افراسيانت - صفوان أبو حلا - تلح "المعارضة المسلحة" في سوريا في مطالبة واشنطن وحلفائها أن تزودها بصواريخ "ستينغر" المضادة للطائرات أملا في قلب الموازين و"ثني موسكو" عن عمليتها الجوية.
ففي هذا الصدد، كتبت صحيفة The Times البريطانية نقلا عن مصادرها، أن "المعارضة" السورية تناشد الولايات المتحدة وحلفاءها إرسال صواريخ "ستينغر" الأمريكية المحمولة على الكتف إلى عناصر "الجيش السوري الحر" لاستهداف الطائرات الحربية الروسية، التي قلبت في غاراتها موازين القوة في صالح القوات الحكومية.
وأشارت الصحيفة، إلى أن سلاح "الجيش السوري الحر" كان يقتصر في البداية على صواريخ "تاو" الأمريكية المضادة للدروع، تسلمها المسلحون بموجب برنامج أعدته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
ونقلت الصحيفة عن أحد المسلحين ممن تلقوا التدريبات في قطر على استخدام الصواريخ المحمولة المضادة للأهداف الجوية قوله، "إننا بحاجة ماسة إلى هذه الصواريخ كحاجة الرضيع إلى حليب أمه. بهذه الصواريخ يمكننا الانتصار".
وعليه، فالولايات المتحدة رغم رغبتها الجامحة في إفشال موسكو في عمليتها الجوية في سوريا، ومساعيها الحثيثة لقلب "النظام السوري" وأركانه، لا تزال حتى الآن تحجم عن تلبية هكذا رغبات، أو إشباع "غرائز" من هذا القبيل تتحكم بالمسلحين كما شهوة الرضيع للبن أمه.
واشنطن وكما أظهرت التجربة، لا تخشى وقوع الأسلحة في أيدي إرهابيين، إذا كانوا بعيدين عن أراضيها وهي وراء المحيط، أو كانوا "معتدلين" رغم جرائمهم العلنية.
ما يردع البيت الأبيض حتى الآن، ويثنيه عن الإقدام على مثل هذه الخطوة، ربما يكمن في خشية وصول هذه الأسلحة إلى أيدي "إرهابيين أشرار" قد يستخدمونها ضد طائرات مدنية ربما تكون أمريكية، أو حليفة.
دعاة الحرب في واشنطن يصرخون، سلحوا "المعارضة المعتدلة" في سوريا وزودوها بما تشتهي حتى نتخلص من "النظام ونتيح للشعب السوري الديمقراطية والعيش الرغيد. لا يمكن إحلال السلام في سوريا بوجود الأسد ونظامه وجيشه. لا بد من التخلص منه". إلا أن البيت الأبيض لن يصغي لهم حتى الآن، ورغم حسرتهم، إدراكا منه لطبيعة الأهداف المحتملة لصواريخ كهذه.
روسيا، وعلى لسان كبار مسؤوليها السياسيين والعسكريين طالما أعادت إلى أذهان واشنطن وصقورها أنه لا يمكن تصنيف الإرهابيين بين أشرار وخيرين، فالإرهاب جريمة تعاقب عليها كل الشرائع، وينبغي على العالم المتحضر نبذه ومكافحته بسائر أشكاله.
وذكرت موسكو واشنطن كذلك، بأن اعتداء الـ11 من سبتمبر/أيلول ما كان له أن يتم لولا نشوء الزمر الإرهابية والعناصر الهدامة برعاية أمريكية في أفغانستان لمقارعة قوات الاتحاد السوفيتي وإنهاك وجوده هناك.
ورغم هذه التحذيرات والمناشدات الرسمية الروسية، تصدح في سياق التجييش ومحاولات رفع معنويات "المسلحين المعتدلين" على الأرض أبواق الدعاية الحربية من هنا وهناك وتؤكد، وهي على يقين تام ومطلق بوجود ما يسمى "بالجيش السوري الحر" على الأرض، أن هذا "الجيش" ليس بحاجة إلا لهذا النوع أو ذاك من السلاح لقلب موازين الحرب في صالحه، والإطاحة "بالنظام"، وجلب الديمقراطية وتعميمها في أرجاء العراق والشام.
وفي الرد على هذا المنطق يتبادر إلى أذهان العارفين السؤال، ما هي الأصناف التي لم تصل إلى أيدي "المسلحين المعتدلين" في سوريا بعد، وما هو نوع السلاح الذي لم يمعنوا حتى الآن في استخدامه ضد الجيش السوري والمدنيين تارة، وضد غرمائهم في تقاسم الأموال والامتيازات تارة أخرى، وهذا بعد أن باتت الاستخبارات التي دربتهم وأنشأتهم تجهل هوياتهم وتعجز عن توجيههم.
المعجبون بالمسلحين "المعتدلين" والواثقون بنصرهم "المؤزر لا محالة" لم يفقهوا بعد، ما قالته روسيا دحضا لمنطقهم في عمليتها الجوية في سوريا، ويتجاهلون أيضا القدرة التي أظهرتها سفنها الحربية بصواريخها بعيدة المدى وفائقة الدقة التي قطعت 1500 كم وطالت تحصينات المسلحين ومعاقلهم.
والسؤال الذي لا يحمل التأجيل، هل أن هؤلاء سيستمرون على منوالهم هذا ويحشدون، هل سيتمكنون من تسليح "الجيش السوري" الحر إن وجد أصلا على الأرض بمثل هذه الصواريخ "الفتاكة"، أو أنهم سيعملون على تسريبها من هذا البلد أو ذاك لتصل إلى هذه الجهة أو تلك في سوريا "دون دراية من البيت الأبيض واستخبارات واشنطن"؟ وإذا ما حدث ذلك فعلا، فهل أن الطائرات التي ستقع في مرمى "ستينغر" ستكون عسكرية روسية، وهو مستحيل، أم أنها ستكون مدنية ربما أمريكية أو حليفة؟