افراسيانت - حسين محمد - تتكثف الجهود الإقليمية والدولية لتوحيد وفد المعارضة السورية لمفاوضات مؤتمر"جنيف 3" المفترض عقده بداية العام المقبل، في وقت تشهد دول إقليمية استقطابات حول هذه المسألة.
وفي هذا الإطار التقى موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أعضاء في الائتلاف السوري المعارض لمناقشة طبيعة المرحلة السياسية المقبلة ومناقشة مسألتين رئيسيتين:
1ـ ضرورة انجاح مؤتمر الرياض لتوحيد المعارضة، ذلك أن فشل المؤتمر سيؤدي إلى نقل الملف إلى الأمم المتحدة التي ستكون هي المسؤولة عن عملية توحيد المعارضة، الأمر الذي يعني أن الائتلاف مطالب بالليونة قليلا في هذه المسألة، أي أن يتفهم بأنه لن يكون الممثل الوحيد للمعارضة وإن كان يمثل الثقل الأقوى فيها.
2ـ ضرورة التنازل قليلا فيما يتعلق بعقدة الأسد، حيث يحاول المبعوث الأممي توصيل رسالة للائتلاف بأن ورقة فيينا اهتمت بعملية وقف إطلاق نار شامل مرتبط بعملية سياسية ذات مصداقية تساعد في القضاء على تنظيم "داعش".
بعبارة أخرى، يسعى دي ميستورا إلى إقناع الائتلاف بالحوار مع الحكومة السورية، وقبول الأسد لفترة انتقالية وفق ما تم التفاهم عليه في فيينا، على أن لا يكون جزءا من مستقبل سوريا، وهو ما أكده وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في الدوحة أمس حين قال "من الممكن توسيع نطاق التعاون مع روسيا بشأن سوريا لكن مثل هذه الخطوة يجب ألا تثني جماعات المعارضة عن السعي للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد".
لكن الائتلاف مازال متمسكا بموقفه الذي يعتبر بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2118 هما المرجعية لورقة فيينا، أي التأكيد على هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات، بما فيها صلاحيات رئيس الجمهورية، وهذا ما يؤكد خلو المرحلة الانتقالية من الأسد ومنظومة الحكم القائمة.
ويحاول المبعوث الأممي توسيع دائرة مباحثاته لتشمل الفصائل العسكرية، إذ من المقرر أن يلتقيهم اليوم في إسطنبول، لمناقشة العملية السياسية وعمليات وقف إطلاق النار، وتقديم شرح لما حدث في مباحثات فيينا الأخيرة.
ويتبنى قادة الفصائل العسكرية موقفا مطابقا لموقف الائتلاف من مصير الأسد في المرحلة الانتقالية، وهو موقف يلقى دعما تركيا وسعوديا وقطريا، وتحاول الرياض التي تستضيف مؤتمرا للمعارضة السورية مفترض عقده منتصف الشهر المقبل، أن يمثل المؤتمر وجهة نظر الدول الإقليمية الداعمة للمعارضة، بحيث تستبعد منه القوى التي ترفض السقف السياسي لهذه العواصم الثلاث.
ولذلك حصرت السعودية الدعوة بهيئتين سياسيتين، هما الائتلاف وهيئة التنسيق، في حين دعي الآخرون بصفتهم الشخصية، على أن يكون الائتلاف بحسب التسريبات السياسية القائد الفعلي للمفاوضات، وأن لا يخرج المؤتمر المخصص لتوحيد المعارضة عن الحدود السياسية المرسومة.
وعند هذه النقطة يحدث التجاذب الإقليمي، خصوصا بين هذه العواصم الثلاث الداعمة للائتلاف من جهة والقاهرة وعمان وأبو ظبي ومسقط وبغداد الداعمة لهيئة التنسيق من جهة ثانية.
تحاول الرياض وحلفاؤها تعويم الائتلاف، في حين يحاول المحور الثاني بقيادة القاهرة تعويم هيئة التنسيق، أو على الأقل أن تتقاسم مع الائتلاف عملية تمثيل المعارضة على طاولة المفاوضات.
وعلى الرغم من تطابق ورقة الائتلاف التي أطلقها منتصف شباط / فبراير الماضي المعروفة باسم وثيقة المبادئ الأساسية للتسوية السياسية في سورية، مع مقررات اجتماع "القاهرة 2" في حزيران / يونيو الماضي بقيادة هيئة التنسيق، إلا أن الدول الداعمة للائتلاف لا تثق بهيئة التنسيق، فكثير من تصريحاتها لا تصب في الخط السياسي الذي يتبناه الائتلاف، وإن كانت مقررات "القاهرة 2" متطابقة إلى حد بعيد مع رؤية الائتلاف، كما تخشى الرياض والدوحة وأنقرة من الدول الداعمة لهيئة التنسيق، وهي الدول التي تأخذ موقفا رماديا من الأزمة السياسية في سوريا، وتتبنى موقفا قريبا من دمشق في ضرورة إعطاء الأولوية لمحاربة الإرهاب قبل أي شيء.
وتتبنى الرياض والدوحة وأنقرة موقفا راديكاليا يتمثل في رفض وجود أي دور للأسد في أي مرحلة انتقالية، وهو ما ترفضه معظم الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى.
وتواجه الرياض مشكلة حقيقية، فلا هي قادرة على تشكيل وفد معارض موحد يتبنى كله مواقفها السياسية، ولا هي بصدد أن يفشل مؤتمرها، حتى لا تنتقل عملية توحيد المعارضة إلى الأمم المتحدة في ظل شكوك سعودية بالموقف الأمريكي.
والمشكلة تكمن في أن الرياض مطالبة بالتوفيق بين ثلاث قوائم، الأولى روسية وتضم 38 اسما، والثانية أمريكية تضم 15 اسما، والثالثة عربية وتضم 25 اسما.