نزوح وطرد متواصل.. هل بقي مكان آمن في غزة؟

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - غزة - قبيل الحرب، لم تكن المدة الزمنية التي تقطعها السيارة بين مدينتي دير البلح (وسط قطاع غزة) وخان يونس (جنوبا) تتجاوز أكثر من ربع ساعة. لكنها الآن، قد تصل إلى 3 ساعات كاملة، بسبب تكدس مئات آلاف النازحين على طول شارع الرشيد، في المنطقة التي تزعم إسرائيل أنها "إنسانية".


واختفت ملامح الشارع الواصل بين شمالي القطاع وجنوبه، وتحوّل من شارع سريع محاط من جهته الشرقية بالأراضي الزراعية، ومن الغرب بشاطئ البحر الأبيض المتوسط، إلى منطقة عشوائية بعد أن ملأته الخيام، وطغى عليه الباعة والمتسوقون، وتبقت -بالكاد- بضعة أمتار لمرور السيارات.


وخلال الأسبوعين الماضيين، زاد قلق النازحين في المنطقة جراء تضييق إسرائيل مساحتها لتصل إلى نحو 35 كيلومترا فقط بعد أن كانت خلال الشهر الأول من الحرب 230 كيلومترا.
 
كم عدد سكان القطاع وأين يوجدون؟


منذ بداية شهر أغسطس/آب الجاري، أصدر جيش الاحتلال 15 أمر طرد -يسميه "إخلاء"- داخل قطاع غزة، بمعدل إخلاء واحد كل يومين، وهو ما أدى إلى تقليص مساحة المنطقة المذكورة. وشملت غالبية الإخلاءات مناطق داخل خان يونس، والأحياء الشرقية والجنوبية لدير البلح.


ويقول مطر الزَّق، النازح من مدينة غزة، والقاطن حاليا في خيمة غربي دير البلح، إن أوامر الأخلاء الأخيرة تشعره وعائلته بـ"خوف كبير"، ويخشون أن تجبرهم إسرائيل قريبا على النزوح. ويضيف للجزيرة نت "نشعر أن الخطر يقترب، الآن يستهدفون شرق المدينة، وغدا سيستهدفون غربها، لا نعرف أين سنذهب؟".


يبلغ عدد سكان قطاع غزة، حتى تاريخ 18 أغسطس/آب الجاري، مليونين و440 ألف نسمة، بحسب بيانات حصلت عليها الجزيرة نت من مصدر حكومي. وبسبب جرائم الاحتلال المروعة خلال الحرب، "تشرد" نحو 90% منهم، وفق تغريدة نشرتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان على منصة إكس الخميس الماضي.


وحسب المصدر الحكومي بغزة، الذي تحدث للجزيرة نت، يتوزع السكان في الوقت الحالي على النحو التالي:
إعلان


•    300 ألف نسمة في محافظة شمال القطاع.
•    300 ألف نسمة في محافظة مدينة غزة.
•    مليون نسمة في محافظة وسط القطاع.
•    750 ألف نسمة في محافظة خان يونس.
•    50 ألف نسمة في رفح (شمال وشمال غرب المدينة).


ما قصة المنطقة "الإنسانية"؟


•    بتاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبعد أسبوع على بدء الحرب، أمرت إسرائيل جميع سكان شمالي وادي غزة بالنزوح إلى جنوبه، الذي يشمل محافظات الوسط والجنوب.
•    رغبة منها في تشجيع السكان على النزوح، أعلنت إسرائيل أن المنطقة الجنوبية من القطاع، البالغة مساحتها 230 كيلومترا (من أصل 360 كيلومترا هي مساحة القطاع)، "منطقة آمنة".
•    في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن الاحتلال عن تخصيص منطقة "آمنة" مصغرّة في منطقة المواصي غربي مدينتي خان يونس ورفح.
•    تقلصت المنطقة الآمنة (جنوبي وادي غزة بالكامل) بعد اجتياح الاحتلال لمحافظة خان يونس مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023، لتصل إلى 140 كيلومترا.
•    وتقلصت المنطقة الآمنة مجددا في مايو/أيار الماضي عند اجتياح جيش الاحتلال محافظة رفح إلى 79 كيلومترا.
•    وفي مايو/أيار الماضي، وبعد قرار اجتياح رفح، قرر الاحتلال توسيع المنطقة الآمنة الساحلية (المواصي) لتشمل الأحياء الغربية لمدينة دير البلح.
•    في يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضيين، قلّص الاحتلال المنطقة لتصل على التوالي إلى 60 كيلومترا ثم 48 كيلومترا.
•    وخلال أغسطس/آب الحالي، قلّص الاحتلال المنطقة إلى 35 كيلومترا ما يعادل 9.5% من إجمالي مساحة القطاع، حسب بيان لجهاز الدفاع المدني بغزة، صدر الجمعة الماضي.


أين توجد المنطقة "الإنسانية"؟


توجد المنطقة التي يزعم الاحتلال أنها "إنسانية" في الأماكن التالية:


•    غالبية الأحياء الغربية لمدينة دير البلح.
•    عدد من الأحياء الغربية لمدينة خان يونس.
•    منطقة مواصي دير البلح وخان يونس (إسرائيل أخرجت منها مواصي رفح منذ مايو/أيار الماضي).
•     أين يوجد النازحون الآن؟


يقول مدير إدارة الإمداد والتجهيز بجهاز الدفاع المدني محمد المغيّر إن العدد الأكبر من النازحين في قطاع غزة يتكدس في منطقة مواصي خان يونس الواقعة على شاطئ البحر "غرب المدينة".


ويتواصل "التكدس" -بحسب المغيّر- على شاطئ البحر شمالا حتى يصل إلى محطة تحلية المياه داخل مدينة البلح (وسط). ويؤكد -للجزيرة نت- أن أوامر الإخلاءات التي أصدرها الاحتلال، الشهر الجاري، أثرت بشكل كبير على خريطة وجود النازحين.


ويضيف أن مئات الآلاف اتجهوا نحو الغرب على شاطئ البحر في المنطقة الممتدة من منطقة مسجد معاوية بن أبي سفيان (شمال رفح) وحتى محطة تحلية المياه بمدينة دير البلح.


هل تنطبق عليها معايير "الإنسانية"؟


يرفض المغيّر إطلاق صفة "الإنسانية" على المنطقة التي خصصتها إسرائيل. ويوضح أنه حسب القوانين الدولية، هناك 4 معايير يجب توفرها في المنطقة الإنسانية، وهي:


•    الخدمات الصحية.
•    الأمن الغذائي.
•    المياه.
•    المستوطنات البشرية والمساحات التي يحتاجها المواطنون.
و"جميعها غير متوفرة".


ورغم ادعاء الاحتلال بأن المنطقة "آمنة وإنسانية"، فإن جهاز الدفاع المدني يؤكد أنه يتلقى -بشكل دائم- بلاغات باعتداءات إسرائيلية فيها. وكان آخرها، الخميس الماضي، حيث تعرضت منطقة "القادسية" في مواصي خان يونس لـ3 هجمات رغم أنها مكتظة جدا بالنازحين. وأضاف المسؤول "الاحتلال لا يفرق بين منطقة يزعم أنها إنسانية وأخرى، فهو يستهدف كل ما هو فلسطيني في كل مكان".


ما المنطقة الأكثر أمنا؟


ردا على سؤال عن المنطقة التي يمكن تصنيفها على أنها الأكثر أمنا في قطاع غزة، يجيب المغيّر "لا توجد أي منطقة آمنة في الوقت الحالي". ويقول إنه حتى شاطئ البحر الذي يعتقد المواطنون أنه أكثر أمنا لبعده عن الحدود البرية، يتعرض لإطلاق النار من قبل الزوارق الإسرائيلية والطائرات المروحية بشكل مباشر ومتواصل.


ما أهداف إسرائيل من التنكيل المتواصل بالنازحين؟


يلفت الكاتب والمحلل السياسي من غزة وسام عفيفة إلى أن إسرائيل تستخدم مناطق النزوح كأداة للعقاب الجماعي، وللضغط على المقاومة الفلسطينية.


ويضيف للجزيرة نت "أصبح النازحون في هذه المناطق يُعتبرون دروعا بشرية، يستخدمون للضغط على المقاومة لتقديم تنازلات سياسية في المفاوضات الدائرة لوقف النار، ولإعادة تشكيل قطاع غزة ديمغرافيا وسياسيا بما يحقق أمن الاحتلال".


في السياق ذاته، يرى رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده أن تضييق المنطقة (الإنسانية) وإنهاك النازحين والتنكيل بهم، يدل على أن إسرائيل تحاول ترسيخ احتلالها لقطاع غزة. وقال للجزيرة نت "هذا دليل على سعي الاحتلال لتدمير القطاع بالكامل وإعدام أي فرص للحياة فيه سواء حاليا أو مستقبلا".


المصدر : الجزيرة

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology