هل من الممكن أن تظهر القوات الغربية في أوكرانيا خلال 3 إلى 4 أشهر؟

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


فرنسا تلمّح إلى تجاوز التسليح في دعم أوكرانيا.. وبوريل: لن نموت من أجل دونباس
 
افراسيانت - بعد تصريحات ماكرون، التي أثارت جدلاً بشأن إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا، رئيس أركان الجيش الفرنسي يكشف أنّ الدعم الغربي لكييف قد يتجاوز تسليم الأسلحة، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي يقول إنّ الأخير "لن يذهب للموت" من أجل دونباس.


بدوزه : لم يستبعد رئيس الحكومة الهنغارية فيكتور أوربان، أن تظهر القوات الغربية في أوكرانيا في غضون 3 إلى 4 أشهر.


وقال أوربان على أثير إذاعة "كوسوث"، رداً على سؤال عن احتمال إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا إنّ "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه قبل شهرين أو ثلاثة لم يكن من الممكن تصور إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا. وبعد شهرين أو ثلاثة أشهر، سيصبح الأمر حدثاً اعتيادياً".


وذكّر أوربان بأن ألمانيا قالت في السابق إنها لن ترسل أسلحة فتاكة إلى أوكرانيا، لكنها الآن تؤكد أنها ستنقل أنظمة صاروخية إلى كييف.


وكرر أوربان أن "ما هو سخيف الآن ومن المستحيل تصديقه يتحول إلى واقع في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر".


والواقع فان تسريب روسيا لمحادثة بين رئيس سلاح الجو الألماني وكبار الضباط، حول إرسال صواريخ من طراز "كروز" من طراز "توروس" إلى أوكرانيا، كشف أنّ إرادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في عدم تصعيد الحرب الحالية بدأت تضعف، وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.


تقول الصحيفة إنّه "مع وصول الصراع في أوكرانيا إلى طريقٍ مسدود، فقدت استراتيجية الناتو كلّ تماسكها.. هذه هي اللحظة التي تخرج فيها مثل هذه الحروب عن نطاق السيطرة".


كما أشارت إلى أنّه "على مدار عامين حتى الآن، قام القادة الغربيون بتلميع صورتهم الرجولية في الداخل من خلال زيارة رئيس كييف فولوديمير زيلينسكي وحثّه على السعي لتحقيق النصر الكامل بمساعدتهم".


وكان من المتوقع أيضاً أن "النصر الكامل لم يكن وارداً على الإطلاق"، مضيفةً أنّ "موسكو في حالة حرب يُمكنها دائماً اللعب لفترة طويلة".


وعلى الرغم من أنّ الأمر بدا مروعاً في ذلك الوقت، إلا أنّ الصفقة المطروحة في ربيع العام 2022 للعودة إلى نسخة ما - أي نسخة تقريباً - من حدود ما قبل شباط/ فبراير 2022 كانت منطقية.


وبدلاً من ذلك، أصبحت أوكرانيا تبدو أكثر من أيّ وقتٍ مضى، وكأنّها مرتزقة من حلف شمال الأطلسي، بالنسبة للجنرالات الغربيين الراغبين في تعزيز ميزانياتهم وإحياء ألعاب الحرب الباردة التي كانت تُمارس في شبابهم.. ويدفع الثمن دافعو الضرائب وشباب أوكرانيا، بحسب الصحيفة.


كما لفتت إلى أنّ أوروبا الغربية "ليس لديها مصلحة يُمكن تصوّرها في تصعيد الحرب في أوكرانيا من خلال تبادل الصواريخ بعيدة المدى".


وتضيف أنه في حين يتعيّن على أوروبا أن تحافظ على دعمها اللوجستي للقوات الأوكرانية، فإنّها ليس لديها مصلحة استراتيجية في رغبة كييف في طرد روسيا من المناطق ذات الأغلبية الناطقة بالروسية في شبه جزيرة القرم أو دونباس، ولديها كل المصلحة في السعي الدؤوب للتوصل إلى تسويةٍ مُبكرة والبدء في إعادة بناء أوكرانيا.


أمّا عن عقوبات "القوة الناعمة" التي فرضها الغرب على روسيا، فقد اعتبرت الصحيفة أنها "فشلت فشلاً ذريعاً، الأمر الذي أدّى إلى تعطيل الاقتصاد التجاري العالمي في هذه العملية".


وفي وقت قد تكون العقوبات محبوبة لدى الدبلوماسيين الغربيين ومؤسسات الفكر والرأي، ولكنها تُلحق الضرر أكثر ما تلحقه بمستخدمي الطاقة في بريطانيا وليس روسيا، وهي لم تُدمّر الاقتصاد الروسي ولم تُغيّر رأي بوتين.


كييف تعترف بأنّ الجيش الأوكراني بات حالياً في وضع "صعب جداً" في مواجهة القوّات الروسيّة، التي أشارت إلى أنّها تشنّ هجمات في شرق أوكرانيا وجنوبها بعد سيطرتها على مدينة أفدييفكا في جمهورية دونيتسك الشعبية.


ولطاما حذّرت موسكو من أنّ إعلان الغرب عزمه إرسال دبابات أميركية وألمانية إلى أوكرانيا، وأسلحة هجومية قد يتسبب في كارثةٍ عالمية، يقود إلى إجراءات انتقامية روسية تشهد استخدام أسلحة أكثر قوّة.


نائب رئيسة وزراء إيطاليا يصف ماكرون بأنه خطر على أوروبا


لكن يبدو ان الطليان لهم راي اخر , فقد اتهم ماتيو سالفيني نائب رئيسة الوزراء الإيطالية الرئيسَ الفرنسي إيمانويل ماكرون بتعريض أوروبا للخطر، وذلك بفتحه الباب أمام فكرة إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا.


وقال سالفيني -خلال تجمع أقيم في روما ، لقادة أوروبيين يمينيين وقوميين تحضيرا لانتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في يونيو/حزيران المقبل- إن اقتراح ماكرون إرسال قوات إلى أوكرانيا "شديد الخطورة وفيه تجاوز، وغير متوازن".


وتابع المسؤول الإيطالي في كلمته التي شدد فيها على قيم العائلات المحافظة "أعتقد أن الرئيس ماكرون بكلماته يشكل خطرا على بلدنا وقارتنا".


وأضاف "المشكلة لا تكمن في الأمهات والآباء بل في دعاة حرب على غرار ماكرون. يتحدثون عن الحرب وكأن لا مشكلة حاليا".


وقال سالفيني "لا أريد أن نترك لأولادنا قارة تستعد للدخول في حرب عالمية ثالثة".


بالمقابل يرى رئيس أركان الجيش الفرنسي أنّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، "بنى مناورته على فكرة، مفادها أنّ الغرب لن يذهب أبداً إلى أوكرانيا"، "لكنه سيكون راضياً عن تقديم الأسلحة"، وقال: "يجب أن نُظهر لبوتين أنه لن يكون قادراً على استخدام هذا المنطق للذهاب إلى أوكرانيا".


يؤكد ماكرون أنّ إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا أمر "غير مستبعد"، ليقول: "نحن كأوروبا نرى أنّ هزيمة روسيا أمر لا غنىً عنه لأمن أوروبا". وأمل ماكرون، في حديث إلى صحيفتي "لوجورنال دو ديمانش" و"لوفيغارو" وإذاعة "فرنسا الدولية"، أن "تُهزم روسيا في أوكرانيا".


تصريحات الرئيس الفرنسي إلى إمكان إرسال قوات برية إلى أوكرانيا تكررت وخلال لقاء مع زعماء المعارضة الفرنسية، في أوائل آذار/مارس الجاري، أكّد ماكرون أنه بالنسبة إلى فرنسا "لا توجد محددات ولا خطوط حمر" بشأن مسألة مساعدة أوكرانيا.


وردّت الرئاسة الروسية على تصريحات ماكرون، وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إنّ "النزاع العسكري المباشر بين الناتو وروسيا سيكون أمراً لا مفر منه"، إذا تمّ إرسال القوات الغربية إلى أوكرانيا، مضيفاً: "في هذه الحالة، لن يكون الأمر متعلقاً بالاحتمال، لكن بالحتمية".


من جهته، قال مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريشكين، إنّ "لدى روسيا معلومات تفيد بأنّ فرنسا تقوم بإعداد وحدة عسكرية لإرسالها إلى أوكرانيا".


وفي المقابل، قال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قبيل انعقاد قمة الاتحاد الأوروبية، إنّ الاتحاد الأوروبي "لن يذهب إلى الموت من أجل إقليم دونباس"، بل يتعلق بـ"مساعدة الأوكرانيين حتى لا يقتلوا من أجل دونباس، أو لا يقتلوا في كييف عندما تتعرض للقصف".


وأضاف أنه "لا يجب تخويف الناس من أنّ الحرب أمر لا مفرّ منه"، موضحاً أنّ "الحاجة إلى دعم أوكرانيا هي الأمر الذي لا مفرّ منه".


وحثّ بوريل على "عدم المبالغة" في خطر انجرار الاتحاد الأوروبي إلى صراع عسكري، مؤكّداً أنّ "بروكسل تدعم أوكرانيا، لكنها ليست جزءاً من الصراع"، وأنّ "الحرب ليست حتمية".


وتابع مؤكّداً: "نحن نعيش في سلام، وندعم أوكرانيا، من دون أن نكون جزءاً من هذه الحرب"، لكن "يجب علينا الاستعداد للمستقبل، وزيادة قدراتنا الدفاعية".


جوبهت تصريحات ماكرون بانتقادات حادة من جانب عدد من الشركاء في حلف "الـناتو"، بما في ذلك ألمانيا وإيطاليا، وكذلك القوى السياسية في فرنسا.


من جانبها، علّقت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على تصريحات بوريل، عبر تطبيق "تلغرام"، قائلةً "إنّ الاتحاد الأوروبي لن يموت من أجل دونباس، لأن الموتى لا يموتون مرتين".


وفي 26 شباط/فبراير الماضي، كان المستشار الألماني، أولاف شولتس، دافع عن قراره رفض تسليم صواريخ "توروس" بعيدة المدى والخارقة للتحصينات، إلى أوكرانيا، مؤكّداً أنّ توريدها يعني أنّ ألمانيا "ستصبح طرفاً في الحرب ضد روسيا".


لكن كل هذه التصريحات لا تخفي نوايا الغرب الاطلسي ضد روسيا فقد بدأ الناتو بناء قاعدة كبيرة لحلف شمال الأطلسي، بتكلفة 2.5 مليار يورو، في رومانيا. ويجري بناء هذه المنشأة العسكرية على قاعدة ميهايل كوجالنيشينو الجوية، حيث يتمركز حوالي خمسة آلاف جندي أميركي.


تصف العديد من وسائل الإعلام قاعدة الناتو التي يجري إنشاؤها في رومانيا بأنها الأكبر في أوروبا، لكن المراقب العسكري العقيد المتقاعد فيكتور ليتوفكين أوضح لـ "أرغومينتي إي فاكتي" أن هذه التصريحات بعيدة كل البعد عن الحقيقة، فـ "أكبر قاعدة في أوروبا هي رامشتاين في ألمانيا، حيث يتمركز 40 ألف جندي. القاعدة الجديدة في رومانيا ستضم 10 آلاف جندي".


وعلل ليتوفكين سبب اختيار رومانيا لبناء القاعدة بالوضع المؤسف للقوات المسلحة الأوكرانية على الجبهة. فـ "أوكرانيا تفقد إمكانية الوصول إلى البحر الأسود. وقريبا، سوف تصبح منطقتا نيكولاييف وأوديسا جزءًا من روسيا. الولايات المتحدة في حاجة إلى تعزيز وجودها على البحر الأسود من أجل مواجهة روسيا".


"هناك ثلاث دول ساحلية على البحر الأسود أعضاء في حلف شمال الأطلسي: تركيا وبلغاريا ورومانيا. يدرك الأميركيون أن بلغاريا ورومانيا حلقتان ضعيفتان في سلسلة الناتو، لذا، فهم يريدون تعزيز وجودهم، بالقرب من حدود روسيا، من أجل احتواء روسيا والسيطرة على طرق التجارة. فمن مضيق البوسفور إلى أوديسا يمر الطريق عبر رومانيا. ناهيكم بالقول إن شبه جزيرة القرم قريبة، حيث يحتاجون إلى التجسس، خاصة وأن هناك قاعدة للطائرات الثقيلة المسيرة على أراضي رومانيا، يستخدمونها في توجيه الصواريخ والطائرات والقوارب المسيرة إلى شبه جزيرة القرم وضد سفن أسطول البحر الأسود".


في أوكرانيا، تقف الجبهات على حافة التدحرج الدراماتيكي، وتدرك القوى الغربية المصطفة خلف كييف هذا الواقع الذي اختزنته دعوة البابا فرنسيس الأوكرانيين إلى جرأة رفع الراية البيضاء وطلب السلام من خلال مفاوضاتٍ مع روسيا.


وتعليقاً على تصريحات الرئيس الفرنسي، أكد السكرتير الصحافي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف: "إذا تم إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا، فسيكون الصراع العسكري المباشر بين الناتو والاتحاد الروسي أمراً لا مفر منه".


وكان وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي كشف أن مجموعة من دول الناتو أرسلت بالفعل قواتها العسكرية إلى أوكرانيا، وذكر أن جنود "الناتو" موجودون بالفعل فيها.


وعلّقت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على تصريحه قائلاً: "لم يعد في إمكانهم (الغربيين) إخفاء أمر وجود عسكريين من الناتو في أوكرانيا بعد الآن".


ولطاما حذّرت موسكو من أنّ إعلان الغرب عزمه إرسال دبابات أميركية وألمانية إلى أوكرانيا، وأسلحة هجومية قد يتسبب في كارثةٍ عالمية، يقود إلى إجراءات انتقامية روسية تشهد استخدام أسلحة أكثر قوّة.


يشير وزير الخارجية الروسي لافروف في مقابلة مع وكالة أنباء "تاس" إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يدلي بهذه التصريحات أيضا من أجل استفزاز الحلفاء في حلف الناتو ولا علاقة للأمر أبدا بما يسمى "الاستقلال السيادي الاستراتيجي".


ويلفت إلى أن جميع المحادثات التي أجراها ماكرون خلال السنوات القليلة الماضية (وكان يحييها بشكل دوري عبر الفضاء الإعلامي) حول إنشاء نوع من الاستقلال الاستراتيجي - كل هذا تبين أنه عبارة عن لا شيء مع المعذرة على استخدام هذا التعبير الشائع، "واليوم لا أحد يفكر في هذا الأمر مطلقا".


وشدد على أن السياسيين وجيل الشباب في دول البلطيق يطرحون مثل هذه الأفكار.


وتابع في هذا الجانب: "في بولندا، سياسيون ناضجون، ولكنهم على استعداد أيضا للعب مثل هذه اللعبة الاستفزازية. وفي ألمانيا، لا يزال المستشار أولاف شولتس يظهر على الأقل بعض الحذر. لكن استفزاز فرنسا لموضوع نشر قوات لحلف الناتو في أوكرانيا يهدف، بين أمور أخرى، إلى تقويض موقعها (برلين) في الاتحاد الأوروبي في سياق التنافس الفرنسي الألماني".


 ومن داخل هذا المناخ نفسه، ارتفعت الأصوات الخائفة في أوروبا، ورفعت معها عبارة أصبحت النغمة السائدة عند النخب الأوروبية المؤيدة للمزيد من التوغل في الأزمة الأوكرانية، وهي أن "روسيا لن تتوقف في أوكرانيا". بعضهم يعطيها معنى دعائياً أكثر بالقول إن "بوتين لن يتوقف في أوروبا"، في استعادة لأسلوب الدعاية الغربية المتعارف القائم على شيطنة قادة الدول المناهضة للهيمنة الغربية.


درجت هذه العبارة بصورةٍ واسعة في عموم الغرب، وهي مفيدة في سياق التخويف من روسيا التي يقولون إنها غزت أوكرانيا لأنها ترغب في استعادة إمبراطوريتها القديمة، فيما يقول بعضهم إن الأحداث الجارية هي تعبير عن أحلام بوتين التوسعية، لكن في كلتا الحالتين ينسى القائلون إن الحرب الحالية في أوكرانيا كانت لحظة انفجار مسارٍ عمره على الأقل 35 عاماً من التوسع المستمر لحلف شمال الأطلسي باتجاه الحدود الروسي وحولها.


الأمر مشابه تماماً للمحاكمات الغربية العرفية المباشرة في يوم السابع من أكتوبر 2023، حين توحدت الأصوات وبحت حناجر المسؤولين الغربيين بالمناداة بفداحة فعل حركة حماس وهجومها على "المدنيين" والدعاية الكاذبة التي روجها المسؤولون قبل العامة ووسائل الإعلام حول ارتكاب جرائم اغتصاب وحرق أطفال… والتي أثبتت فيما بعد اعترافات الصحافة الإسرائيلية بنفسها، ثم الصحافة الغربية، ثم بعض المسؤولين الإسرائيليين، وصولاً إلى المسؤولين الغربيين، كذبها، وأنها استخدمت لتزخيم الغضب على الفلسطينيين، ومن أجل تسهيل مهمة الجيش الإسرائيلي في إبادتهم من دون أن يتعاطف معهم أحد.


وجه التشابه كبير بين نسيان توسع "الناتو" ومحاولته حصار روسيا وخنقها واللعب داخل مجتمعها في القيم والترويج الثقافي والاختراق الاقتصادي… وبين نسيان واقع الاحتلال والإحلال في أرض الغير لمدة 75 عاماً سبقت السابع من أكتوبر وأحداثه.


الآن، خرج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليطلق صرخات الفزع من انتصار روسيا، والقول إن انتصارها سيكون كارثةً على أوروبا، ومثله فعل رئيس وزرائه المدلل غابريال آتال الذي فصّل انعكاسات الانتصار الروسي على قياس اهتمامات المواطنين الفرنسيين المعروفين بحرصهم الشديد على أموالهم بأن هذا الانتصار سوف يؤثر بشكل سلبي حاد في مستوى معيشة الفرنسيين واقتصادهم.


ودعوا إلى ضرورة إرسال جنود من حلف شمال الأطلسي إلى أوكرانيا، محاولين اختبار النبض الروسي حيال هذه الفكرة، فهل موسكو مستعدة لتقبل هذه الخطوة من دون رد فعلٍ صاعقٍ، الأمر الدي يجعل من ماكرون البطل الذي حمى أوكرانيا من الانهيار أم أن بوتين لن يتهاون مع ذلك، وسيحدد قوانين اللعبة والخط الأحمر المسموح به لألعاب ماكرون الانتخابية والسياسية؟


وفي انتظار الإجابة التي لم تتأخر كثيراً، كتب شارل ميشال، رئيس المجلس الأوروبي، مقالاً في صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية، دعا فيه الأوروبيين إلى تفعيل "اقتصاد الحرب" والاستعداد لزيادة الجهود الحربية وإرسال المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا.


‏وقال إن على الدول الأوروبية زيادة نسبة الإنفاق الدفاعي في الموازنات العامة، التي تبلغ نحو 2%، لمحاولة موازاة ذلك مع نسبة الـ6% في روسيا.


يقول الكثير من المسؤولين الأوروبيين الخائفين اليوم ما قاله شارل ميشال في مقاله، من أن الأمن الأوروبي لا يمكن أن تحدده مزاجية الرؤساء الأميركيين والهزات التي باتت تصاحب المحطات الانتخابية الأميركية، ويتخوف هؤلاء من أن تتركهم أميركا وحدهم في مواجهة روسيا، بعدما ورطتهم بقطع شرايين الحياة التي كانت تغذي اقتصاداتهم بمصادر الطاقة الروسية الرخيصة، والتي كانت تفتح للاقتصادات الأوروبية الفرص أكثر مما كانت توفر الطاقة.


الرفاه الأوروبي ينحدر بسرعة منذ اللحظة التي تم فيها تفجير خطوط "نورد ستريم". الأوروبيون منقسمون بين مضلَّلين وممسوكين وفاقدين للقدرة وقلة واعية.


هذه القلة تدرك أن فخاً شيطانياً رسم لهم حين تم تصوير العلاقات المتنامية مع روسيا على أنها ضد مصلحتهم، إذ لا يمكن لفضاء الأمن الأوروبي أن يستقر من دون روسيا، بل وللدقة، من دون التعاون بين روسيا وأوروبا الغربية، لكن إذا حدث ذلك، كيف ستدير أميركا قارةً بهذا الحجم والإمكانات؟ حاولت ميركل تجاهل ذلك والتصرف كأنها لا تدرك الخطوط الحمر الأميركية. وعند أول فرصة ابتعدت، وجاء أولاف شولتس، واختفى "نورد ستريم".


‏أما الجواب الروسي على الاختبار الأوروبي وجس النبض الفرنسي، فقد جاء جاداً أكثر من أي وقتٍ مضى، وتحدث فيه الرئيس الروسي بوتين ونائب أمين مجلس الأمن القومي ديمتري ميدفيديف، ثم تلت ذلك مواقف عديدة من مسؤولين روس تؤكد أن الجنود الفرنسيين أو الأطلسيين الذين سوف يرسلون إلى أوكرانيا لن يعودوا أحياء. وبموازاة هذا الموقف الصارم، كانت الطائرات الروسية بعد ساعات تصب نيرانها على ما قال الروس إنها مقار تدار منها الاستهدافات للأراضي الروسية، وبمشاركة من الناتو.


‏في ظل هذه الأجواء، كانت نتائج الانتخابات الروسية صاعقة للقادة الغربيين الذين لم يستطيعوا تقبل فوز بوتين بولايةٍ خامسة وتربعه على عرش استقرارٍ سياسي مثالي لزعيم يقود حرباً خارجية.


وبدلاً من أن تخرج أصوات حكيمة في الغرب لمحاولة وقف شلال الدماء الأوكراني من خلال مفاوضات مع روسيا، ها هي الأصوات تدعو إلى الذهاب أبعد في القتال، في حربٍ قالت كلمتها في حدود الحرب التقليدية، فما الذي يمكن أن يكون مطلوباً أكثر؟


أن يتم القضاء على ما تبقى من الرجال الأوكرانيين أم الدفع بالشبان الأوروبيين إلى أتون المعركة، وهم الذين باتت نسب ولاداتهم في أدنى مستوى لها، وباتت اقتصادات بلادهم مفتقرة إلى قوة العمل المطلوبة لدوام مستويات الحياة فيها، خصوصاً أن غوص الأوروبيين بأنفسهم في وحل أوكرانيا لن يجذب الأميركيين معهم، بل سيتكرر ما جرى في الحربين العالميتين؟ تقف أميركا على تل الحرب، تناظر المتحاربين، تتدخل في اللحظات الأخيرة، معلنة انتصارها وقيادتها للعالم المتبقي.


‏روسيا من ناحيتها تجد نفسها مضطرة إلى عدم التراجع، فالسماح بتنفيذ الخطوة الفرنسية يعني القبول بتدخل عسكري مباشر من الناتو في أوكرانيا، وبالتالي المخاطرة بخسارة الحرب، إذا بقيت تقليدية. لذلك، يتوقع أن تجعل من أول دولة أطلسية تدخل أوكرانيا عبرةً للآخرين، حتى لو أجبرها ذلك على استخدام أجزاء من قدراتها غير التقليدية أو غير المكشوف عنها الآن.


‏كل ذلك يجعل الخيارات الغربية صعبة، لكن خسارة واحدة في أزمتين يمكن أن تدفع الغرب إلى دينامية التفكك، خصوصاً مع اقتراب ترامب، فكيف إذا كان احتمال الخسارة يلوح في كلتيهما؟


في العموم : ماذا يعني ان تقول روسيا انها تخوض حربا الان بدلا من التسمية المعتادة بانها تنفذ عملية خاصة ؟ لننتظر وسنرى !!

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology