افراسيانت - لا يزال مصير 4 أجانب مختطفين منذ نهاية الأسبوع الماضي لدى إحدى الجماعات المسلحة جنوب ليبيا غير معلوم، بعد أن عجزت الأجهزة الأمنية إلى حد الآن في الكشف عن أماكن احتجازهم أو ضبط المسلّحين، في حادثة متكررة عمّقت حالة القلق بشأن الأوضاع الأمنية في هذا البلد الذي لا تزال المجموعات المسلّحة الخارجة عن القانون تفرض في جزء منه سلطتها بقوة السلاح.
وكان مسلحون مجهولون اختطفوا، الجمعة الماضي، أربعة مهندسين أجانب، 3 أتراك وواحد جنوب إفريقي يحمل الجنسية الألمانية، يعملون لصالح شركة "إنكا التركية" وذلك بمدينة أوباري جنوب البلاد، عندما كانوا في طريقهم من مطار المدينة إلى المحطة الكهربائية التي كانوا يشاركون في بنائها، في حادث يرجحّ أن تكون دوافعه مالية.
وفي هذا السياق، اعتبر أحمد الزيداني، وهو مختص في شؤون الجماعات المتطرفة ومكافحة لإرهاب أن اختطاف الأجانب ارتبط في ليبيا "بكونه وسيلة للحصول على المال من الرهائن الأجانب لصالح الميليشيات المسلحة والتنظيمات المتطرفة عن طريق طلب الفدية"، لافتا إلى أنه "في بعض الأحيان يمثّل وسيلة ضغط على السلطات لتنفيذ مطالب سياسية أو إطلاق سجناء، أو الحصول على امتيازات معينة خاصة إذا تعلّق الأمر باختطاف دبلوماسيين".
وأضاف أن "منطقة جنوب ليبيا تعتبر اليوم الملاذ الآمن للجماعات الإرهابية للعمل والتنقل بحريّة باعتبارها خارجة عن نطاق سيطرة الدولة"، مؤكداً أن "هذه المجموعات غالبا ما تسلك طريق الاختطاف للحصول على أموال لتمويل أنشطتها، مستغلةً في ذلك عجز الدولة عن ضبط المسلحين وعدم تطبيق عقوبات صارمة على الخاطفين".
وتتزامن عملية الاختطاف الأخيرة التي استهدفت المهندسين الأجانب، مع تواتر أنباء عن محاولة تنظيم داعش إعادة تنظيم صفوفه في المناطق الجنوبية بليبيا بعد طرده من مدينة سرت، وكذلك عن تعزّز نشاط تنظيم القاعدة في المنطقة نفسها، وهما تنظيمان يعتبران متخصصين في اختطاف الأجانب واحتجازهم بغرض الحصول على الفدية المالية. وقد استطاعا في السنوات الأخيرة الحصول على ثروات طائلة تقدر بمئات الملايين جراء عمليات احتجاز الرهائن الغربيين، خاصة تنظيم القاعدة الذي يتخذ من هذه الطريقة وسيلة لتمويل نفسه إلى جانب عمليات التهريب والاتجار بالأسلحة والممنوعات.
وتبعا لذلك، قال الزيداني إن "استجابة الدول التي يختطف مواطنوها لضغوط الخاطفين ودفع أموال طائلة لهم مقابل إطلاق سراح رعاياهم، يعد سببا كذلك في تزايد عمليات الاختطاف سواء في ليبيا أو في دول الساحل والصحراء"، مضيفا أن عملية الابتزاز لدى الجماعات المختطفة "تكون حسب جنسية المختطف، فمثلا إذا كان من إحدى الدول الغربية سيكون سعره مرتفعا".
وتسبّبت حادثة اختطاف مهندسي شركة "إنكا" التركية، في مغادرة البعثات الأجنبية من الأراضي الليبية خشية من عمليات اختطاف أخرى تستهدفهم، حيث قرّر فريق شركة "سيمنس" الألمانية مغادرة موقع العمل بمحطة أوباري الغازية، كما قررت شركة "هيونداي" الكورية، تأجيل موعد عودتها إلى ليبيا الذي كان مبرمجا في الحادي عشر من الشهر الجاري.
وكان أبو بكر الفقيه نائب رئيس المجلس الاجتماعي لقبائل التوارق بمدينة أوباري، اعتبر أن حادثة الاختطاف الأخيرة ناتجة عن "سوء التنسيق بين الأجهزة الأمنية في المنطقة الجنوبية التي تعتبر منطقة صحراوية ومفتوحة من جميع الجوانب وطرقها متعددة، حيث من الصعب جدا السيطرة عليها إلا بقوة كبيرة"، مشدداً على أن "هذا الأمر يجب ألا يحدث خاصة في ظل وجود ضيوف أجانب".
وقال في تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام المحلية، إن الأجهزة الأمنية بالكامل في مدينة أوباري "تحرّكت بمجرد سماع خبر الاختطاف حيث تم تتبع السيارة التي قامت بعملية الاختطاف ومحاصرتها في مكان بعيد عن مطار غات حوالي 20 كلم، وتبادل القوات الأمنية إطلاق النار معها"، مبينا أن المكان الذي تم فيه حجز الرهائن "مكان جبلي ووعر".