افراسيانت - تعهدت اسبانيا الاثنين بمنع كاتالونيا من إعلان استقلالها غداة استفتاء استخدمت الشرطة خلاله الهراوات والرصاص المطاطي، ما دفع بالامم المتحدة الى دعوة مدريد للتحقيق في أعمال العنف في ظل أسوأ أزمة تشهدها البلاد منذ عقود.
وخرج الاتحاد الاوروبي عن صمته الاثنين ودعا جميع أطراف الأزمة الى "الانتقال بسرعة من المواجهة الى الحوار" مؤكدا أن "العنف لا يمكن ان يكون أبدا أداة في السياسة".
وفي هذه الأثناء، عقدت حكومة رئيس الوزراء الاسباني محادثات طارئة بعدما أعلن رئيس كاتالونيا كارليس بيغديمونت الأحد أن الإقليم فاز بحق الانفصال عن اسبانيا.
وشكلت مشاهد شرطة مكافحة الشغب وهي تضرب الناس الذين نزلوا للإدلاء بأصواتهم بالهراوات وتطلق الأعيرة المطاطية لتفريق الحشود خلال استفتاء الأحد في الإقليم الغني الواقع في شمال شرق البلاد، صدمة للعديد من الأشخاص في اسبانيا وأوروبا والعالم.
وطالب بيغديمونت الاثنين بوساطة دولية لحل الأزمة وبسحب جميع قوات الامن التي نشرتها السلطات الاسبانية في الاقليم جراء الاستفتاء.
وفي وقت متأخر الأحد، أعلن بيغديمونت أن 90 بالمئة ممن شاركوا في الاقتراع صوتوا لصالح الاستقلال في تحد لحملة الشرطة ومعارضة مدريد.
وبحسب حكومة كاتالونيا، أدلى 2,26 مليون شخص بأصواتهم، أي ما يعادل أكثر بقليل من 42 بالمئة من ناخبي الإقليم.
وبذلك، يكون اقليم كاتالونيا الذي يبلغ تعداد سكانه 7,5 مليون نسمة ويساهم بخُمس الاقتصاد الاسباني، "كسب الحق باعلان دولة مستقلة"، على حد تعبير بيغديمونت.
ولكن يرجح أن تلقى أي محاولة لإعلان الاستقلال بشكل أحادي معارضة ليس من مدريد فحسب، بل كذلك من قسم كبير من سكان كاتالونيا المنقسمين بشكل عميق حيال المسألة.
ويضع إعلانه الإقليم المضطرب على مسار تباعد أكبر مع مدريد، عقب تأكيد راخوي على موقف حكومته بأن الاستفتاء كان عملا مخالفا للقانون ردت عليه الدولة "بحزم وهدوء".
وأما بيغديمونت فأشار إلى أنه سيقدم النتائج الآن إلى برلمان الإقليم، الذي يملك سلطة تبني قرار الاستقلال.
ويحظى المؤيدون للاستقلال بأغلبية ضئيلة حيث يحتلون 72 مقعدا من أصل 135 في البرلمان الكاتالوني.
وفي رد فعله على مشاهد العنف، قال بيغديمونت إن الحكومة المركزية الاسبانية "كتبت صفحة مخزية في تاريخها مع كاتالونيا" فيما دعت كبار شخصيات حزب "بوديموس" اليساري المتشدد راخوي إلى تقديم استقالته.
واعلنت سلطات كاتالونيا ان 844 شخصا بحاجة إلى عناية طبية بعد اعمال العنف فيما تاكدت اصابة 92 شخصا.
وأظهرت لقطات مسجلة صادمة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي الشرطة تمسك ناخبين في مراكز الاقتراع من الشعر وتسحلهم وتقذف الناس من السلالم وتعتدي على عناصر الإطفاء الكاتالونيين الذين حاولوا حماية مراكز الاقتراع.
من جهته، قال المفوض السامي لحقوق الانسان في الأمم المتحدة زيد رعد الحسين الاثنين "اشعر بقلق شديد حيال أعمال العنف في كاتالونيا الاحد، واحض السلطات الاسبانية على ضمان إجراء تحقيق مستقل ومعمق وحيادي في كل اعمال العنف". واضاف "ان ردود الشرطة يجب ان تكون على الدوام متكافئة" مع ما تقتضيه الضرورة.
وفي إشارة أخرى إلى التوترات، دعت نقابات ورابطات كاتالونية الى يوم اضراب عام وتعبئة الثلاثاء في انحاء الإقليم اثر "الانتهاكات الجسيمة للحقوق والحريات" التي وقعت.
وفيما أجمعت الصحف الاسبانية على انتقاد بيغديمونت لاجرائه الاستفتاء رغم قرار المحكمة الذي اعتبره غير شرعي، إلا أنها انتقدت كذلك طريقة تعاطي راخوي مع الأزمة.
ورأت صحيفة "ايل موندو" المحافظة أن استراتيجية الحكومة في انتظار اجراء الاستفتاء وإرسال الشرطة لمنعه كانت فاشلة.
وكتبت "ليس بإمكانها منع المشاهد الدرامية من الانتشار في انحاء العالم".
وأما صحيفة "ايل بايس" الشعبية، فرأت أن راخوي أظهر "عجزا تاما عن ادارة المشكلة" منذ بدء أزمة كاتالونيا.
وسيعقد رئيس الوزراء محادثات في وقت لاحق مع زعيم الحزب الاشتراكي المعارض بيدرو سانتشيز وقائد حزب المواطنة الوسطي البيرت ريبيرا -- حليف حكومته في البرلمان.
وأكد وزير العدل الاسباني رافايل كاتالا ان الدولة ستقوم "بكل ما يسمح به القانون" اذا أعلن الانفصاليون الكاتالونيون الاستقلال من جانب واحد، مشيرا إلى قدرة الحكومة على تفعيل المادة 155 من الدستور التي تسمح لها بتجميد سلطات حكومة كاتالونيا لمنع أي إعلان استقلال.
وتجمع المئات وسط برشلونة الاثنين للاحتجاج على عنف الشرطة حيث رددوا "الشارع سيكون لنا على الدوام" وهي العبارة التي اصبحت شعار تحرك مؤيدي الاستفتاء.
ورأى بعض المحللين أن مشاهد القمع الأمني قد تعزز الدعم الدولي للانفصاليين.
وقال المحلل فيدريكو سانتي من مجموعة "يورآسيا" الاستشارية إن "انفصال كاتالونيا لا يزال غير مرجح، ولكن بات للمشاعر الانفصالية زخمها الخاص بها، حيث ستكون الأزمة المؤسساتية الناتجة عن ذلك شديدة وتشكل مخاطر أساسية على المستقبل الاقتصادي لاسبانيا".
وانخفض اليورو في سوق الأسهم الاسبانية الاثنين عقب الاستفتاء، حيث كانت أسهم المصارف الأكثر تأثرا.