"صرخة استراتيجية" أردنية ضد "مجموعة الصراع الدائم" في تل أبيب.. إجراءات واستدارات "على الطريق"

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - البقاء في حالة اشتباك وقطيعة علنية مع حكومة اليمين الإسرائيلية لا يعبر فقط عن "رسالة أردنية" بقدر ما يمكن اعتباره وصفة استراتيجية تحاول تحقيق هوامش واستدارات لمواجهة التحدي الجيوسياسي ومروحة الاحتمالات المتسعة التي يمكن أن تعقب ما سمي بمبادرة وقف إطلاق النار في غزة.


الأردن بالمعني الاستراتيجي والأمني والسياسي، يسهر ليله الطويل وفقاً، للتعبير الذي درج على استعماله أثناء النقاشات مع «القدس العربي» رئيس مجلس النواب الأسبق سعد هايل السرور.


والأردن في المقاربة الجيوسياسية يبقى في الموقع الذي لا يمكن لأي «تسوية سياسية-إقليمية» تجاهله عندما يرغب اللاعبون الكبار في حسم أي ملف وفقاً للقراءة التي سمعتها أيضاً عدة مرات «القدس العربي» من الوزير والنائب المخضرم مازن القاضي، المرشح الأقوى حالياً، قبل 5 أيام فقط من انعقاد دورة البرلمان الجديدة لرئاسة مجلس النواب.


وجود شخصية سياسية بخلفية «أمنية عميقة» مثل القاضي على رأس السلطة التشريعية في عمان، خطوة يحب بعض المحللين قراءتها في سياق «الاستعداد لتحولات واستدارات» محتملة في ملفات أساسية أو حساسة على الصعيد الإقليمي.


لكنها ليست ولن تكون طبعاً الخطوة الوحيدة، حيث يمكن القول إن التغيير الذي سيحصل قريباً في مؤسسة السلطة التشريعية جزء حيوي من خطة وقائية أشمل وأعمق، قد تتضح بعض خطوطها وملامحها في الأيام القليلة المقبلة.


القاضي درج على القول إن من يرغب في تسوية لأي أزمة كبيرة في الجوار عليه حتماً التوقف عند محطة المصالح الأردنية.


والأهم أن عمان وبتقدير المحلل الاستراتيجي البارز الجنرال المتقاعد قاصد محمود، باتت تدرك مسبقاً كيف يمكن تحويل «الجغرافيا السياسية» إلى ورقة رابحة بدلاً من جعلها مجرد «عبء إضافي» كما يخطط «يمين إسرائيل».


ما يقترحه الجنرال محمود في السياق، هو انتباه الساسة واللاعبين؛ لأن الحصار الجيوسياسي الذي يحاول اليمين الإسرائيلي المجرم فرضه على مصالح الأردن الإقليمية ليس في فلسطين المحتلة فقط، بل في لبنان وسوريا والعراق- يمكن تحويله إلى «منحة» سياسية تنطوي على تقدير مسبق للإمكانات والهوامش.


تلك منحة تحتاج إلى جرأة لا تنقص لدى المؤسسات العميقة الخبيرة، خصوصاً بعدما أثبت يمين إسرائيل عدوانيته التي لا يستهان ولا ينبغي أن يستهان بها في الاتجاه المضاد لمصالح الأردن، شريطة ألا يبالغ المراقبون -برأي المحلل السياسي الدكتور رامي عياصرة- في قراءة «المخاطر»؛ لأن الخبرة الأردنية تقرأ الممحو إسرائيلياً، وتملك أدوات التأثير والرد والاشتباك مع الإقرار بالنقص الأخطر والأهم المتمثل في «غياب الحليف والصديق الأمريكي» القديم عندما يتعلق الأمر بضمانات الحد من طموحات اليمين التوسعية.


غياب ضمانات واشنطن المعتادة قد يمثل السبب المرجح سياسياً وتقنياً وأمنياً لسيناريو إعلان القطيعة التامة مع يمين إسرائيل ولإظهار جاهزية أردنية مباشرة تتمأسس على الثقة بالقدرة على المواجهة ورد الاشتباك ضمن المعادلة التي كان يقترحها دوماً رئيس مجلس الأعيان المخضرم فيصل الفايز، عندما يطرح معادلة «لا نستطيع إعلان الحرب على إسرائيل، لكننا جاهزون للدفاع عن أنفسنا».


الأردن في حال قرر «يمين إسرائيل» الاسترسال في استهدافه، لديه -برأي الجنرال محمود- «أوراق قوة مركزية» يعرفها المستوى العميق عند العدو جيداً، لا بل يخشاها كما يعلم الخبراء. ولديه أيضاً -وفقاً لتوصيف المستشار القانوني الدولي الدكتور أنيس القاسم- الحق القانوني المباشر في استخدام «الخيار العسكري» في حالة إعلان الحرب على المملكة بالضم أو تحريك السكان، دون أن يصنف الرد هنا بأنه مخالف لقواعد الشرعية الدولية. إسرائيل تعرف ذلك، والمجتمع الدولي يفهمه – قال القاسم وهو يشرح لـ «القدس العربي».


وعليه، يمكن الاستنتاج سياسياً بأن عمان وهي تدرك تداعيات «القطيعة التامة» مع اليمين الإسرائيلي، تحترز على هوامشها في المناورة والاستدارة لتحسين المواقع التفاوضية في وجه أي تسوية مقترحة، ما قد يبرر لاحقاً التعديلات التي ستطال مجلس النواب، كما يبرر إمكانية انضمام «لاعبين سياسيين» جدد إلى حلقة القرار وبرمجته وتنفيذ التوجيهات.


ويمكن الاستنتاج أيضاً بأن إعلان «عدم وجود أي ثقة» بنتنياهو ومجموعته التي تحترف «إدامة الصراع» ليس أقل من «صرخة أردنية واقعية» بالمدلول السياسي، لها كلفتها ونتائجها، وتعبر عن استراتيجية وتكنيك «الاشتباك» مرحلياً من حيث الكلفة والتداعيات، على أمل أن تستيقظ الحالة الأمريكية وتعود للمسار الوحيد الذي يضمن مصالح الأردن، وهو استبدال طاقم نتنياهو المتخصص بـ «إدامة الصراع» بطاقم آخر يتعاون مع استئناف عملية سلام أو تسوية ما، حدها الأدنى تجنب «ضم الضفة الغربية».


إلى أن يحصل ذلك وتظهر مؤشرات الانتخابات الإسرائيلية المبكرة المقبلة الأردن، يواصل الاشتباك ويعلن عدم توفر أي إمكانية لـ «التكيف» مع مجموعة الحرب التوسعية الإسرائيلية.


وفي الأثناء، ثمة خطوات لتحصين الجبهة الداخلية، وتقارب استثنائي مع أوروبا، وسيناريو «توحيد الكلمة العربية»، واستمرار الضخ في الاتجاه الأمريكي دبلوماسياً مع «نبرة» تحدّ تستعد لكل الاحتمالات في مواجهة مسار التوسع المقترح من جهة طاقم تل أبيب الحالي.

 

©2025 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology