هل تستعدّ أوروبا لحرب مفتوحة مع روسيا؟

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - مزيد من الذخيرة وإنتاج الأسلحة، ومزيد من الاستثمار والتنسيق في القدرات الدفاعية... هل تستعد أوروبا لحرب مفتوحة مع روسيا؟


تسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى زيادة إنفاقها الدفاعي، وبات الاتحاد الأوروبي - وهو مشروع من أبرز أهدافه الحفاظ على السلام بين الدول الأعضاء - يركّز بشكل كبير على الدفاع، إذ يهدف إلى حماية نفسه من التهديدات الخارجية في الأوقات المضطربة، وفي ظل تخوّف من نشوب حرب أخرى في أوروبا.


عوامل تصعيد تزداد


مسار هذا التحول الأوروبي نحو التركيز على الإنفاق الدفاعي، تأثّر بشكل كبير بعوامل عديدة أبرزها الحرب التي تخوضها روسيا ضد أوكرانيا، حيث دخل الاجتياح العسكري الروسي عامه الثالث، فيما تعاني القوات الأوكرانية بسبب نقص الذخيرة وشلل المساعدات التي تُقدَّم لها، ويثبت الكرملين أنه أكثر مرونة مما كان متوقعاً، وفق تقرير لصحيفة «إل باييس» الإسبانية، الاثنين، 4 مارس (آذار). ومن هذه العوامل أيضاً أنّ الصين تبدو أكثر حزماً، حسب التقرير، وتزداد المخاوف بشأن ما سيحدث للدعم الأميركي لأوكرانيا إذا عاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، أو إذا حوّلت واشنطن جهودها من أوروبا نحو آسيا لاحتواء الصين. من ثمّ تسعى القارة الأوروبية لئلا تكون في موقف هش إذا اندلع صراع آخر.


ومن المؤشرات الأخيرة على التصعيد بين روسيا والاتحاد الأوروبي، قول روسيا، إن محتوى المحادثة المسربة بين ضباط ألمان ناقشوا احتمال توجيه ضربات في شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمتها روسيا، «يثبت أن الدول الغربية تشارك في الحرب في أوكرانيا»، وفق الكرملين، في حين أنّ المستشار الألماني أولاف شولتس، ورغم الضغوط الكبيرة عليه من جانب الحلفاء، يرفض مراراً وتكراراً طلباً لكييف طال أمده، هو الحصول على صواريخ توروس. ويبرّر موقفه بأن «السلاح بعيد المدى»، الذي يبلغ مداه حوالي 300 ميل، إذا سلّمته ألمانيا لأوكرانيا، فمن شأنه أن يخاطر بجرّ ألمانيا مباشرة إلى الحرب ضد روسيا، حسب تقرير صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، الثلاثاء 5 مارس.


تحسباً لهجوم روسي


وسط الجو العام المتوتر بين روسيا والاتحاد الأوروبي، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أمام الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي ، إن «التهديد (الروسي) بالحرب قد لا يكون وشيكاً، لكنه ليس مستحيلاً»، مشددة على أنه «حان الوقت لأوروبا أن تستعد».


ويُعَد خطاب فون دير لاين، حسب تقرير «إل باييس»، هو الأحدث في سلسلة من التصريحات التي تحذّر من خطر قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمهاجمة دولة أوروبية وحليفة في الناتو، ليحاول اختبار تعهد الدفاع المشترك للناتو، الذي ينص على أن الهجوم على أي عضو في التحالف يُعَدُّ هجوماً على الجميع. وحذّر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس قبل بضعة أسابيع من أنّ «خبراءنا يتوقعون أن يكون هذا (الهجوم) ممكناً خلال فترة تتراوح بين خمس وثماني سنوات». وفي الوقت نفسه، قال وزير الدفاع الدنماركي، ترويلز لوند بولسن، إن الهجوم الافتراضي يمكن أن يحدث حتى قبل ذلك «لم يكن هذا تقييم الناتو في عام 2023، هذه معرفة جديدة تظهر في المقدمة الآن».


وكشفت المفوضية الأوروبية، النقاب عن برنامج الصناعة الدفاعية الأوروبية (EDIP) استجابة للحاجة الملحة لاستراتيجية دفاعية منسقة في مواجهة احتمال هجوم روسي.


يلخّص المفوض تييري بريتون البرنامج الأوروبي لصناعة الدفاع الذي اعتمدته المفوضية، بأنه «إنتاج أسرع، إنتاج أفضل، إنتاج مشترك، في أوروبا».


معالجة الضعف في الصناعة العسكرية


يؤكد هذا البرنامج الصناعي، الذي يهدف إلى معالجة نقاط الضعف في الصناعة العسكرية الأوروبية التي أبرزتها الحرب في أوكرانيا، أهمية الإنتاج بشكل أكثر كفاءة وتعاوناً داخل الاتحاد الأوروبي. فقد أبرزت الحرب أوجه القصور في مجالات عدة في الصناعة العسكرية الأوروبية، أبرزها عدم قدرة المصانع على تأمين الطلب المتزايد على المنتجات العسكرية، والانخفاض الخطير في المخزونات، وهو ما سلّط الضوء على نقاط الضعف في الدفاع الأوروبي، وهو إرث يُطلق عليه اسم «السنوات الثلاثين الكسولة»، التي استمتع الأوروبيون خلالها بمكاسب السلام بعد غياب الاتحاد السوفياتي ومعه المعسكر الشرقي مطلع تسعينات القرن الماضي.


فالجيوش الأوروبية، وفق تقرير لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، الثلاثاء 5 مارس، رغم زيادة قدرات دولها الإنتاجية في قطاع الدفاع، ليست مستعدة بشكل كافٍ لمواجهة التهديدات الحالية. الإنفاق الدفاعي غير الكافي على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية لدول الاتحاد الأوروبي، جعل الاتحاد غير مستعد. تهدف المفوضية إذن إلى تصحيح الخلل في الإنفاق الجماعي على الدفاع، وذلك من خلال تشجيع المشتريات العسكرية المشتركة وتبادل المخزونات العسكرية. ومع ذلك، لا تزال القيود المالية تشكل عائقاً.


يقترح برنامج الصناعة الدفاعية الأوروبية مجموعة من الأدوات القانونية والتنظيمية والمالية لتنشيط صناعة الدفاع. وخصصت المفوضية ميزانية قدرها 1.5 مليار يورو لأوكرانيا. وتهدف هذه الجهود إلى تحفيز زيادة القدرات الإنتاجية بين الجهات الفاعلة في صناعة الدفاع. الهدف هو تعزيز الرؤية للمصنعين من خلال تشجيع المشتريات الأوروبية المشتركة، بهدف تحقيق 40 في المائة من عمليات الاستحواذ على المعدات الدفاعية التعاونية بحلول عام 2030.


نحو تعزيز التعاون الدفاعي


يدرس الاتحاد الأوروبي اتباع نهج تحويلي للتعاون الدفاعي، يهدف إلى تعزيز الكفاءة وخفض التكاليف على الدول الأعضاء. ويتضمن الاقتراح تجميع الموارد والأموال لإنشاء نظام المشتريات الدفاعي المشترك.


ولتحفيز المشاركة في صناعة الدفاع، يقترح الاتحاد الأوروبي تقديم جزء من مبالغ العقود لتسريع الطاقة الإنتاجية. بالإضافة إلى ذلك، يهدف إلى دعم المواقع الصناعية الخاملة، مع وعد الاتحاد الأوروبي بتقديم تمويل لإحياء الإنتاج بسرعة عند الحاجة. ويتصور الاتحاد الأوروبي تحولاً نموذجياً نحو «اقتصاد الحرب»، ويحث صناعة الدفاع الأوروبية على تحمّل مزيد من المخاطر بدعم من الاتحاد.


ولتعزيز الطلب وتجديد المخزونات بسرعة، يقترح الاتحاد الأوروبي إنشاء كتالوغ دفاعي موحد، على غرار النظام الدفاعي الأميركي، وتوفير الشفافية وتشجيع شراء المعدات العسكرية الأوروبية. والهدف هو الحد من التجزئة (في شراء المعدات) المكلفة لعروض الدفاع وتنمية ثقافة التعاون من خلال أطر قانونية متخصصة، بدعم من أموال الاتحاد.


ومع ذلك، تواجه الخطة الأوروبية الطموح تحديات مالية، مع دفعة أولية متواضعة قدرها 1.5 مليار يورو من ميزانية الاتحاد الأوروبي؛ لذا دعت دول أوروبية إلى تأمين تمويل بقيمة 100 مليار يورو، حيث طالبت فرنسا وإستونيا وبولندا إلى توفير التمويل الكافي من الاتحاد الأوروبي للخطة الدفاعية، واقترحت قرضاً مشتركاً جديداً. وفي حين تظل الدول المقتصدة في الإنفاق العسكري حذرة، وخاصة ألمانيا .


تعويل على الصناعة العسكرية الفرنسية


يعوّل الاتحاد الأوروبي في جهوده الدفاعية، على فرنسا التي تحتلّ مكانة فريدة من حيث الدفاع. فهي العضو الدائم الوحيد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والقوة الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية في الاتحاد الأوروبي منذ خروج بريطانيا من الاتحاد، ولديها أيضاً أراض عديدة وواسعة خارج البر الأوروبي، ما يجعل فرنسا لاعباً من الطراز العالمي، وفق تقرير آخر لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية .


وأبدت فرنسا في الواقع، لأكثر من ستين عاماً، الرغبة في البقاء لاعباً عسكرياً رائداً دون الاعتماد على دولة أخرى. وقد أدى هذا التوجّه إلى وضع الردع في قلب سياسة فرنسا الدفاعية (52 مليار يورو من أصل 413 ملياراً مخصصة للإنفاق العسكري مخططة بموجب قانون البرمجة العسكرية الفرنسي 2024 - 2030). وتحرص فرنسا على الإبقاء على نموذج عسكري متكامل والحفاظ على صناعة دفاعية قادرة على تصميم وتطوير وإنتاج أسلحة متنوعة، وذلك من أجل تجهيز القوات الفرنسية وأيضاً من أجل تصدير السلاح، ويأتي ذلك غالباً في إطار التعاون الاستراتيجي مع الدول الصديقة. وتولّد المبيعات الدولية (للسلاح) أيضاً دخلاً للاستثمار في أسلحة الجيل الجديد، بحيث تظل الجيوش الفرنسية في طليعة التكنولوجيا.


استعداداً لاحتمال فوز ترمب بالانتخابات الأميركية


يأتي قرار الاتحاد الأوروبي بإطلاق برنامج الصناعة الدفاعية الأوروبية (EDIP)، أيضاً في إطار تحسّب دول الاتحاد لاحتمال فوز الرئيس السابق دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. سيناريو يراه قادة أوروبا بشكل عام، مهدّداً للدفاع المشترك العابر للمحيط الأطلنطي، مع تخوّف ألّا يكون ترمب حليفاً قوياً لأوروبا على عكس الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، في حين دخلت روسيا العام الثالث لحربها على أوكرانيا، وتخوّف الاتحاد الأوروبي من قوبيا إقدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الهجوم على دولة (أوروبية) عضو في حلف الناتو.


فعندما فاز الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن على الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب في عام 2020 في الانتخابات الرئاسية الأميركية، شعرت العديد من العواصم الأوروبية بالارتياح. لكنّ هذا الارتياح تحوّل إلى إدراك أنّه قد لا يدوم طويلاً في حال عودة ترمب إلى البيت الأبيض، حسب تقرير سابق لمجلّة «فورين بوليسي» الأميركية.


فوفق صحيفة «آيريش إندبندنت» الآيرلندية، كشف مسؤول أوروبي كبير عن أن زعماء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يدرسون بالفعل تأثير ولاية رئاسية ثانية لترمب على الاتحاد الأوروبي.


وقال المسؤول إن الزعماء السياسيين الأوروبيين يستعدون «ذهنياً» لاحتمال فوز ترمب على الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن في انتخابات نوفمبر.


ويشمل هذا الاستعداد النظر في القدرات الدفاعية الأوروبية وموارد الطاقة، حيث يتوقع كثيرون أن ترمب لن يكون حليفاً قوياً للاتحاد الأوروبي.


ومن المتوقع أيضاً أن يأخذ القادة الأوروبيون رئاسة ترمب في الاعتبار في عملية صنع القرار عند اختيار خليفة لرئيس المجلس الأوروبي المنتهية ولايته شارل ميشال.


وقال المسؤول الأوروبي: «السمة الرئيسية للسيد ترمب هي عدم القدرة على التنبؤ (بما سيُقدم عليه)، لذا عليك الاستعداد لما لا يمكن التنبؤ به».


ماذا بعد العجوم على كورسك ؟


اكد الكرملين، أنه "لن يتحاور" مع أوكرانيا بسبب هجومها داخل منطقة كورسك الروسية الذي دخل أسبوعه الثاني.


وقال يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي للسياسة الخارجية لمحطة "راشن شوت" عبر تلغرام: "في المرحلة الراهنة ونظرا إلى هذه المغامرة، لن نتحاور"، مضيفا: "سيكون من غير المناسب بتاتا الدخول في عملية تفاوضية".


فيما أعلنت أوكرانيا أنها صدت -صباح الثلاثاء- هجوما جويا روسيا على العاصمة كييف، هو الخامس من نوعه خلال الشهر الجاري في وقت تشهد فيه مدينة بوكروفسك شرقي أوكرانيا نزوحا جماعيا، بعد توغل قوات الجيش الروسي فيها.


بدوره صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن الرئيس فلاديمير بوتين أكد أنه لن يكون هناك مفاوضات مع كييف بعد الهجوم الأوكراني على مقاطعة كورسك الروسية.


وأشار لافروف في مقابلة مع الصحفي بافيل زاروبين إلى أن "الرئيس (فلاديمير بوتين) قال بوضوح شديد إنه بعد بدء الهجمات على مقاطعة كورسك، وليس حتى الهجمات، بل غزو أراضي كورسك، لا يمكن الحديث عن أي مفاوضات، والرئيس قال أيضا عبارة مهمة جدا أود أن ألفت الانتباه إليها: سنقوم بالتأكيد بتقييم هذا الوضع قريبا جدا".


في سياق متصل، أعلن الجيش الروسي السيطرة على بلدة زاليزني القريبة من توريتسك في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا حيث يحقق تقدماً متواصلاً، بمعزل عن الهجوم المباغت الذي تشنه القوات الأوكرانية داخل الأراضي الروسية.


وأفادت وزارة الدفاع الروسية في تقريرها اليومي بأن القوات الروسية "حررت واحدة من كبرى بلدات منطقة دزيرجينسك (توريتسك بحسب تسميتها الأوكرانية)، بلدة أرتيوموفو (زاليزني بالأوكرانية)".


فيما نقلت وكالة الإعلام الروسية عن نائب برلماني روسي قوله، إن التوغل الأوكراني المدعوم من الغرب في روسيا يضع العالم على مشارف حرب عالمية شاملة.


ايضا فقد اشار النائب، ميخائيل شيريميت، قوله: "بالنظر إلى وجود عتاد عسكري غربي مع استخدام ذخيرة وصواريخ غربية في الهجمات على البنية التحتية المدنية، فضلا عن الدليل الدامغ على مشاركة أجانب في الهجوم على الأراضي الروسية، فإنه يمكن أن نستنتج أن العالم على شفا حرب عالمية ثالثة".


وأضاف شيريميت، العضو في لجنة الدفاع بالبرلمان الروسي، أن دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) أعطت الضوء الأخضر لتنفيذ خطط التوغل، وهو اتهام نفته الولايات المتحدة.


كما اتهم نيكولاي باتروشيف، وهو مساعد الرئيس فلاديمير بوتين، الغرب بالوقوف وراء الهجوم، وذلك في مقابلة مع صحيفة "إزفيستيا".


وقال باتروشيف، إن حلف شمال الأطلسي وأجهزة الاستخبارات الغربية ضالعة في التخطيط لعملية كورسك، لكنه لم يقدم أي دليل.


وتقول أوكرانيا وحلفاؤها إن روسيا تتلقى دعما لجهودها الحربية من الصين وإيران وكوريا الشمالية.


كذلك فان روسيا تقترب من إحدى المدن الشرقية رغم "نجاحات" أوكرانيا في أماكن أخرى، فيما لم تتحقق الآمال الأوكرانية في أن يؤدي التوغل بمنطقة كورسك إلى تخفيف الضغوط على الجبهة الشرقية، مع اقتراب قوات موسكو من مدينة بوكروفسك.


لم توقف النجاحات التي أعلنت عنها كييف في توغلها الذي استمر أسبوعين في روسيا الدفع المستمر لقوات موسكو إلى الجزء الشرقي من أوكرانيا، ما يهدد مركزا لوجستيا رئيسيا.


يقول المسؤولون في مدينة بوكروفسك بشرق أوكرانيا إنهم يقومون بإجلاء السكان تحسبا لسقوطها أمام التقدم الروسي، الذي أصبح الآن على بعد أقل من 10 كيلومترات من حدود المدينة. وإذا سقطت هذه المدينة، فستكون أكبر مركز سكاني يسيطر عليه الروس منذ أرتيوموفسك (باخموت الأوكرانية) في مايو 2023.


وتقول رئيسة سياسة المعلومات في الإدارة العسكرية لبوكروفسك، يكاتيرينا يانزولا، عبر الهاتف، إن القوات الروسية "تتحرك نحو ضواحي المدينة، ولم يعد سرا أن مصير المدينة أصبح غير واضح". وتابعت: "ربما يتغير الوضع بطريقة ما، ونأمل أن يتوقف العدو في مكان ما على الطرق المؤدية إلى بوكروفسك، وأن تصده قواتنا".


وتظهر خرائط متاحة للمستخدمين أن القوات الروسية تقترب من قرى غروديفكا، وكراسني يار، ونوفوغروديفكا، إلى الشرق من بوكروفسك، وهو ما قد يشير إلى أن اختراقا روسيا وشيكا في طريقه للحدوث، كما يقول الخبراء.


وقال المحلل العسكري في مركز الأمن الأمريكي الجديد ومقره فيينا، فرانز ستيفان غادي: "هناك عدد من الأدلة على أن الروس يقاتلون بالفعل على آخر خط دفاعي معتبر خارج مدينة بوكروفسك".

شركة عسكرية أمريكية خاصة تفضح مشاركة مرتزقتها في الهجوم على مقاطعة كورسك


وخسارة بوكروفسك، المركز اللوجستي عند تقاطع طريقين رئيسيين في شرق أوكرانيا، من شأنها أن تفتح الباب أمام المزيد من التقدم من جانب روسيا في هذه المنطقة الصناعية الشرقية التي كانت منذ فترة طويلة محور هجوم القوات الروسية.


لكن حتى مع تقدم القوات الروسية في الشرق، قال الرئيس الأوكراني (المنتهية ولايته – المحرر) فلاديمير زيلينسكي، إن القوات الأوكرانية "حققت أهدافها" في منطقة كورسك الغربية بروسيا، على بعد مئات الكيلومترات إلى الشمال، حيث شنت قوات كييف توغلا جريئا قبل أسبوعين تقريبا.


وبينما هنأ زيلينسكي القوات على جهودها، قال للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إن "هناك حاجة لتسريع الإمدادات من شركائنا. ونحن نطالب بذلك بشدة. فلا توجد إجازات في الحرب".


وقال محللون إن التقدم الروسي المطرد يشير إلى ضعف محتمل في استراتيجية كييف، حيث لم تتحقق آمالها في الحد من المكاسب الروسية في الشرق حتى الآن.


وقال المحلل العسكري غادي، في إشارة إلى حزام الصدأ في شرق أوكرانيا حيث تقع بوكروفسك وتوريتسك: "إن الصورة في دونباس تبدو مثيرة للقلق إلى حد ما بالنسبة لي". فروسيا لا تزال تتفوق كثيرا من حيث القوة البشرية والنارية هناك على القوات الأوكرانية. والسؤال الأكبر، بحسب غادي، لا يزال: "ما هو نوع الاحتياطيات التي لم تعد متاحة الآن" في بوكروفسك، والتي كانت ستكون متاحة

لولا العملية في كورسك؟


ويتابع غادي: "إن الحرب تدور دائما حول اتخاذ الخيارات. والسؤال هو: هل كان هذا هو الخيار الصحيح لإرسال قوات إلى روسيا لتوسيع خط المواجهة، أم كان الأفضل الاحتفاظ بالاحتياطيات أو تثبيت خط المواجهة في دونباس؟".


يقول جنود أوكرانيون في منطقة بوكروفسك إن التوغل في كورسك لم يغير الهجوم الروسي، بل على العكس، فإن الضغوط زادت في الأيام الأخيرة.


وقال المتحدث باسم اللواء الآلي رقم 110، إيفان سيكاش، الذي يقع على بعد حوالي 16 كيلومترا من بوكروفسك: "إن العدو لن يتخلى عن هذا الاتجاه في هجومه، فبالنسبة له يظل ذلك أولوية". وآخر شيء سيفعلونه، حتى لو كان الوضع سيئا للغاية بالنسبة لهم، سيكون الذهاب إلى مكان آخر. فقط في اللحظة الأخيرة سيأخذون قوتهم من هنا".


لوكاشينكو معلقا على الهجوم الأوكراني على كورسك: يموتون بلا فائدة


وتستخدم قوات موسكو تكتيكات مختلفة، حيث تستخدم المزيد من المركبات الآلية ومجموعات أصغر حجما لاستكشاف الخط. وقال سيكاش: "لم يتغير الوضع، بل أصبح أكثر صعوبة، لأن العدو بدأ في استخدام المزيد من المعدات".


 على الرغم من ذلك، يقول محللون آخرون إن استراتيجية كييف تنطوي على تنازلات، إلا أنه، في الوقت الحاضر، يبدو أولا، أن المكاسب الإقليمية الأوكرانية بالقرب من كورسك أكثر أهمية من الخسائر الإقليمية بالقرب من بوكروفسك، كما يقول مدير شركة "روشان" للاستشارات الدفاعية ومقرها بولندا كونراد موزيكا، حيث يتابع: "وثانيا، حتى لو اقترب الروس من المدينة، فسوف يحتاجون إلى الاستيلاء عليها، وهو ما من المرجح أن يكون مهمة مكلفة، كما هي الحال في الحرب الحضرية، لا سيما إذا تحصن الأوكرانيون بشكل صحيح، حينها ستكون لديهم فرصة لإلحاق خسائر فادحة بالوحدات الروسية".


وأضاف أن "الأمر كله يتلخص في القوة البشرية والمدى الذي تكون فيه كييف مستعدة للدفاع عن المنطقة".


وقال رئيس الإدارة العسكرية لمدينة بوكروفسك، يوري تريتياك، في اتصال هاتفي، إن المسؤولين المحليين يحثون السكان على إخلاء بلدة ميرنوغراد الواقعة على بعد نحو 10 كيلومترات شرق بوكروفسك، حيث تتقدم القوات الروسية "شيئا فشيئا"، مضيفا أن القوات الروسية على بعد أقل من 8 كيلومترات من البلدة.


وتواصل القوات الروسية معاركها ضد القوات الأوكرانية في أعقاب توغل الأخيرة إلى داخل الحدود الروسية بمنطقة كورسك، ما أجبر موسكو على استدعاء جنود احتياط.


وفي واحدة من أكبر الهجمات الأوكرانية على روسيا في الحرب المستمرة منذ عامين، اخترق نحو 1000 جندي أوكراني الحدود الروسية في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، بالدبابات والمركبات المدرعة وأسراب من الطائرات المُسيّرة والمدفعية، وفقاً لمسؤولين روس.


وأودى القصف والغارات بطائرات مسيرة على المنطقة المتاخمة للحدود الروسية الأوكرانية، بحياة 5 مدنيين وأسفرت عن إصابة 31 آخرين، بينهم أطفال، وفق وسائل إعلام ومسؤولين روس.


وتوغلت القوات الأوكرانية في الحقول والغابات الحدودية باتجاه الشمال من بلدة سودجا، وهي آخر نقطة شحن تعمل حالياً لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا.


روسيا تعلن وقف تقدم الوحدات الأوكرانية


من جانبها، أفادت وزارة الدفاع الروسية، بأن الجيش الروسي "أوقف ودمر" محاولات وحدات من القوات المسلحة الأوكرانية لاختراق المنطقة في اتجاه كورسك.


وقالت الوزارة في بيان: "تواصل وحدات من مجموعة الشمال، إلى جانب جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، تدمير التشكيلات المسلحة للقوات المسلحة الأوكرانية في منطقتي سودجينسكي وكورينفسكي في مقاطعة كورسك"، وفق ما أوردت وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء.


وأضاف البيان: "تم استهداف التجمعات من القوى العاملة والمعدات التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية بالنيران، ويتم إيقاف محاولات اختراق الوحدات الفردية في عمق المنطقة في اتجاه كورسك".


وأوضحت الوزارة أن القوات الروسية كانت تشن ضربات جوية على القوات الأوكرانية المتقدمة في مقاطعة سومي الأوكرانية (المجاورة)، مشيرة إلى أن منظومات الدفاع الجوي اعترضت ودمرت صاروخاً من طراز "أولخا" في أجواء مقاطعة كورسك.


وأضافت أن مقاتلات روسية، من طراز Su-34 قصفت بقنابل من طراز FAB-500 معدات تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية في مقاطعة كورسك، ونشرت لقطات الفيديو للعملية.


وأفادت الوزارة، بأن خسائر التشكيلات الأوكرانية منذ بدء العمليات القتالية على محور كورسك "بلغت 660 عسكري و82 مركبة مدرعة".


ميدفيديف يطالب بـ"سحق العدو"


واعتبر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديميتري ميدفيديف، أن الهجوم الأوكراني هو محاولة من كييف لإجبار روسيا على نقل قواتها من خطوط المواجهة الرئيسية، ولأن تظهر للغرب أنها لا تزال قادرة على القتال.


وكتب الرئيس الروسي السابق على تليجرام: "تحتاج روسيا إلى تعلّم الدروس من تصرفات الجيش الأوكراني على الحدود مع منطقة كورسك، وسحق العدو بحزم".


وأضاف: "نحن بحاجة إلى تعلم درس جاد مما حدث والقيام بما تعهد به رئيس الأركان العامة فاليري جيراسيموف للقائد الأعلى، أي هزيمة العدو وسحقه بحزم".


وشدد على أنه نتيجة لهذا الهجوم، يتعين على روسيا توسيع أهداف حربها لتشمل أوكرانيا بالكامل.


وزارة الخارجية الروسية قالت ، إن مشاركة إحدى الشركات العسكرية الخاصة الأمريكية إلى جانب القوات المسلحة الأوكرانية أثناء الهجوم على مقاطعة كورسك تثبت تورط الولايات المتحدة كمشارك مباشر في النزاع، ويصبح المرتزقة تلقائيًا هدفًا عسكريًا مشروعًا.


وأضافت الوزارة، عقب استدعائها القائمة بأعمال الشؤون الأمريكية لدى روسيا سيتفاني هولمز، أن "مثل هذه التصرفات، التي تتناقض مع ادعاءات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن عدم تورطها المزعوم في هجوم النازيين الجدد الأوكرانيين على روسيا، تثبت بوضوح تورط الولايات المتحدة، كمشارك مباشر في الصراع في الخطط الخبيثة لفولوديمير زيلينسكي".


وأشارت إلى أنه فيما يتعلق بالمواطنين الأمريكيين المتورطين في هذه الجرائم، وفقًا للقانون الجنائي الروسي، ستقوم الإدارات المختصة بإجراءات التحقيق اللازمة لتقديمهم إلى العدالة.


وأوضحت الوزارة، أنه من الواضح أن جميع "المتخصصين" والمرتزقة الأجانب الذين يعبرون حدود بلادنا بشكل غير قانوني يصبحون تلقائيًا هدفًا عسكريًا مشروعًا للقوات المسلحة الروسية".


وتحدث جنود المشاة البحرية الروسية المشاركون في العملية عن كيفية وقف تقدم رتل المدرعات الأوكراني الذي يتشكل من ناقلات طراز "سترايكر" و"كوزاك" ومركبة مدرعة من طراز "هامفي" وغيرها.
وقال أحد الجنود: "لم يكن العدو يتوقع مثل هذا الرد القاسي من جهتنا. بعد مواجهات غير ناجحة وجها لوجه، حاول المسلحون تجاوز مقاتلينا، ولكن بفضل براعة قائد الفرقة تمت مباغتتهم".


وأضاف: "بعد ذلك، تمكن مشاة البحرية من اتخاذ مواقع مفيدة لتحقيق المزيد من السيطرة على حركة الرتل الأوكراني وجرى تدمير معدات العدو الخفيفة والثقيلة منها".


ومن بين مدرعات قوات كييف التي تم الاستيلاء عليها عربة مدرعة كندية من طراز Roshel SARV ومركبة مضادة للألغام من طراز "كوجر".


ختاماً، يمكن اعتبار أن الهجوم الأوكراني على كورسك محاولة أخيرة من كييف لفرض السيناريو الخاص بها على مسار الحرب والتفاوض على أسس متساوية، أو على أقل تقدير إجبار الكرملين على تحويل الموارد من منطقة دونيتسك الشرقية، حيث ضغطت القوات الروسية في عدة قطاعات وحققت مكاسب بطيئة ولكن ثابتة، بالإضافة إلى ذلك كان الهجوم بمثابة رفض للسيناريو الروسي، الذي كان يأمل في أن تستمر قواته في تطويق أوكرانيا لحين البدء في مفاوضات تكون له فيها اليد العليا؛ بما يضمن إنهاء الحرب وفقاً للتصور الروسي.


من ناحية أخرى، فمن غير المحتمل أن ترضخ موسكو بسهولة لسيناريو كييف، ولكنها قد ترد عبر توسيع أهداف حربها للاستيلاء على المزيد من الأراضي الأوكرانية، وقد تزيد من وتيرة هجماتها على طول خط الجبهة مع احتمالية الدفع بقوات أكثر تدريباً في مناطق القتال .

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology