افراسيانت - سيد المختار - دعا المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا إلى عدم التحرك عسكريا لتحرير مدينة سرت من قبضة تنظيم "داعش" بغير أوامر مباشرة منه.
وحذر المجلس، الذي وصف نفسه بالقائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية، من أن معركة تحرير سرت قد تجر البلاد إلى حرب أهلية طاحنة على الرغم من الدوافع الوطنية التي تحرك أصحاب مبادرة تحريرالمدينة.
المتاجرةبالإرهاب
ويعدُّ البيان الصادر عن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس الأقوى والأكثر حدة؛ في مؤشر يعكس بجلاء مدى الاختلاف في وجهات النظر بين المجلس وحكومة طبرق، وخاصة قائد قواتها العسكرية الفريق المتقاعد.
فقد اتهم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أطرافا لم يسمها بأنها تحاول المتاجرة بالقضية الليبية وعلى رأسها محاربة الإرهاب؛ مهددا بأنه سيعمل على كبح جماح هذه الأطراف،التي اتهمها بالسعي لتحقيق مصالح شخصية ضيقة وآنية.
وبلهجة تحذيرية ونبرة تصعيدية واضحة. أشار المجلس الرئاسي إلى أن أي تحرك عسكري من هذا القبيل سيصب في مصلحة تنظيم "داعش"،الذي لم يكن ليجد موطئ قدم في ليبيا لولا الخلافات السياسية الحادة التي عصفت بالبلاد خلال السنوات الماضية.
السياق
وجاء البيان الصادر عن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بعد إعلان القيادة العامة للجيش الليبي التي يرأسها الفريق خليفة حفتر عن إطلاقها عملية عسكرية لتحرير مدينة سرت من قبضة التنظيم الإرهابي.
العملية، التي أُطلق عليها اسم "معركة سرت الكبرى"، أَخرجت إلى العلن الخلافات بين أطراف الأزمة الليبية، والتي وصلت إلى حد وضع اتفاق الصخيرات في مهب الرياح.
ولم يكن رد الحكومة الموازية في طبرق على بيان حكومة الوفاق أقل حدة. فقد صنف رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بيان المجلس الرئاسي في خانة "إنتاج الشقاق".
وبدا جليا في حديث المستشار عقيلة ولاءه الكبير للفريق حفتر، عندما اتهم المجلس الرئاسي في طرابلس بمحاولة القفز على الدستور، وتجاوزِ المؤسسة العسكرية ،التي "ظلت تحارب الإرهاب "القاعدي" و"الداعشي" منذ ما يزيد عن سنتين كاملتين".
ويرى متابعون للشأن الليبي أن الحكومة الموازية في طبرق قلقة إلى حد بعيد من الدعم الدولي المطلق الذي حظيت به حكومة الوفاق الوطني.وهو ما عبرعنه رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح، عندما كال الاتهامات لمبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر، قائلا إنه ينحاز إلى أطراف على حساب أخرى.
اصطفافات
وما يبرر التدخل عسكريا لتحرير مدينة سرت في هذه المرحلة الحساسة، هو موجة نزوح سكان المدينة باتجاه المدن المجاورة لها،هربا من بطش الإرهابيين الذين يسيطرون على سرت منذ ما يزيد عن عام.
ويريد رئيس حكومة الوفاق فايز السراج أن تكون عملية تحرير سرت تحت قيادة حكومته، وبمشاركة جميع القوى في الشرق والغرب والجنوب؛ حيث أعلن الخميس عن بدئه اتصالاته للتحضير للعملية.
وفي حال تحرير المدينة تحت مظلة حكومة الوفاق، فستكون العملية أو لعملية عسكرية ضد"داعش"تنفذها الحكومة، كما أنها ستقطع الطريق على قيادة الحكومة الموازية في شرق ليبيا للقيام بأي عمليات عسكرية.
لكن الانقسامات، التي سبقت العملية العسكرية لتحرير سرت، قد تؤثر على مستوى فاعليتها بعدما انسحبت أطراف عسكرية من العملية استجابة للبيان الذي أصدره المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق.
ومن بين الكتائب العسكرية التي أعلنت ولاءها للمجلس الرئاسي والتزامها بتعليماته - المجلس العسكري في مصراتة، الذي سارع إلى إصدار تعليماته لمقاتليه بعدم المشاركة في عملية تحرير سرت إلا تحت مظلة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق؛ داعيا المجلس إلى الإسراع في تشكيل مجلس عسكري لمحاربة التنظيم.
هذه الاصطفافات العسكرية توازيها أخرى سياسية؛ حيث ذكرت تقارير صحفية أن عددا من نواب برلمان طبرق وصلوا إلى مدينة غدامس استعدادا لعقد جلسة تصويت من أجل منح الثقة لحكومة السراج.
وتهدد هذه الانقسامات مصير اتفاق الصخيرات، الذي رعته الأمم المتحدة، ووقعته الأطراف كافة، وخاصة في ظل وجود ثُغَر قانونية، قد تستغلها بعض الأطراف للتنصل من الاتفاق أو نسفه من الأساس.