افراسيانت - كيفورك ألماسيان - كشفت وسائل إعلام أوروبية أن ألمانيا تسعى للضغط باتجاه تشكيل "جيش أوروبي"، وإنشاء مقار عسكرية مشتركة، تضع الجيوش الأوروبية الوطنية تحت إمرة غرفة عمليات مشتركة في بروكسل.
ويستند الإعلام الألماني إلى «ورقة بيضاء» مسربة، سيقدمها الائتلاف الألماني الحاكم إلى البرلمان بعد 23 يونيو/حزيران من هذا العام. أي بعد الاستفتاء الشعبي في بريطانيا للتصويت على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي؛ في محاولة لتجنب تأجيج مشاعر التشكيك إزاء الاتحاد الأوروبي بين الناخبين.
وأشارت «فايننشال تايمز» إلى أن هذه الورقة البيضاء هي "واحدة من أهم" المشروعات السياسية والأمنية لألمانيا في السنوات الأخيرة، والتي من شأنها إنشاء منظومة دفاع أوروبي موحد.
ووفقا للصحيفة البريطانية، فإن الخطوط العريضة للمشروع تتضمن اتخاذ خطوات "للتنسيق التدريجي بين جيوش أوروبا الوطنية"، وإطلاق تعاون دائم تحت هيكليات مشتركة بين الدول الأعضاء في الاتحاد، وتشمل "الورقة البيضاء" المقترحة أيضاً تعزيز قدرات الحرب الإلكترونية.
تجدر الإشارة إلى أن "الورقة البيضاء" هي عبارة عن وثيقة تشمل الاستراتيجيات والسياسات المستقبلية، التي قد تتبعها الحكومة الفيدرالية. وتُستخدم الأوراق البيضاء عادة للمناقشة بين الفرقاء السياسيين قبل سنها كتشريعات.
وفي هذا الصدد، قال الوزير البريطاني السابق إيان دنكان سميث، الذي كان أيضاً وزير دفاع في حكومة الظل: "لسوء الحظ، هذا الكشف ليس مستغربا تماماً. إذا كان هناك شيء واحد يجب أن نعرفه عن الاتحاد الأوروبي، فهو سعيه الحثيث لتعميق التكامل أكثر من أي وقت مضى. وإنشاء الجيش الأوروبي هو جزء لا يتجزأ من ذلك."
ويضيف سميث: "لكن ما يثير القلق - وربما يدعو إلى الخجل - هو أن حكومة المملكة المتحدة تضغط حاليا على الشعب البريطاني للموافقة على شيء من شأنه التخلي عن الإشراف على الدفاع الوطني للجيش الأوروبي".
ويدعو سميث الشعب البريطاني للتصويت بـ"لا" في الاستفتاء المقبل، قائلاً: "مع انهيار عملة اليورو، وامتداد منطقة الشنغن من بريطانيا إلى الحدود السورية، فإن الجيش الأوروبي هو مشروع يجب أن يمتنع كل شخص عن توقيعه".
من جانبه، قال النائب البريطاني في البرلمان الأوروبي من «حزب الاستقلال» البريطاني والمتحدث باسم الدفاع مايك هوكم: "عندما تنظر إلى قيادة الهيكليات والخدمات اللوجستية والقوات الواقعة بالفعل تحت قيادة الاتحاد الأوروبي، فإن الأمر لن يشكل صدمة لو عرفت أن مفوضية الاتحاد الأوروبي قد رضخت للمطالب الألمانية من أجل إنشاء جيش أوروبي مشترك."
وهاجم هوكم المشروع؛ مشدداً على أن الاتحاد الأوروبي يتخذ القرارات التي تهدد سيادة الدول الأعضاء وراء الأبواب المغلقة، ثم ينفذها تدريجيا قبل عرض المسألة برمتها أمرا واقعا على الشعوب الأوروبية.
ويعتقد المراقبون للشأن الأوروبي أن هذه التسريبات ستعزز من موقف حملة "الخروج" البريطانية، والتي كانت تحذر من التكامل مع دول الاتحاد الأوروبي، وتدعم مزاعمها وشكوكها تجاه الاتحاد ككل.
في سياق متصل، يستعد الائتلاف الحكومي في ألمانيا لتقديم مشروع آخر من شأنه تخفيف القيود التي فُرضت على عمليات الجيش داخل البلاد في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية؛ حيث تم حظر انتشار الجيش للتعامل مع العنف أو التهديد بالعنف داخل ألمانيا بسبب مخاوف من إثارة ممارسات الحقبة النازية. هذا المشروع يسعى لإنهاء الحظر بسبب "طبيعة ودينامية التهديدات السياسية والأمنية الحالية والمستقبلية."
وأكدت "الورقة البيضاء" أن "للسياسة الأمنية الألمانية علاقة مع خارج البلاد أيضاً.. ألمانيا مستعدة للانضمام في وقت مبكر وبطريقة حاسمة إلى حد كبير، كقوة دافعة في المناقشات الدولية، وتحمل المسؤولية والقيادة."
أما فيما يتعلق بحلف شمال الأطلسي، فقد أشارت "الورقة البيضاء" إلى أنه كلما ازداد استعداد الأوروبيين لتحمل نصيب أكبر من العبء المشترك، أصبح "الشريك الأمريكي" على استعداد لصنع القرارات المشتركة. وأكد مشروع القرار أن "المزيد من الشراكة الأمنية على ضفتي الأطلسي ستؤدي إلى نتائج أفضل".
غير أن هذه المشروعات الأمنية تبدو مثالية على الورق. وقد أكد عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاتحادي الألماني رودريخ كيزيفيتر أن الطريق لا يزال طويلا جداً من أجل إنشاء الجيش الأوروبي والتعاون الأمني مع الولايات المتحدة، ولكن هذه الخطوات ضرورة استراتيجية لتمهيد الطريق من أجل الوصول إلى الهدف المرجو.