حيث سيتم تنظيم عدد من الندوات واللقاءات مع الجانب الروسي تستمر لمدة شهر كامل، للتأكيد على الأمن والأمان فى البلاد، ودعم السياحة وتنشيطها.
العلاقات المصرية الروسية آخذة في التنامي الملحوظ؛ هذا ما أكدته أستاذة العلوم السياسية الدكتورة نورهان الشيخ، موضحة أن العلاقات بين مصر وروسيا أعمق وأوثق من أن تعصف بها أزمة مهما بلغت حدتها، و"يمكن اعتبار حادث الطائرة اختباراً لقوة هذه العلاقة ولحرص الطرفين على الدفع بها قدما، وعلى التعاون بينهما لتجاوز العثرات، وتوطيد الشراكة على المستويين الرسمي والشعبي"؛ وأشارت الدكتورة الشيخ إلى أن روسيا حسمت خيارها باتجاه مصر، وأبدت إرادة واضحة في استعادة مصر حليفا استراتيجيا لموسكو، وهو الأمر نفسه، الذي أبدته القاهرة تجاه توثيق الصلات بين البلدين في شتى المجالات، التي تأتي على رأسها المصالح المشتركة عبر مشروعات كبرى واستراتيجية كمشروع "الضبعة" والتعاون العسكري الحثيث، وأخيرا إنشاء المنطقة الصناعية الروسية .