افراسيانت - سيد المختار - نواكشوط - صرح الفريق خليفة حفتر بأن التعاون العسكري بين قواته والجيش المصري جعل الإرهابيين يخشون غزو ليبيا ومصر.
وأشاد حفتر بالعلاقات الوطيدة بين ليبيا ومصر، قائلا إن "وجود مصر إلى جوارنا يبعث في نفوسنا الطمأنينة بأننا لسنا بمفردنا في هذا العالم".
انحسار الدعم
تصريحات حفتر جاءت بعد لقاء غير معلن، تحدثت عنه وسائل إعلامية، جمعه في القاهرة بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أيام، وتعكس بشكل واضح تمسك الفريق حفتر بالقاهرة بوصفها أبرز الداعمين له على الصعيد الدولي.
ويأتي هذا، بينما بدأت ملامح تغير تظهر على الموقف المصري من حفتر نتيجة رفضه المطلق اتفاق الصخيرات، الذي رعته الأمم المتحدة، وحظي بدعم المجتمع الدولي.
وقد قادت مصر تحركات دبلوماسية خلال الفترة الأخيرة لجمع الأطراف الليبية على كلمة سواء؛ وتحدثت مصادر إعلامية عن أن القاهرة بدأت تتعامل مع المتنازعين في ليبيا على قدم المساواة بعد أن كانت تبدي دعمها المطلق لمعسكر حفتر.
ويفسر مراقبون تغير الموقف المصري من الفريق خليفة حفتر بأنه بات عبئا ثقيلا على حلفائه. إذ لم يستطع تحقيق انتصارات عسكرية كبرى تسمح له بفرض سيطرته المطلقة والقضاء على التنظيمات المسلحة في شرق ليبيا على الرغم من الدعم المالي واللوجستي، الذي يتلقاه من شريكيه العربيين البارزين مصر والإمارات، رغم فرض حظر دولي على تزويده بالسلاح.
وصرح عسكريون ودبلوماسيون مصريون بأن اتفاق الصخيرات، الذي أفضى إلى تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، هو المظلة السياسية الوحيدة التي يمكن تحتها التفاوض لحل الأزمة الليبية، وهو الاتفاق الذي يرفضه الفريق خليفة حفتر جملة وتفصيلا.
طموحات الفريق
وبعد صعوده المفاجئ وإعلان نفسه قائدا عاما للجيش الليبي؛ رفع خليفة حفتر سقف طموحاته. إذ بات يطرح نفسه زعيما لليبيا، ويحاول أن يستمد شرعيته من مجلس النواب في طبرق، المعترف به دوليا.
ولئن كانت القوى الغربية قد دعمت حفتر في بداية ظهوره عام 2014، وبقي بعضها يقدم له الدعم العسكري حتى الآن كما هو الحال مع فرنسا؛ فإن هذه الدول باتت ترى في الفريق خليفة حفتر عائقاً حقيقياً أمام تسوية الأزمة الليبية.
ولا تخفي واشنطن انزعاجها التام من الدور السياسي والعسكري الذي يلعبه حفتر بفرملة الاتفاق السياسي والتلويح باستهداف المنشآت النفطية في ليبيا.
وتقول صحيفة "واشنطن بوست" إن الإدارة الأمريكية عاجزة عن التعامل مع حفتر، وتحاول رفع الدعم عنه، لكنها لا ترى أي مستقبل لليبيا من دون مشاركته، حيث أخفقت الجهود كافة في إقناعه بالانخراط في العملية السياسية التي تمخضت عن اتفاق الصخيرات.
وترى صحيفة "جون أفريك" الفرنسية أن حفتر لم يترك مجالا للتفاوض معه، ووضع العصي في عجلات الاتفاق السياسي عندما رفع سقف مطامعه من وزير للدفاع في الحكومة التوافقية إلى بديل عن الأطراف كافة، وقائد للدولة الليبية.
وفي أواخر شهر يوليو/تموز المنصرم، نظمت مصر لقاء سرياً بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج والفريق المتقاعد خليفة حفتر، لكن اللقاء انتهى بالفشل رغم جمعه الرجلين على طاولة واحدة. فقد أصر حفتر على عدم التخلي عن مواقفه من مخرجات اتفاق الصخيرات.
رهانات حفتر
ويقدم محللون سياسيون قراءة أخرى للمشهد، إذ يرون أن الفريق المتقاعد بات في مأزق حقيقي حيث تزداد عزلته الدولية بعد تخلي حلفائه عنه بشكل تدريجي، وتجاوز الدول الغربية له عبر دعمها للمجلس الرئاسي في طرابلس.
ويعزز المحلل السياسي الليبي صلاح البكوش هذا الطرح بالقول إن واشنطن صرحت بأنها لا تتمسك بحفتر. كما أن مصر أبلغت رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بأنها لن تقف في وجه اتفاق سياسي يدعمه المجتمع الدولي.
ويعتقد مراقبون أن حفتر وضع نفسه في موقف حرج عندما رفض مخرجات الاتفاق السياسي، ولم يستطع تقديم بديل للتفاوض عليه. كما أنه فشل في حسم المعركة في شرق ليبيا وتراجع عن خطته العسكرية لتحرير مدينة سرت من تنظيم "داعش" الإرهابي.
ودخل حفتر في مواجهة مع الأمم المتحدة منذ وقت طويل، حيث لا يخفي امتعاضه من مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر والدور الذي يلعبه ولا يزال يرفض لقاءه حتى الآن؛ وهو ما دفع بكوبلر إلى تحميل حفتر المسؤولية عن تدهور الأوضاع في ليبيا.
وفي المقابل، يراهن حفتر على الدعم الداخلي الذي يحظى به في مناطق من الشرق. كما أنه يعتمد على جيش كبير يصل تعداده إلى نحو خمسة عشر ألف عسكري.
وعلى الرغم من انحسار الدعم الغربي لحفتر الذي كان يمثل بمفرده قائد الحرب ضد الإرهاب؛ فإن هناك دولاً لم تتخلَ بعد عن حفتر بشكل تام، إذ ما زالت قوات فرنسية تقدم الدعم العسكري والاستخباري لجيش "الكرامة".
ويحظى حفتر بغطاء سياسي يوفر له الشرعية حيث يتمسك به مجلس النواب المعترف به دولياً، ويطلق عليه القائد العام للجيش الليبي في الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني.