واشنطن - افراسيانت - كان انهيار مشروع لإصلاح الرعاية الصحية أعطاه الرئيس دونالد ترامب الأولوية التشريعية بمثابة خسارة محرجة بعد أن ظل يؤكد هو وإدارته حتى وقت التصويت عليه في مجلس النواب أمس الجمعة أنه يحظى بدعم جمهوري كاف.
وما حدث يضع علامات استفهام حول قدرة الرئيس الأميركي الجديد على تمرير تشريعات مهمة في الكونجرس.
وبالنسبة لرجل أعمال شهير يصف نفسه بأنه مقتنص صفقات ومزيل عقبات، فإن هذا يلقي بالشك على قدرته في تحقيق وعوده الجريئة بإحداث تغييرات كاسحة في البلاد.
ويريد البيت الأبيض أن يجري هذا العام، من بين أمور أخرى، إصلاحا ضريبيا وأن ينفذ برنامجا ضخما للبنية التحتية إلا أن عليه الآن أن يفكر فيما إن كان تغيير المنهج مطلوبا وما إن كان بالإمكان التعويل على حلفائه في الكونجرس من أمثال بول ريان، رئيس مجلس النواب.
وكتب شارلي سايكس، المعلق السياسي الجمهوري البارز وأحد منتقدي ترامب الدائمي في تغريدة عبر موقع (تويتر): "هذا أكثر يوم شهد نتائج وتبعات في رئاسة ترامب. لم يكن فشلا وحسب.. بل فشلا مدويا".
وبدا أن ترامب يربط جانبا من خسارته بقلة خبرته على الساحة السياسية بعد أن سحب زعماء مجلس النواب مشروع القانون الذي يلغي برنامج (أوباما كير) ويطرح برنامجا جديدا محله عقب رجوع جمهوريين معتدلين ومن أقصى اليمين عن تأييدهم له غير آبهين بإنذار أطلقه ترامب : إما تأييد المشروع أو بقاء النظام الحالي على ما هو عليه.
وقال ترامب بعد سحب مشروع القانون "تعلمنا الكثير عن الولاء وتعلمنا الكثير عن عملية كسب الأصوات".
وأضاف أنه سيمضي قدما في أولويات أخرى.
وكان هذا بمثابة انتكاسة أخرى لإدارة لم يمض عليها سوى شهرين شهدت خلالهما استقالة مستشار الأمن القومي ودعاوى قضائية للطعن في قيود فرضتها على الهجرة وأسئلة كثيرة حول اتصالات بين روسيا وحملة ترامب الانتخابية.
وبدا أن مؤيدين بارزين لترامب تخلوا عنه. وكان قد سعى بشدة لكسب ود المتشددين المعارضين لمشروع إصلاح نظام الرعاية الصحية لكنهم لم يبدوا استجابة، ونفرَّت الأحداث معتدلين كانوا يؤيدون المشروع في البداية.
ولجأ ترامب إلى تغيير أسلوبه فتوقف عن محاولة اجتذاب المعارضين المحافظين وأطلق إنذارا لكل الجمهوريين بضرورة دعم المشروع. لكن هذا لم يفلح أيضا.
وأخفق ترامب أيضا في إقناع الشعب الأميركي بأن مشروع القانون الجديد أفضل من ذلك الذي يسعى لإلغائه. فقد أظهرت استطلاعات الرأي أن المشروع البديل لا يحظى بشعبية تذكر وشكا الجمهوريون المحافظون من أن مكاتبهم تتلقى طوفانا من الاتصالات التي تعبر عن المعارضة الشديدة له.
وقال جيم مانلي الذي كان من كبار مساعدي هاري ريد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ سابقا : "هذا يظهر أن الحملات الانتخابية شيء ووضع التشريعات شيء آخر".
وحمل النائب جو بارتون مسؤولية الفشل على الجهوريين الذين يهيمنون على البيت الأبيض ومجلسي الشيوخ والنواب ولا يزالون يتعرفون على كيفية الحكم بعد ثماني سنوات قضاها أوباما في الرئاسة.
وبدا أن جهود ترامب لكسب ود المعارضين لمشروع القانون أفسدت العملية أكثر، لاسيما وأنه أبعد ريان بدرجة كبيرة عن المفاوضات.
ولم تزحزح التنازلات المحافظين عن موقفهم لكنها أثارت غضب المعتدلين.
وقال ستيوارت دياموند الذي يلقي محاضرات حول فن التفاوض في معهد (وارتون) بجامعة بنسلفانيا إن أسلوب لي الذراع الذي لجأ إليه ترامب أتى بأثر عكسي.
واضاف : "التهديدات لا تجدي عادة ... هي تفسد العلاقات وهي بالقطع لا تجدي في موقف به أطراف متعددة تتوزع بينها السلطة".
وخلص مكتب الميزانية التابع للكونغرس والذي يحلل الأثر المادي لمشروع القانون المقترح إلى أن المشروع سيحرم 24 مليون أميركي من التأمين الصحي خلال السنوات العشر القادمة وسيقلص حوالي 150 مليار دولار من عجز الموازنة.
وقال النائب الجمهوري بيل هاوزينجا الذي يملك هو نفسه مشروعا صغيرا إن ترامب لا يزال يتعرف على دهاليز الحكم.
وأضاف "هناك أوجه شبه بين الحكم والنشاط التجاري، لكنهما خطان مختلفان لا خط واحد".