• مهمة عباس في احتكار السلطات ستصطدم بمقاومة شرسة داخل الحركة
• التحركات الأخيرة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تؤكد سعيه إلى حصر جميع السلطات بيده وذلك عبر السعي إلى إقصاء كل نفس معارض داخل حركة فتح في مهمة ستعقد الوصول إلى خليفة له على رأس الحركة.
افراسيانت - رام الله (فلسطين) - العرب - كشفت مصادر فلسطينية أن الخطوة التي أقدم عليها رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عبّاس (أبومازن) الذي أعلن استقالته من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير مع ثمانية أعضاء آخرين تستهدف تجميد عمل اللجنة.
وبحسب النظام الأساسي للمنظمة فان اللجنة التنفيذية تتألف من “خمسة عشر إلى ثمانية عشر عضوا وإذا شغرت العضوية في اللجنة التنفيذية بين فترات انعقاد المجلس الوطني لأي سبب من الأسباب، تملأ الحالات الشاغرة إذا كانت الحالات الشاغرة تقل عن الثلث، ويؤجل ملؤها إلى أول انعقاد للمجلس الوطني”.
وأوضحت المصادر أنّه على الرغم من أن الشكوك ما زالت تحيط بالاستقالة، إلّا أن الموضوع يبدو نوعا من المناورة يُظهر رئيس السلطة الوطنية من خلالها أنّه على غير استعداد لأي تساهل في المواجهة مع خصومه في الداخل الفلسطيني.
وقالت هذه المصادر إن خطوة أبومازن تندرج في سياق الخط الذي اعتمده قبل فترة من أجل التخلص من كلّ من لديه أي اعتراض على القرارات التي يتخّذها.
ومعروف أن منظمة التحرير الفلسطينية هي مرجعية السلطة الوطنية، ذلك أنّ قيام هذه السلطة كان نتيجة اتفاق أوسلو الموقع في العام 1993، وهو اعتراف اتفاق متبادل بين الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ويستهدف أبومازن عمليا من خطوته إزالة ياسر عبدربّه من الخريطة السياسية الفلسطينية وذلك عبر التخلص من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي لا يستطيع إقالة أعضائها.
وتنتخب اللجنة المركزية من قبل المجلس الوطني الفلسطيني الذي يضمّ نحو سبعمئة وخمسين عضوا والذي يصعب التئامه في الظروف الراهنة خصوصا أنّه يضم أيضا ممثلين للشتات الفلسطيني. وكان آخر اجتماع للمجلس الوطني في العام 2009.
وسبق للرئيس الفلسطيني أن انتزع موقع أمين سر اللجنة التنفيذية من ياسر عبدربّه. وعين صائب عريقات، وهو من المطيعين لتعليماته، في هذا الموقع. لكنّه وجد في نهاية المطاف أنّه لا يستطيع المساس بموقع عبدربّه كعضو في اللجنة التنفيذية التي تعتبر، نظريا، أعلى سلطة فلسطينية.
وسبق لأبومازن أن شنّ حملة على كلّ من ياسر عبدربّه ورئيس الوزراء السابق الدكتور سلام فيّاض. واتهم الشخصيتين بالتآمر عليه مع القيادي في فتح محمد دحلان الذي أبعده رئيس السلطة الوطنية من الضفة الغربية وأمر بملاحقته أمام القضاء الفلسطيني.
أبومازن يسعى إلى إزالة ياسر عبدربه من الخارطة السياسية وذلك عبر التخلص من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير
ويعبّر تجميد عمل اللجنة التنفيذية عن مدى التحول في شخصية أبومازن في السنوات القليلة الماضية، خصوصا أن ياسر عبدربّه كان يعتبر في الماضي من أقرب الناس إليه. وكان عبدربه عضوا في الفريق القيادي الفلسطيني الذي أشرف على المفاوضات السرّية مع إسرائيل والتي أوصلت إلى اتفاق أوسلو.
وكان ياسر عبدربه، أعلن في حينه أنه لم يبلغ بإقالته وإنما سمع بأمرها عبر وسائل الإعلام، مؤكدا في بيان أنه تمت إقالته “بدون حضوري ومشاركتي وبلا قرار أو تصويت داخل اللجنة التنفيذية”.
واعتبر أن إقالته “مساس بتاريخنا الطويل المشترك وكل تقاليد وقواعد العمل الوطني الفلسطيني”.
ومن بين آخر الإجراءات التي اتخذها أبومازن في حقّ عبدربّه تجميد عمل مكتب “مبادرة جنيف” في رام الله.
ومبادرة جنيف هي مشروع تسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين توصل إليها عبدربّه مع يوسي بيلين الذي كان في مرحلة ما قبل العام 2000 وبعده من أبرز الوجوه السياسية في إسرائيل.
وفي حال نجح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في تجميد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عبر تقديم عدد من أفرادها استقالتهم، يكون حصر كلّ السلطات بنفسه أكثر من أي وقت من جهة وألغى كل مرجعية للسلطة الوطنية من جهة أخرى.
إبراهيم أبراش: لا بد من الفصل بين رئاسة حركة فتح ورئاسة السلطة
وتأتي خطواته في وقت تعاني السلطة الوطنية الفلسطينية من أزمة مالية عميقة وفي وقت انسدت كلّ آفاق الحلول السياسية والتسويات مع إسرائيل، أقلّه في المدى المنظور.
وحمّل الدكتور إبراهيم أبراش، الرئيس الفلسطيني سوء الأوضاع السياسية خلال عشر سنوات من رئاسته لكل الكيانات الرسمية.
وحذر أبراش أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر–غزة من غياب قيادات كارزمية وازنة يمكنها الإمساك بزمام الأمور ومنع التدهور بعد رحيل أبو مازن، لعدم وجود آليات واضحة لخلافة الرئيس عباس في الرئاسات الأربع التي يحتكرها “حركة فتح ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية والدولة”.
ودعا إلى الفصل بين الرئاسات وخصوصا بين رئاسة حركة فتح ومنظمة التحرير من جهة والسلطة الوطنية من جهة أخرى.
وطالب الأكاديمي الفلسطيني بإعادة ترتيب الوضع الفتحاوي من خلال عقد المؤتمر السابع في موعده، وحل كل الخلافات الداخلية في الحركة .
ونوه أستاذ العلوم السياسية إلى ضرورة رد الاعتبار لمنظمة التحرير واستنهاض مؤسساتها، عبر تجديد عضوية لجنتها التنفيذية، وتفعيل دورها على أسس توافقية وبما ينص عليه قانون منظمة التحرير ويتوافق مع القرارات السابقة الصادرة عن المجلس المركزي للمنظمة.