افراسيانت - حلمي موسى - في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر على الحدود مع لبنان، يحث الجيش الإسرائيلي الخطى استعدادًا لانتقال رئاسة الأركان الفعلية من الرئيس الحالي الجنرال بني غانتس إلى رئيس الأركان الجديد الجنرال غادي آيزنكوت.
وتترافق هذه الجهود مع مساعي آيزنكوت تكوين طاقمه الخاص في هيئة الأركان، والذي سيساعده في بلورة خطته، سواء لمواجهة التحديات الميدانية أو تطوير الجيش في ظل الافتقار إلى خطة تسلح متعددة السنوات.
ومن المعلوم أن آيزنكوت سيتولى رئاسة الأركان رسميًّا في 16 شباط المقبل، لكنه من الوجهة الفعلية يقود الجيش الإسرائيلي بشكل متزايد منذ الإعلان عن اختياره. فهو من الناحية العملية نائب لرئيس الأركان الحالي، ولديه الكثير من مهام رئيس الأركان، والتي تم تعميقها بعد إقرار تعيينه في الحكومة. وبديهي أن في مقدمة المهام التي سعى لإقرارها قبل توليه رئاسة الأركان إقرار التعيينات التي تساعده في جعل هيئة الأركان المقبلة أكثر إخلاصًا له وتعاونًا معه.
وكانت أنباء قد ترددت أنه بسبب التوتر على الجبهة الشمالية، بعد اغتيال إسرائيل عددًا من قادة «حزب الله» وجنرالًا إيرانيًّا قرب القنيطرة الأسبوع الماضي، من المحتمل تأجيل تسليم رئاسة الأركان. لكن وحسب ما يجري الآن، فإنه من الواضح أن عملية التسلم والتسليم ستتم في الموعد المحدد.
ولاحظ معلق إسرائيلي أن 16 شباط يعتبر موعدًا حساسًا بتعابيره اللبنانية، لأنه في مثل هذا اليوم من العام 1992 أغارت الطائرات الإسرائيلية على موكب الأمين العام السابق لـ «حزب الله» الشهيد عباس الموسوي. كما أن شباط عمومًا شهر مقلق، لأن فيه أيضًا الذكرى السنوية لاغتيال الشهيد عماد مغنية.
ويشير معلقون إلى أن آيزنكوت لم ينتظر أن يتولى مهام منصبه ليبدأ التعيينات التي يريدها، بل قام بتنفيذ هذه التعيينات في عهد غانتس. وقد اختار ضباطه بالطريقة التي يريدها للمناصب المركزية. وبين قراراته المهمة إعادة الجنرال طال روسو للخدمة كقائد لجبهة العمق، وهي الجبهة ذات الصلة الأشد بأجهزة الاستخبارات. ومعروف أن جبهة العمق استحدثت قبل سنوات لتأكيد قابلية الجيش الإسرائيلي للعمل في عمق المنطقة العربية بعيدًا عن الحدود، ولذلك تم اختيار ضابط مخضرم سبق له أن خدم في جبهات مختلفة قائدًا لها.
ويرى خبراء أن اختيار روسو لهذه القيادة يشهد على توقعات بتصاعد احتمالات اللجوء إليها في ولاية آيزنكوت. ويرمي آيزنكوت من خلال هذا التعيين إلى التركيز على أهمية هذه الجبهة، وتخصيص الموارد اللازمة لها. ولا يستبعد هؤلاء أن ينقل آيزنكوت لقيادة هذه الجبهة جزءًا من صلاحيات تتعلق بقيادة الوحدات الخاصة.
وفي كل الأحوال، فإن التعيينات الجديدة في هيئة الأركان تتم بالتشاور التام مع آيزنكوت، وهي تمهد لتوليه مهامه. وأمس الأول كان آخر هذه التعيينات، حيث تم الإعلان عن ترفيع العميد تامير هايمن، رئيس لواء التوجيه، إلى قيادة الجيش الشمالي. ويشرف هذا الجيش فعليًّا على كل الفرق التي تعمل في نطاق الجبهة الشمالية، في قطاعَي لبنان وسوريا. وسبق لهايمن أن خدم كضابط عمليات في قيادة آيزنكوت، عندما كان الأخير قائدًا للجبهة الشمالية.
ومعروف أنه في الآونة الأخيرة تم تشكيل فرقة لوائية في هضبة الجولان السورية المحتلة، على شاكلة تلك المقامة على الحدود مع لبنان ومع غزة وفي الضفة الغربية. وتم تعيين من يُعتبَرون أفضل الضباط في هذه الفرقة وألويتها، وذلك على خلفية التحسب أن هذه الجبهة ستغدو فاعلة بسبب التطورات في سوريا.
ويرى المعلق الأمني في «هآرتس» أمير أورن أن مهمة آيزنكوت المقبلة ستتمثل في «تعليم» رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع حدود قدرتهما على استخدام الجيش لمصالح حزبية. كما أن من مهامه محاولة التخلص من عيوب ظهرت، وسد فجوات تبينت في حالات السلم والحرب على حد سواء. وعموما، لا يجد آيزنكوت حاجة لعمل أي شيء إضافي في سلاحَي الجو والاستخبارات. ويدرك أن المشكلة الأساسية هي تلك المتعلقة بالذراع البرية، التي تملك أكبر عدد من الألوية. لكن المشكلة الأهم، في نظر أورن، هي بنية هيئة الأركان التي تضم العديد من الهيئات، التي من الأفضل لو تم تحويلها إلى قطاعات مدنية.
عموما، يعتبر أورن أن آيزنكوت حقق في جولة التعيينات الأخيرة ثلاثة إنجازات ونصف الإنجاز. ويرى أن نصف الانجاز هو تعيين الجنرال روني نوما قائدًا للجبهة الوسطى، رغم تفضيل وزير الدفاع موشي يعلون ورئيس الأركان الحالي جنرالًا آخر. لكن الانجاز الأكبر يتمثل في إقناع الجنرال نيتسان ألون بالبقاء في الجيش، رغم عدم تعيينه رئيسًا لشعبة الاستخبارات. والإنجاز الثالث إبقاء الجنرال سامي ترجمان في منصبه قائدًا للجبهة الجنوبية لولاية ثانية.