افراسيانت - محمد الأحمد - أثارت تصريحات المبعوث الدولي الخاص باليمن ردود أفعال مختلفة، وأعادت أجواء الوضع السياسي في اليمن إلى مربع الصفر.
فإلى ما قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن الخاصة بالوضع في اليمن، كانت هناك آمال كبيرة بانفراج سياسي في ضوء المقترحات التي خرج بها لقاء جدة بين وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات؛ لأن تلك المقترحات قاربت بين مطالب طرفي الصراع في اليمن بعد عام ونصف على بداية الحرب التي تقودها المملكة.
ولأن المقترحات التي أعلنها وزير الخارجية الأمريكية جون كيري نيابة عن بقية زملائه المشاركين في لقاء جدة الأسبوع الماضي نصت على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وقيام طرف ثالث محايد بالتزامن مع ذلك بتسلم الأسلحة الثقيلة من الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والإشراف على انسحابهم من العاصمة وغيرها من المناطق؛ فإن حالة من التفاؤل سادت الشارع اليمني بقرب الانفراج وانتهاء الحرب. لأن تلك المقترحات قريبة جدا من المطالب التي وضعها فريق المفاوضين من التحالف المسيطر على صنعاء خلال محادثات السلام التي استضافتها الكويت، ومن مطالب الجانب الحكومي أيضا.
غير أن تصريحات إسماعيل ولد الشيخ أحمد في مجلس الأمن وعقب الجلسة أتت مخالفة لتلك المقترحات، من حيث أنه لا يمكن تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل تسليم "أنصار الله" و"المؤتمر الشعبي" الأسلحة والانسحاب من المدن. وهو ما أفقد المقترحات التي خرج بها لقاء جدة بريقها، وتضاءلت معها الآمال بإمكان التوصل إلى تسوية سياسية قريبة. إذ سارع وزير الخارجية عبد الملك المخلافي، وكما كان متوقعا، إلى الترحيب بما صدر عن المبعوث الدولي، فيما أمطره الناشطون الحوثيون وأنصار الرئيس السابق بنقد لاذع واتهام بالارتهان للرغبة السعودية.
ذلك مع أن ولد الشيخ أحمد حاول التخفيف من طرحه بشأن كيفية تطبيق خطة السلام، نافيا وجود أي خلاف حول خطة كيري، ومؤكدا عدم معارضة هذه الخطة مع ما عرضه على طاولة المشاورات في الكويت؛ ومضيفا أنه طرح أيضا خطة شاملة متعلقة بالقضايا الأمنية والسياسية معا في اتفاق واحد على أن يكون ذلك بتسلسل زمني محدد، وأن تلك الأفكار جرت مناقشتها مع الحوثيين في مشاورات الكويت.
وأوضح المبعوث الدولي أنه كانت لديه خطة واتفاق على تسليم السلاح، والانسحاب من المدن طبقا لجدول زمني. غير أنه برر مقترحه بضرورة نزع السلاح عقب توقيع اتفاق شامل؛ لأنه "لا يمكن أن تكون هناك حكومة وحدة وطنية في البلاد بينما العاصمة تحت سيطرة جماعة ما"، في إشارة واضحة إلى الحوثيين وأتباع الرئيس السابق. وهو أمر يشير إلى أن التوجه لديه هو إبرام اتفاق سياسي وعسكري بين طرفي الصراع على أن يكون تنفيذ ذلك الاتفاق على مراحل تبدأ بالانسحاب من العاصمة وتسليم الأسلحة الثقيلة يعقب ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ولأنه لم يصدر أي موقف رسمي عن التحالف المسيطر على صنعاء من المقترحات التي خرج بها لقاء جدة بانتظار تسلمها بصورة رسمية، فإن التصريحات الصادرة عن المبعوث الدولي من شأنها خفض سقف التوقعات بنتائج الجولة الحديدة من المشاورات غير المباشرة بين الحكومة المعترف بها دوليا والحوثيين وحزب الرئيس السابق مع أن الجانبين كانا قد رحبا بالمقترحات من حيث المبدأ وجددا تأكيد التزامهما بالحل السلمي.
وفي انتظار ما سيحمله مبعوث الأمم المتحدة إلى الجانبين من مقترحات بشكل رسمي، فإن أبواب التفاؤل التي فتحتها المقترحات التي أعلن عنها وزير الخارجية الأمريكي أُغلقت مرة أخرى، واتجهت أنظار الطامحين إلى السلام والاستقرار نحو الدول الراعية للتسوية لعلها تتمكن من إيجاد مقاربة معقولة بين مطالب الجانب الحكومي والتحالف المسيطر على العاصمة يجنب البلاد المزيد من الدمار والانهيار.