افراسيانت - تعود جذور الأزمة الهندية الباكستانية إلى عام 1947، وهو العام الذي نالت فيه الهند استقلالها عن بريطانيا، وتقوم على تقسيم الهند، حيث ظلت منطقة كشمير منطقة متنازعًا عليها بين باكستان والهند. شهدت هذه الأزمة تصعيدًا وتهدئة على مرّ الزمن.
لكن هذه الازمة سرعان ما استغلت من قبل الغرب وخاصة الولايات المتحدة الامريكية لتكون مدخلا للتحريض والاستغلال ما يضمن استمرار الحروب بين البلدين لعدة اسباب يراها الغرب ضرورية لابقاء المنطقة في فوضى دائمة ولضمان السيطرة على مجراها وايضا استهداف دول اخرى يمكن ان تتضرر من جراء هذه الحروب المستمرة بين البلدين كالصين وروسيا وربما استهداف الصين بشكل اكبر لارتباطها بحدود طويلة مع البلدين ومنافسة الهند والصين على وجه الخصوص علما ان الصين تتشارك مع البلدين بمصالح مشتركة واهمها المياه والتبادل الاقتصادي والعسكري وان كان الاخير اكبر منه مع باكستان .
في الحرب العراقية الايرانية كان واضحا الحجم الكبير للتدخلات الخارجية بينما دفع البلدان ثمنا كبيرا لهده الحرب دون ان يؤدي ذلك الى ما يمكن قوله بان احدهما انتصر على الاخر .
قد تبدو المقاربة شديدة الشبه لما يحدث بين الهند وباكستان لكن الواضح ان هنالك اكثر من هدف للحرب يتطلع اليه الغرب وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وهو الحاق الاذى بالصين .
اتخذت نيودلهي خطوات تصعيدية متبادلة، محمّلةً باكستان مسؤولية الهجوم الإرهابي الذي وقع في بهلغام بمنطقة كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية.
إنّ التحركات الدبلوماسية المتبادلة بين الطرفين، وتعليق الهند اتفاقية مياه السند، والتهديدات العسكرية المتبادلة، غيّرت مسار الأزمة. إنّ وصول قوتين نوويتين إلى حافة الحرب، يتجاوز كونه أزمة بين دولتين أو أزمة إقليمية تهم المنطقة التي تقع فيها الدولتان، بل سيكون له تداعيات عالمية.
إنّ الأزمة الهندية الباكستانية التي تظهر في فترة يشهد فيها العالم إعادة تشكيل مراكز القوى، والانتقال من عالم أحادي القطب إلى عالم متعدد الأقطاب، يمكن تقييمها على أنها تطور عالمي تهتم به الجهات الفاعلة العالمية أكثر من الجهات الإقليمية.
إنّ المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في العديد من المجالات، وعلى رأسها التجارة، واستمرار الأزمة بين الولايات المتحدة وروسيا، وإن كانت قد خفت حدتها نسبيًا مع تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة، يؤثران على تحديد المواقع الإقليمية والعالمية للدول الأخرى.
من ناحية أخرى، تسعى القوى العالميّة المتمثلة في الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، في خضم تنافسها العالمي، إلى تطوير علاقات تحالف إستراتيجي مع دول أخرى، وخاصة تلك القوية في مناطقها، والتي تعتبر قوى إقليمية.
بالنظر إلى الأزمة الهندية الباكستانية من منظور صراع القوى بين القوى العالمية، يمكننا أن نصل إلى نتيجة مفادها أن الأزمة أعمق من مجرد أزمة بين دولتين.
تعدد الأقطاب
إنّ تعدد الأقطاب الذي تقبله الولايات المتحدة الأميركية، يظهر بخصائص مختلفة عما كان عليه في فترة الحرب الباردة. خلال الحرب الباردة، كان العالم منقسمًا بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي. كان هذا الانقسام بينهما انقسامًا أيديولوجيًا وجغرافيًا.
"العالم متعدد الأقطاب" في القرن الحادي والعشرين، لا يحمل خصائص الانقسام الجغرافي والأيديولوجي لفترة الحرب الباردة.
لذلك، فإن مفاهيم الشرق والغرب، والشمال العالمي والجنوب العالمي، والعالم الغربي والعالم غير الغربي، لا تعبر بشكل كامل عن نظام "العالم متعدد الأقطاب" الذي هو في طور التشكيل، والذي لم تتضح معالمه بعد، والذي يتقدم من خلال العديد من العمليات المؤلمة.
على الرغم من أن الكتل الأيديولوجية قد انهارت تمامًا، فإن الأيديولوجيات مستمرة في الوجود. لكن تأثير الأيديولوجيات هو موضوع نقاش. تتجه الدول نحو سياسات أكثر واقعية؛ لأن العالم أكثر تعقيدًا، وأكثر اعتمادًا على بعضه البعض، وأكثر تجزؤًا.
العوامل التي ستشكل كتلًا جيوسياسية قوية في المستقبل هي: الاقتصاد، والتكنولوجيا، والأمن، والديمغرافيا، والثقافة، والحضارة. يمكن لهذه العوامل أن تخلق تحالفات وتنافسات وتوازنات قوى جديدة في النظام الدولي.
إن عالم اليوم ليس منقسمًا بين كتل أو تحالفات أو أيديولوجيات أو أقطاب. أي أن الصفوف في عالم اليوم ليست مفصولة بشكل حادّ، كما كانت في فترة الحرب الباردة.
على سبيل المثال، تتعاون فيتنام مع أميركا ضد الصين في المجال العسكري، بينما تقف إلى جانب روسيا في قضية أوكرانيا. تدعم تركيا كييف في الحرب الأوكرانية، وفي الوقت نفسه يمكنها أن تلعب دور الوساطة بين أوكرانيا وروسيا، ويمكنها أن تلعب دورًا فعالًا من خلال الجمع بين البلدين في اتفاقيات تهم العالم بأسره، مثل اتفاقية الحبوب.
مثال آخر هو دول الخليج. تتمتع العديد من دول الخليج بعلاقات جيدة مع أميركا، وفي الوقت نفسه يمكنها توقيع اتفاقيات مهمة مع الصين في العديد من المجالات مثل الطاقة.
توضح كل هذه الأمثلة أن "نظام العالم متعدد الأقطاب" الجديد يتميز بخصائص مختلفة عن "نظام العالم ثنائي القطب" القديم.
من الممكن تقييم الوضع المعقد والفوضوي الذي يشهده عالم اليوم في مجالات مثل الاقتصاد والأمن، على أنه آلام المخاض للانتقال إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب.
ستحدد هذه الأزمات التي تحدث في فترة الانتقال إطار العالم الجديد وتشكل مراكز القوى. الأزمة الهندية الباكستانية التي تحدث في مثل هذه الفترة الحرجة، يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل العالم متعدد الأقطاب إذا تحولت إلى حرب.
بعد اندلاع الأزمة بين الهند وباكستان، حذرت الولايات المتحدة الأميركية، والصين، وروسيا من تصعيد الأزمة، ودعت إلى الدبلوماسية والحوار.
إن علاقات الولايات المتحدة، والصين، وروسيا مع الهند وباكستان تتشكل بما يتفق مع الشروط التي يفرضها نظام العالم متعدد الأقطاب الذي ذكرناه. تلعب خطوط التجارة العالمية والاقتصاد والتجارة والحروب التكنولوجية دورًا رئيسيًا في تحديد علاقة الدول العالمية بالدول الأخرى.
الولايات المتحدة الأميركية
أميركا ترى الصين أكبر منافس لها في الحرب التجارية التي بدأت من جديد مع تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة. في هذا الإطار، بينما رفع الرئيس الأميركي ترامب الرسوم الجمركية بنسب مختلفة حسب الدول، بدأت تظهر تفاؤلات بشأن إمكانية تحقيق نتائج إيجابية من مفاوضات التعريفة الجمركية الجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين.
بينما تواجه الولايات المتحدة مشاكل مع الصين، واليابان في آسيا، فإن التقارب مع الهند هو تطور مهم يجب التركيز عليه. كان وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت قد ذكر أن أحد الاتفاقات الأولى التي سيتم إبرامها قد يكون مع الهند.
بينما تسعى الولايات المتحدة من خلال هذه الخطوات إلى تنويع شبكة التوريد الخاصة بها، تبرز أيضًا تدفقات الأخبار التي تفيد بأن الشركات الأميركية تحوّل استثماراتها إلى الهند.
على الرغم من أن الولايات المتحدة ترى الهند دولة ستملأ الفراغ الذي ستتركه الصين في الحرب التجارية، فإن الخبراء يعتقدون أن الهند لن تكون قادرة على ملء الفراغ التجاري الذي ستتركه الصين على المدى القصير.
تلعب الممرات التجارية مكانًا مهمًا في الصراع العالمي. تدعم أميركا مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) لمواجهة مشروع "الحزام والطريق" الذي تقوده الصين.
انحازت أميركا إلى جانب الهند في الأزمة التي نشأت عن الاشتباك الذي وقع بين الجيش الهندي، والجيش الصيني في شرق لاداخ في عام 2020.
لذلك، على الرغم من أن أميركا تدعو إلى الدبلوماسية والحوار في الأزمة بين الهند وباكستان، فإنها ترى الهند دولة رئيسية في منافستها مع الصين.
جمهورية الصين الشعبية
تنزعج الصين من بروز الهند؛ بسبب تطورها في التجارة، وتقدمها في المجال التكنولوجي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الهند قوتها على المستويَين: العالمي والإقليمي، والتي تطور علاقات وثيقة مع أميركا وتتحرك معها بشكل مشترك في الأزمات، يزعج الصين.
عندما تأسّست مجموعة البريكس (BRICS) لأول مرة، تم تقييمها ككتلة بديلة ضد الكتلة الغربية. تم تفسير وجود الهند بين مؤسسي مجموعة البريكس مع الصين على أنه وقوف الهند إلى جانب الصين ضد أميركا.
ولكن مع مرور الوقت، اتّضح أن مجموعة البريكس ليست منظمة تعاون اقتصادي ضد الغرب الذي تتواجد فيه أميركا. لأنه في 1 يناير/ كانون الثاني 2024، انضمت مصر، وإثيوبيا، وإيران، والإمارات العربية المتحدة، ثم المملكة العربية السعودية إلى المجموعة. لذلك، فإن وجود الصين مع الهند في مجموعة البريكس، لا يشكل سببًا لدعم حكومة نيودلهي في الأزمة مع باكستان.
من ناحية أخرى، تعتبر باكستان الدولة الرئيسية في مشروع الحزام والطريق الذي استثمرت فيه الصين مليارات الدولارات.
تظهر الصين من خلال التصريحات التي أدلت بها في الأزمة الهندية الباكستانية أنها تدعم حكومة إسلام أباد.
روسيا الاتحادية
لطالما اتسمت العلاقات الروسية الباكستانية بتقلبات منذ فترة الحرب الباردة. وقفت باكستان في مواجهة موسكو في احتلال السوفيات لأفغانستان. وقامت بتوريد الأسلحة إلى المجموعات التي تحارب السوفيات في أفغانستان. بعد انسحاب روسيا من أفغانستان، بدأت العلاقات بين البلدين في التحسن. حتى إن روسيا وعدت بتقديم الدعم لباكستان ضد طالبان في عام 2007.
في هذه المرحلة، يتم تقييم روسيا والصين على أنهما حليفان إستراتيجيان يتحركان بشكل مشترك ضد أميركا. ومع ذلك، فإن التنافس بين الصين وروسيا في آسيا معروف منذ الحقبة السوفياتية.
يمكننا القول إن تقارب الصين مع روسيا ناتج عن السياسات العدوانية التي تتبعها أميركا تجاه كلا البلدين. هذا التقارب الناجم عن سياسات أميركا لا يعني تخلي البلدين عن التنافس في آسيا.
بالنظر إلى عملية الحرب الأوكرانية، لم تقدم الصين، التي تعتبر حليفًا إستراتيجيًا لروسيا، دعمًا عسكريًا ودبلوماسيًا لروسيا يحقق النصر لموسكو.
لذلك، قد يكون من المضلل إجراء تقييم بناءً على العلاقات الصينية الروسية بأن موسكو ستدعم باكستان ضد الهند.
لأن وزير الخارجية الروسي لافروف، بدلًا من اتخاذ موقف واضح بشأن الأزمة، عرض على البلدين إمكانية التوسط لحل المشكلة.
ما الذي ستخسره الصين من الأزمة
مما لا شك فيه أن أكثر الدول تضررًا من حرب محتملة بين الهند وباكستان هي الصين. فالصين، التي تواجه صعوبة في الحفاظ على سياسة متوازنة بين الهند وباكستان في إطار مصالحها الاقتصادية، قد تفقد موقعها العالمي، وقد تتضرر مصالحها الاقتصادية بشدة في حرب محتملة.
تتردد الصين، التي تعبر عن مبادئ التعايش السلمي، في أن تكون لاعبًا أمنيًا وعسكريًا نشطًا على المستوى الدولي. في الواقع، يجلب الدور النشط ليس فقط الفوائد، ولكن أيضًا مخاطر كبيرة. في حرب محتملة، ستخاطر الصين بفقدان صورتها كقوة سلمية تكره الهيمنة وسياسات القوة والمنافسة التقليدية بين القوى الكبرى.
في الوقت نفسه، غالبًا ما تؤدي حيادية الصين إلى نتائج إيجابية لأحد الأطراف المتنازعة. في الوضع الحالي، لا يمكن تجاهل حقيقة أن إسلام أباد تستفيد من حيادية الصين أكثر من نيودلهي.
على الرغم من أن الصين أدانت بشدة الهجوم الذي وقع في بهلغام، فإنها لم تقدم أي دعم لادعاءات الهند، ولم تقبل طريقة تفسير نيودلهي للأحداث. بدلًا من تبني الادعاءات التي تربط باكستان بالهجوم، أيدت بكين دعوة الحكومة الباكستانية إلى إجراء تحقيق سريع وعادل.
من ناحية أخرى، تعد الصين جزءًا من أزمة كشمير بين الهند وباكستان. لأن كشمير منطقة مقسمة بين الهند وباكستان والصين. حدث التقارب الصيني الباكستاني أيضًا عبر كشمير.
في عام 1963، سلمت باكستان جزءًا من أراضي كشمير إلى الصين. لم يتم قبول ذلك من قبل الهند وقوبل برد فعل. أدت العلاقات الصينية الباكستانية التي تعمقت مع تسليم جزء من أراضي كشمير إلى تضييق المسافة بين بكين ونيودلهي. تمنع هذه التجربة التاريخية في كشمير بكين من التوسط في حل الأزمة بين الهند وباكستان.
أعلن شي جين بينغ عن مشروع الحزام والطريق في عام 2013. يشكل الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني أهم ركيزة في هذا المشروع العالمي. وقد سمح ذلك لبكين بالوصول مباشرة إلى بحر العرب عبر ميناء جوادر، وتعزيز موقعها في هذه المنطقة الإستراتيجية.
من ناحية أخرى، أثار التعاون في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني رد فعل الهند؛ بسبب تنفيذ بعض المشاريع في منطقة كشمير. جلبت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تعاونًا في المجالات العسكرية والاستخباراتية. اليوم، تعد الصين أكبر مورد للأسلحة لباكستان.
تشعر نيودلهي بالقلق إزاء علاقات الدفاع والعسكرية الوثيقة بين إسلام أباد وبكين. لأن الطرفين اتفقا على التدريب المشترك ونقل التكنولوجيا العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
توجه الدوافع الجيوسياسية والاقتصادية حصة الصين في باكستان. تساعد الشراكة مع إسلام أباد بكين في الضغط على نيودلهي وموازنة طموحات الهند الإقليمية المتزايدة.
في الوقت نفسه، فإن الهند القوية والمستقرة لا تتعارض بالضرورة مع مصالح الصين. على الرغم من انعدام الأمن والخلافات، تعد الهند واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للصين.
يوفر السوق المحلي الهندي فرصًا كبيرة للمصدرين الصينيين، كما أن وجود المستثمرين الصينيين في البلاد قوي منذ فترة طويلة. ومن المفارقات أن الصراع بين الهند وباكستان جاء في وقت بدأت فيه العلاقات الصينية الهندية في التحسن.
اتفقت الدولتان مؤخرًا على تقليل التوترات الحدودية واستئناف الدوريات الحدودية المشتركة والرحلات الجوية المباشرة. قد يؤدي الصراع في كشمير إلى عكس هذا الاتجاه.
لذلك، فإن العلاقات بين الصين والهند وباكستان في آسيا متشابكة في العديد من المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والجيش والتكنولوجيا. بنيت هذه العلاقة على توازنات حساسة للتطورات الإقليمية والعالمية.
المخطط الرئيسي والمنفذ لبناء هذه العلاقة هو الصين. هذه العلاقات الاقتصادية والعسكرية والاستخباراتية التي أنشأتها الصين ببذل الكثير من الجهد والمال على مرّ السنين، تواجه خطرًا كبيرًا من التضرر في حرب محتملة.
الجذور والاسباب
على مرّ العقود، ظل النزاع الهندي الباكستاني محورًا لصراعات إقليمية ودولية معقدة، وقد تمخضت عن سلسلة من الحروب والمواجهات التي خلفت خسائر بشرية واقتصادية هائلة على الطرفين.
لكن في عالم السياسة الدولية، حيث تتداخل المصالح الإستراتيجية بالاقتصاد والسلاح، يبرز سؤال مختلف: من الرابح الحقيقي في هذا الصراع المزمن؟
الهند لم تخسر طائرات فحسب، بل تلقت ضربة قاسية لهيبتها الجوية، ولسمعة السلاح الغربي، خصوصًا الفرنسي، الذي اعتُبر حتى وقت قريب أداة تفوق.
الخاسرون المباشرون: الهند وباكستان
الهند وباكستان هما الخاسران الأولان في هذا النزاع المتكرر؛ فكل موجة تصعيد تؤدي إلى استنزاف متبادل للموارد، وعرقلة التنمية الاقتصادية، وزيادة التوتر الداخلي.
وتنعكس هذه الأزمات على حياة المواطنين، الذين يدفعون الثمن في صورة تدهور الخدمات، وارتفاع النفقات العسكرية على حساب البنية التحتية والصحة والتعليم.
الخاسرون بشكل غير مباشر: الهند وسمعة السلاح الغربي
الهند، رغم امتلاكها واحدًا من أكبر الجيوش في العالم، تكبدت مؤخرًا خسائر ذات بعد رمزي وعسكري كبير، بعد إعلان باكستان إسقاط طائرات مقاتلة هندية من طراز رافال الفرنسية، وهي المرّة الأولى التي تُسقَط فيها هذه المقاتلة في مواجهة فعلية. المفاجئ أن باكستان استخدمت مقاتلات صينية الصنع من طراز J-10C، ما يعيد تشكيل صورة التوازن العسكري في جنوبي آسيا.
الهند لم تخسر طائرات فحسب، بل تلقت ضربة قاسية لهيبتها الجوية، ولسمعة السلاح الغربي، خصوصًا الفرنسي، الذي اعتُبر حتى وقت قريب أداة تفوق.
هذا الحادث يُرجّح أن يكون له أثر على صفقات السلاح الهندية مستقبلًا، كما يُعزز من ثقة الدول النامية بالسلاح الصيني كبديل ذي كفاءة عالية وتكلفة أقل.
الصين: الرابح غير المباشر
تُعد الصين من أبرز المستفيدين من الصراع، وإن بطريقة غير مباشرة. فمن جهة، تزوّد باكستان بالسلاح، وعلى رأسه مقاتلات JF-17 وأنظمة دفاعية، ما يُشكّل دعاية مجانية للصناعات العسكرية الصينية في الأسواق الدولية. ومن جهة أخرى، تستفيد بكين من انشغال الهند بصراعاتها الحدودية مع باكستان أو الصين ذاتها (كما في حادثة وادي غالوان 2020)، ما يُضعف قدرتها على منافسة الصين اقتصاديًّا وتقنيًّا.
وسط هذه اللعبة الكبرى، يظل شعب كشمير الضحية الأبرز، حيث يعيش حالة دائمة من العزل والقمع وانعدام الاستقرار.
الرابحون التقليديون: الولايات المتحدة وروسيا
الولايات المتحدة تُجيد اللعب على الحبال بين الطرفين. فمن خلال تعزيز التعاون العسكري مع الهند في إطار تحالف QUAD، ومن جهة أخرى، الحفاظ على علاقة استخباراتية أو عسكرية محدودة مع باكستان، تضمن واشنطن نفوذها المستمر في جنوبي آسيا. كذلك، تستخدم الصراع كمبرر لتسويق أسلحتها ومعداتها الحديثة.
أما روسيا، الحليف التقليدي للهند، فتستمر في تصدير السلاح للطرفين، مع ميل أكبر نحو نيودلهي، وهو ما يمنح موسكو مساحة مناورة كبيرة سياسيًّا واقتصاديًّا.
حلفاء الطرفين: خارطة النفوذ
الصراع لا يقتصر على الهند وباكستان فقط، بل يتسع ليشمل شبكة من الحلفاء الدوليين والإقليميين الذين يؤدون أدوارًا متفاوتة في توجيه التوازنات.
قائمة حلفاء باكستان تشمل الصين كداعم أول سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا، إضافة إلى تركيا التي تتبنى مواقف داعمة لباكستان في قضية كشمير، وكوريا الشمالية التي ارتبطت مع إسلام آباد بعلاقات عسكرية سرّية في فترات سابقة. كما تبرز السعودية كحليف إستراتيجي داعم اقتصاديًّا وعسكريًّا، بجانب عدد من الدول العربية التي تميل لمساندة باكستان في مواقفها الإسلامية والدولية.
في المقابل، تعتمد الهند على تحالفات أوسع نطاقًا تشمل الولايات المتحدة، التي ترى فيها شريكًا مهمًّا في مواجهة النفوذ الصيني، وكذلك روسيا التي تزودها بالسلاح المتطور. كما تحظى الهند بدعم سياسي واقتصادي من الاتحاد الأوروبي، في إطار الشراكة الاقتصادية والتقنية، ما يعزز مكانتها كقوة صاعدة في النظام الدولي.
في صراع الهند وباكستان، يبدو أن الرابحين الحقيقيين ليسوا على خط النار، بل في العواصم التي تبيع السلاح وتعيد رسم خرائط النفوذ بهدوء.
الضحايا الصامتون: كشمير والاقتصادات المحلية
وسط هذه اللعبة الكبرى، يظل شعب كشمير الضحية الأبرز، حيث يعيش حالة دائمة من العزل والقمع وانعدام الاستقرار. كذلك، تتضرر الاقتصادات المحلية في كلا البلدين، إذ تذهب موارد هائلة نحو التسلّح، بينما تتراجع فرص النمو والتنمية.
حرب بلا رابح مباشر
في الحروب الحديثة، الرابح ليس من يحقق نصرًا ميدانيًّا، بل من يُحسن استثمار نتائج المعركة.
في صراع الهند وباكستان، يبدو أن الرابحين الحقيقيين ليسوا على خط النار، بل في العواصم التي تبيع السلاح وتعيد رسم خرائط النفوذ بهدوء، مثل بكين وواشنطن وموسكو. أما الخاسرون، فهم الذين يدفعون الدم والمال، دون أن يحققوا سلامًا دائمًا أو تفوقًا حاسمًا.
قضية كشمير في سطور.. عقدة الصراع بين الهند وباكستان
منذ أن أصدر البرلمان البريطاني يوم 17 يوليو/تموز 1947 قانون استقلال الهند الذي أنهى الحكم البريطاني لها، ثم بعد ذلك بشهر قرار تقسيم شبه القارة الهندية، برزت قضية كشمير كعقدة بين دولتي الهند وباكستان اللتين تشكلتا حديثا.
تضمن قرار التقسيم أن تنضم الولايات ذات الغالبية المسلمة إلى باكستان، وأن تنضم الولايات ذات الغالبية الهندوسية إلى الهند، على أن يكون انضمام الولايات وفقا لرغبة السكان، مع الأخذ بعين الاعتبار التقسيمات الجغرافية في كل إمارة.
مرّ قرار التقسيم دون صعوبات تذكر في كل الولايات إلا ثلاثا فقط هي حيدر آباد وجوناغاد وكشمير، ففي إمارة جوناغاد قرر حاكمها المسلم أن ينضم إلى باكستان رغم وجود أغلبية هندوسية في الإمارة، لكن أمام معارضة الأغلبية دخلت القوات الهندية وأجرت استفتاء انتهى بانضمام الإمارة للهند.
وحدث الشيء نفسه في ولاية حيدر آباد التي تدخلت فيها القوات الهندية يوم 13 سبتمبر/أيلول 1948 مما جعلها ترضخ للانضمام إلى الهند.
أما كشمير فقد كان وضعها مختلفا عن الإمارتين السابقتين، فقد قرر حاكمها الهندوسي هاري سينغ الانضمام إلى الهند، متجاهلا رغبة الأغلبية المسلمة بالانضمام إلى باكستان ومتجاهلا القواعد البريطانية السابقة في التقسيم.
لكن خشيته من ردة فعل الشارع المسلم دفعته لتقديم معاهدة عرضها على البلدين لإبقاء الأوضاع كما هي عليه، فقبلت باكستان بالمعاهدة، في حين رفضتها الهند.
أولى الحروب
وتطورت الأحداث بعد ذلك سريعا، فاندلع أول قتال مسلح بين الكشميريين والقوات الهندية عام 1947 أسفر عن احتلال الهند لثلثي الولاية، ثم تدخلت الأمم المتحدة في النزاع، وأصدر مجلس الأمن قرارا يوم 18 أغسطس/آب 1948 ينص على وقف إطلاق النار وإجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم.
اقترحت الأمم المتحدة أن تنضم الأجزاء التي بها أغلبية مسلمة وتشترك مع باكستان في حدود للسيادة الباكستانية، وأن تنضم الأجزاء الأخرى ذات الغالبية الهندوسية ولها حدود مشتركة مع الهند للسيادة الهندية، لكن هذا القرار ظل حبرا على الورق ولم يجد طريقه للتنفيذ.
في عام 1965 عاد التوتر بين الجانبين، وحاولت باكستان دعم المقاتلين الكشميريين، لكن الأحداث خرجت عن نطاق السيطرة.
ودار قتال مسلح بين الجيشين النظاميين الهندي والباكستاني في سبتمبر/أيلول 1965 على طول الحدود بينهما، ولم يتحقق فيه نصر حاسم لأي منهما، وانتهت الجهود الدولية بعقد معاهدة وقف إطلاق النار بين الجانبين.
في العام التالي حاول الاتحاد السوفياتي آنذاك التدخل في الصراع الدائر، ورتب مؤتمر مصالحة عقد في يناير/كانون الثاني 1966 بطشقند، لكن المؤتمر انتهى بالفشل.
عاد القتال بين الجارتين ليتجدد مع مطلع السبعينيات من القرن إثر اتهامات باكستان للهند بدعم باكستان الشرقية (بنغلاديش) في محاولتها الانفصالية.
ودارت حرب جديدة عام 1971 مال فيها الميزان العسكري لصالح الهند وتمكنت من تحقيق انتصارات عسكرية على الأرض، مما أسفر عن انفصال باكستان الشرقية عن باكستان لتشكل جمهورية بنغلاديش.
غيرت هذه الجولة من الحروب التفكير الإستراتيجي العسكري الباكستاني، وأدخلت البلدين في دوامة من سباق التسلح، كان الإعلان عن امتلاك كل منهما للسلاح النووي أهم محطاته.
بعد هذه الحرب، بدا أن الأمور تتجه إلى حل عبر المفاوضات، وهو ما حدث فعلا في عام 1972 إذ تم التوقيع على معاهدة شِملا التي نصت على اعتبار خط وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 1971 هو خط هدنة بين الدولتين.
وبموجب هذا الاتفاق احتفظت الهند ببعض الأراضي الباكستانية التي سيطرت عليها بعد حرب 1971، كما احتفظت باكستان بالأراضي التي سيطرت عليها.
بقيت الأمور تراوح مكانها بين تصعيد وتوتر إلى تهدئة حتى أبريل/نيسان 1987 حيث اندلعت انتفاضة مسلحة في كشمير إثر "تزييف" الهند انتخابات 1987، وسرعان ما اتجهت هذه الانتفاضة إلى الكفاح المسلح.
وشهد عام 1990 بداية التمرد ضد الحكم الهندي على أيدي مقاتلين كشميريين شباب كانوا مدفوعين بفكرة تحقيق استقلال كشمير ومدعومين عسكريا وسياسيا من باكستان.
وقام المسلحون بعمليات نوعية عديدة ضد الجيش الهندي، الذي رد باستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين في كل مرة.
وحاولت الدولتان مرات عديدة الوصول إلى اتفاق لحل الأزمة بينهما، إلا أن كل اتفاق حمل عوامل تفجره، وجرى الإعلان عن اتفاقات عدة بين البلدين لتسوية كل الملفات العالقة بما فيها قضية كشمير، لكن أيا منها لم ينل فرصة التطبيق على أرض الواقع.
لكن ما حدث في يوليو/تموز 1999 أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، حيث تمكن مسلحون كشميريون من التسلل إلى الجزء الهندي من كشمير واحتلوا قمم كارغيل، واعتبرت الهند الحادثة "طعنة في الظهر"، وحشدت قواتها في المنطقة وتمكنت من استعادتها.
بعد ذلك، عقد زعماء البلدين قمة في مدينة آغرا الهندية، لكن القمة فشلت نتيجة لاختلاف مواقف البلدين من التسوية.
كما ساهم الهجوم على البرلمان الهندي يوم 13 ديسمبر/كانون الأول 2001 في ارتفاع حدة التوتر بين البلدين، وصعدت الهند عسكريا وهددت بمواجهة شاملة مع باكستان بحجة القضاء على القواعد "الإرهابية" بكشمير الباكستانية.
ورغم الزيارات المتبادلة بين المسؤولين في البلدين، فإنه لم يتم التوصل إلى حل للقضية، التي بقيت عقبة أمام أي مفاوضات سلام بينهما، وصدرت بيانات من البلدين تؤكد أن "قضية كشمير تمثل جوهر الخلافات بينهما".
أهمية كشمير
تمثل كشمير أهمية إستراتيجية للهند جعلتها شديدة التمسك بها، فهي تعتبرها عمقا أمنيا إستراتيجيا لها أمام الصين وباكستان.
وتنظر إليها على أنها امتداد جغرافي وحاجز طبيعي مهم أمام فلسفة الحكم الباكستاني التي تعتبرها قائمة على أسس دينية مما يهدد الأوضاع الداخلية في الهند.
تخشى الهند إذا سمحت لكشمير بالاستقلال على أسس دينية أو عرقية، أن تفتح بابا لا تستطيع أن تغلقه أمام الكثير من الولايات الهندية.
أما بالنسبة لباكستان، فتعتبر كشمير منطقة حيوية لأمنها، وذلك لوجود طريقين رئيسيين وشبكة للسكة الحديد في سرحد وشمالي شرقي البنجاب تجري بمحاذاة كشمير.
وينبع من الأراضي الكشميرية ثلاثة أنهار رئيسية للزراعة في باكستان، مما يجعل احتلال الهند لها تهديدا مباشرا للأمن المائي الباكستاني.
صراع بلا هوادة.. لماذا تتقاتل الهند وباكستان على إقليم كشمير؟
أعادت مصادقة المحكمة العليا في الهند، على قرار الحكومة الهندية إلغاء الحكم شبه الذاتي لولاية جامو وكشمير ذات الأغلبية المسلمة، الضوء على الصراع الطويل والمرير بين الهند وباكستان.
وتشكل ولاية "جامو وكشمير" جزءا من إقليم كشمير الواقع في القسم الشمالي من شبه القارة الهندية، على حدود باكستان والصين، والمقسم إلى 3 مناطق رئيسية، أكبرها "ولاية جامو وكشمير" الواقعة تحت إدارة الهند وعدد سكانها 10 ملايين نسمة، و"ولاية كشمير الحرة" الواقعة تحت إدارة باكستان وعدد سكانها 3 ملايين، أما المنطقة الثالثة فتسمى "أكساي تشين" تسيطر عليها الصين وهي غير قابلة للسكن كونها جبال جليدية قاحلة.
جذور الصراع
تعود جذور الخلاف بين الهند وباكستان على إقليم كشمير الغني بموارده الطبيعية وطبيعته الخلابة إلى عام 1947، بعدما أصدرت بريطانيا العظمى قانون استقلال شبه القارة الهندية مقترحة تقسيمها إلى ثلاث مقاطعات رئيسية:
الأولى: تضم المقاطعات ذات الأغلبية الهندوسية في بومباي، ومدراس، وبيهار، وأوريسا، والمقاطعات الوسطى (المناطق التي شكلت الهند بعد الاستقلال).
الثانية: تشمل المقاطعات ذات الأغلبية المسلمة في البنجاب والسند والحدود الشمالية الغربية وبلوشستان (باكستان).
الثالثة: تشمل آسام ذات الأغلبية الهندوسية، والبنغال ذات الأغلبية المسلمة التي أصبحت عام 1971 دولة بنغلاديش.
أما إقليم كشمير فكان له حرية الاختيار بين الانضمام للهند أو باكستان.
في ذلك الوقت كان الإقليم يخضع لحكم المهراجا الهندوسي، هاري سنغ، رغم أن غالبية سكانه من المسلمين، وقد تردد سنغ في إعلان انضمامه إلى الهند أو باكستان، ما دفع مسلمي الولاية إلى التمرد على سلطته مطالبين باكستان دعمهم للانضمام إليها، فما كان من سنغ إلا أن طلب المساعدة من الهند فوافقت بعد توقيعه على وثيقة طلب الانضمام إليها، وفي اليوم نفسه عملت الهند على وقف تقدّم القبائل المدعومة من باكستان.
بعد توقيع سنغ للوثيقة اعتبرت الهند أن الاقليم أصبح جزءاً منها، بينما رأت باكستان أن المهراجا خالف اتفاقاً سبق أن وقعه معها للمحافظة على الوضع الراهن إلى حين الاتفاق على وضع الاقليم المستقبلي، معتبرة الوثيقة غير قانونية.
حروب وتوترات بلا هوادة
أدى الخلاف على سيادة الإقليم إلى اندلاع 3 حروب بين الهند وباكستان، أولها عام 1947 أسفر عن احتلال الهند لثلثه، فتدخلت الأمم المتحدة، وأصدر مجلس الأمن قراراً ينص على وقف إطلاق النار وإجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم لكنه بقي حبراً على ورق، لتعود وتندلع الحرب بين البلدين عامي 1965 و1971.
وفي عام 1972 وقع البلدان على معاهدة شِملا نصت على اعتبار خط وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين في ديسمبر 1971 هو خط هدنة بين الدولتين، وبموجب هذا الاتفاق احتفظت الهند وباكستان على الأراضي التي سيطرتا عليها بعد حرب 1971.
منذ عام 1989، يخوض انفصاليون معارك مع القوات الهندية في ولاية ماجو وكشمير، سعياً لدمجها مع باكستان أو الاستقلال، وأدى النزاع إلى مقتل عشرات الآلاف غالبيتهم من المدنيين، ودفع الهند إلى نشر ما يزيد عن نصف مليون عسكري عند جانبها من الحدود.
ومن أبرز مراحل الصراع بين البلدين أحداث كارجيل عام 1999 (وفي تلك الفترة، أعلن كل من الهند وباكستان أنه قوة نووية)، وأحداث مومباي عام 2008، حيث أدتا إلى تراجع العلاقات كثيراً بين البلدين.
وفي عام 2019 أعلن وزير الداخلية الهندي، أميت شاه، أن الرئيس وقع مرسوماً يلغي المادة 370 من الدستور التي تمنح حكماً ذاتياً خاصاً لولاية جامو وكشمير الواقعة في الهيمالايا، منذ 1974.
رفض وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قريشي، إلغاء الهند الوضع الدستوري الخاص بالولاية المتنازع عليها، معتبراً أن هذه الخطوة تشكل انتهاكا لقرار الأمم المتحدة، وبأن باكستان ستكثف الجهود الدبلوماسية لإلغاء القرار الرئاسي.
وأعلنت الحكومة الباكستانية حينها طرد السفير الهندي في إسلام آباد وتعليق التجارة مع نيودلهي، كما رفعت باكستان درجة التأهب لدى قواتها، فيما قررت إحالة قضية كشمير إلى مجلس الأمن.
لكن وزارة الخارجية الهندية أكدت أن "الأحداث المرتبطة بالمادة 370 من الدستور هي شأن داخلي هندي بالكامل" منددة بـ"تحركات أحادية" اتخذتها باكستان.
ورافق إلغاء الحكم الذاتي المحدود لولاية ماجو وكشمير، فرض سلطة نيودلهي المباشرة واعتقالات جماعية والإغلاق الكامل لهذه الولاية وقطع الاتصالات لمدة شهر، فيما عززت الهند قواتها المسلحة في المنطقة لاحتواء الاحتجاجات.
وقدم عدد من الأفراد والأحزاب السياسية التماسات عدة إلى المحكمة العليا، واصفين قرار حكومة ناريندرا مودي بأنه "غير دستوري".
أهمية الإقليم
والاثنين، اعتبرت المحكمة العليا في الهند، قرار حكومة مودي، "تتويجا لمسار الدمج، وبالتالي هو ممارسة مشروعة للسلطة".
كما أمرت المحكمة بإجراء انتخابات في الولاية العام المقبل، مشددة على وجوب أن تتم مساواتها بالولايات الهندية الأخرى "في أقرب وقت ممكن"، على أن ينظم الاقتراع في موعد أقصاه 30 سبتمبر 2024.
قرار المحكمة اعتبره مودي "تاريخياً وبارقة أمل ووعد بمستقبل أفضل وشهادة على تصميمنا الجماعي على بناء هند أقوى وأكثر اتحادا".
وتدّعي كل من الهند وباكستان بأحقيتهما بحكم الإقليم كاملاً، ويستند كل منهما على مجموعة من البراهين التاريخية والديموغرافية لدعم مطالبه.
ينبع اهتمام الهند بإقليم كشمير ومحاربتها من أجله، كونها تعتبره عمقا أمنياً استراتيجياً لها، فهو يرتبط بتوازن القوى في جنوب آسيا، وتوازن القوى بين الهند والصين، كما أنها تخشى من أن يفتح استقلال ولاية ماجو وكشمير على أسس دينية أو عرقية شهية ولايات هندية أخرى على اتخاذ ذات الخطوة.
أما باكستان، فتعتبر كشمير منطقة حيوية لأمنها الحدودي والمائي، حيث يوجد طريقان رئيسيان لها بمحاذاة كشمير وكذلك شبكة للسكة الحديد، وثانياً كون الزراعة فيها تعتمد على مياه الأنهار الثلاثة التي تنبع من الأراضي الكشميرية.
في المحصلة : لم يعد الصراع الهندي الباكستاني محصورا بين البلدين فتداخل المصالح العالمية المتشابكة والصراع على هذه المصالح يؤكد ان التدخلات الخارجية ستظل سببا لتجديد هذه الحروب بين الهند وباكستان على امل ان تكون نتائجها لصالح المتدخلين خاصة في ظل الحروب الحالية التي لا تقتصر على الحروب العسكرية بل تاخذ مناح عدة منها حروب السيطرة على المعلومات والحروب التجارية وسلاسل التوريد والتصدير والتنافس على المعادن التادرة وغير ذلك فيما الخاسر الاكبر هو كلا البلدين الهند وباكستان .