افراسيانت - حذر وزير القوات الجوية الأميركية السابق، فرانك كيندال، من أن الخوف يتسلل بهدوء إلى مؤسسات الدولة الرئيسية تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب.
وقال إنه رأى هذا الخوف خلال الأشهر الماضية "يتسرب إلى جيشنا، وخدمتنا المدنية، والجامعات، ومكاتب المحاماة، والمناصب القيادية في الشركات والمنظمات غير الربحية".
وفي مقال له بصحيفة نيويورك تايمز، قارن كيندال -الذي عمل وزيرا في إدارة الرئيس السابق جو بايدن- المناخ السياسي السائد في الولايات المتحدة حاليا بما كانت عليه الأوضاع في إدارات سابقة.
وضرب مثالا على ذلك بأن معارضة سياسات الحكومة -خاصة برنامج التعذيب في عهد الرئيس جورج بوش الابن- لم تكن تثير الخوف من الانتقام كما هي الحال الآن.
ويعني كيندال بذلك على وجه التحديد برنامج "الاستجواب المعزز"، الذي استخدمته وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ضد المشتبه بهم بالإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على مدينتي نيويورك وواشنطن العاصمة.
وأشار إلى أنه كان من معارضي برنامج التعذيب المذكور، إذ كان بالإمكان آنذاك معارضة سياسات الحكومة دون خوف من رد فعلها ودون قلق بشأن الاعتقال أو التحقيق التعسفي، أو قطع أي تمويل حكومي أو التعرض لهجوم شخصي وحشي على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الصحافة.
أما اليوم -على حد تعبيره- فإن ضباط الجيش يُقالون من الخدمة العسكرية دون مبرر، وموظفو الدولة يُطردون، والمهنيون يُدرجون على "القوائم السوداء" -ومنهم هو نفسه- لمجرد انتقادهم إدارة الرئيس ترامب، الذي "لا يتقبل المعارضة، ويستخدم الخوف لقمعها".
وتطرق كيندال -في مقاله- إلى ما يحدث حاليا في مؤسسات الدولة الرئيسية كل على حدة، بادئا بالجيش والخدمة المدنية باعتبار أن لديه خبرة طويلة معهما ويحافظ على تواصل وثيق بهما.
وقال إن الخوف في وزارة الدفاع (البنتاغون) اليوم واضح وملموس، فعمليات طرد كبار الضباط في القوات المسلحة دون سبب كانت بمنزلة رسالة "مرعبة" موجهة إلى كل من يرتدي الزي العسكري.
ووصف إقالة كبار الضباط العسكريين، وعمليات الطرد الجماعي لموظفي الحكومة الفدرالية، والمدنيين في البنتاغون، بأنها إجراءات غير مسبوقة ترمي إلى القضاء على المعارضة، واستبدال المهنيين بأصحاب الولاء السياسي، وإشاعة مناخ من الخوف.
وتوقف كيندال عند حالة الخوف في صفوف المحامين وقال إن إدارة ترامب تسعى لإجبار شركات المحاماة الكبرى على رفض تمثيل العملاء الذين لا تفضلهم، وهو ما زرع الخوف في نفوس كثيرين من أهل المهنة ودفع بعضهم إلى عقد "صفقات" مع الإدارة الحالية حفاظا على مصالحهم.
ورصد المسؤول الأميركي السابق حالة من القلق والخوف في صفوف طلاب الدراسات العليا والأساتذة في جامعة هارفارد إزاء تأثير هجمات إدارة ترامب على الحرية الأكاديمية وحرية التعبير في الحرم الجامعي.
وأشار أيضا إلى أن الإدارة الأميركية الحالية توعدت بملاحقة مسؤولين حكوميين سابقين ومواطنين عاديين، كما هددت شركات بفقدان العقود الحكومية، ومنظمات غير ربحية في جميع أنحاء الولايات المتحدة بقطع التمويل عنها.
وذكر أن هذا المناخ من الترهيب والتهديد امتد إلى الشركات التي ترغب في توظيف أشخاص ينتقدون ترامب وإدارته، كاشفا أنه كان واحدا من هؤلاء، إذ أخبرته عدة منظمات تقدم للعمل بها، بعد تركه منصبه في الحكومة في يناير/كانون الثاني الماضي، بأنها لا تستطيع توظيفه.
غير أن أوضح مثال للتخويف الذي استخدمه ترامب سلاحا -وفق مقال نيويورك تايمز- كان استهدافه المهاجرين غير النظاميين، ومجتمعات المهاجرين على نطاق أوسع.
ورغم إقراره بأن الأميركيين يؤيدون ترحيل المهاجرين غير النظاميين ممن يرتكبون جرائم عنيفة، فإن وزير القوات الجوية السابق يقول إن إدارة ترامب ظلت تُرعب المهاجرين من جميع الفئات، بمن فيهم من يقيمون في الولايات المتحدة قانونيا.
ويرى كيندال أن هذا الخوف الواسع النطاق هو سمة من سمات الأنظمة الاستبدادية، وينذر بخطر عميق يهدد الديمقراطية الأميركية.
ترامب يقيل آلاف الموظفين
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد وقع عددا من الأوامر التنفيذية، موازاة مع قراره بإجبار كبار المسؤولين في مصالح الأرشيف على الاستقالة وإقالة آلاف الموظفين، إضافة إلى استمرار مواجهة وكالة "أسوشيتد برس" بسبب قضية "خليج المكسيك".
ونقلت قناة "سي إن إن" عن مصدر مطلع أن إدارة الرئيس الأميركي تجبر كبار المسؤولين في إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية على الاستقالة في إطار عملية تغيير كبيرة.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن قام ترامب في الأسبوع الماضي بعزل كولين شوغان، أمينة المحفوظات (الأرشيف الوطني) في الولايات المتحدة.
وهذه الإدارة مسؤولة عن الإشراف على السجلات الحكومية وترأس المحفوظات الوطنية، وهي هيئة انتقدها ترامب مرارا لأنها أبلغت وزارة العدل بتعامل ترامب مع وثائق سرية في مطلع 2022 بعد نهاية فترة رئاسته الأولى.
وقال التقرير إن من المتوقع أن يعلن البيت الأبيض خططه بشأن القيادة الجديدة للإدارة خلال الأيام المقبلة.
تسريح الآلاف
هذا وتواصلت حملة الرئيس الأميركي ومستشاره السايق إيلون ماسك بطرد أكثر من 9500 موظف كانوا يضطلعون بمهام عديدة، من إدارة الأراضي الاتحادية إلى رعاية قدامى المحاربين.
وتم إنهاء عمل موظفين في وزارات الداخلية والطاقة وشؤون قدامى المحاربين والزراعة والصحة والخدمات الإنسانية، في حملة استهدفت في معظمها حتى الآن الموظفين تحت الاختبار في عامهم الأول في العمل، والذين يتمتعون بمستوى أقل من الأمان الوظيفي.
وبالإضافة إلى عمليات الفصل، قال البيت الأبيض إن نحو 75 ألف موظف قبلوا عرضا من ترامب وماسك للاستقالة طواعية. ويعادل هذا نحو 3% من القوة العاملة المدنية التي يبلغ قوامها 2.3 مليون.
ويقول ترامب إن الحكومة الاتحادية متضخمة للغاية، وإن الكثير من الأموال تضيع هباء بسبب الهدر والاحتيال.
وتبلغ ديون الحكومة نحو36 تريليون دولار، وبلغ عجزها 1.8 تريليون دولار العام الماضي، ويتفق الحزبان على الحاجة إلى إجراء إصلاحات.
لكن الديمقراطيين في الكونغرس يقولون إن ترامب يتعدى على السلطة الدستورية للهيئة التشريعية بشأن الإنفاق الاتحادي، حتى مع دعم الجمهوريين أصحاب الأغلبية في مجلسي الكونغرس هذه التحركات إلى حد كبير.