باحثون يتوقعون 'أوقاتا صعبة' في مباحثات الكويت، خصوصا وأن طرفي النزاع مختلفان في العمق حول 'مسائل جوهرية'.
افراسيانت - قال مسؤولون من جانبي الصراع في اليمن إن محادثات السلام التي ستجري في الكويت لإنهاء الحرب الأهلية والتدخل بقيادة السعودية لن تبدأ الاثنين كما هو مزمع وسط اعتراضات على استمرار القتال رغم اتفاق معلن لوقف إطلاق النار.
ولم تغادر بعد وفود تمثل جماعة الحوثي اليمنية وحزب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح العاصمة صنعاء وعزت ذلك إلى القتال الشرس وعمليات جوية تقودها السعودية.
وقال مسؤول كبير من حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ينتمي له صالح الاثنين "لا معنى للذهاب إلى الكويت إذا لم يتم احترام وقف إطلاق النار."
وتستضيف الكويت مباحثات بين أطراف النزاع اليمني في رعاية الأمم المتحدة التي ترى "السلام" اقرب من اي وقت، على رغم الخروقات التي شابت وقف إطلاق النار خلال الأسبوع الماضي.
وتجمع الجولة الجديدة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المدعوم من التحالف العربي بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين وحلفائهم من الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، العائدين الى طاولة المباحثات بعد جولة في سويسرا في ديسمبر لم تحقق تقدما في البحث عن حل للنزاع الذي استغلته التنظيمات الجهادية لتعزيز نفوذها.
واستبق استئناف المباحثات باتفاق لوقف اطلاق النار بدأ تطبيقه منتصف ليل الاحد الاثنين الماضي. وعلى رغم تعهد الأطراف التزام وقف النار، سجلت خروقات على جبهات عدة، لم تؤثر على انطلاق المباحثات.
وكان موفد الأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ اجرى الاحد عشية انطلاق المباحثات لقاءات مع مسؤولين كويتيين. ونقلت وكالة الانباء الكويتية عن الموفد الدولي تأكيده اثر لقائه الامير الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، وجود "توتر كبير" على رغم وقف اطلاق النار، متحدثا عن "استقرار بصورة عامة" في معظم أنحاء اليمن.
وكان ولد الشيخ عكس الجمعة اجواء تفاؤل أمام مجلس الامن، حين قال "لم نكن يوما قريبين الى هذا الحد من السلام"، مضيفا "طريق السلام صعب ولكنه في متناول اليد والفشل ليس واردا". وأوضح ان هدف المباحثات "التوصل الى اتفاق شامل ينهي النزاع ويتيح استئناف الحوار السياسي الجامع"، محذرا من انها تتطلب "تسويات صعبة من كل الأطراف ورغبة في التوصل الى اتفاق". وفي ظل تأكيده وجود "عدد مقلق من الانتهاكات الخطرة" لاتفاق وقف النار، نوه بوجود "انخفاض ملحوظ في وتيرة اعمال العنف العسكرية".
وطبعت الخروقات ثلاثة اتفاقات لوقف النار منذ بدء عمليات التحالف العربي دعما للرئيس هادي في مارس 2015. الا ان الأطراف سعوا هذه المرة، على عكس المرات السابقة، للتقليل من أهميتها.
كما ترافق الاتفاق الأخير مع تشكيل لجان ميدانية مشتركة من القوات الحكومية والمتمردين، للاشراف على وقف الاعمال العسكرية.
وستركز المباحثات على البحث عن حل للنزاع الذي أودى منذ مارس 2015، الى مقتل زهاء 6400 شخص نصفهم تقريبا من المدنيين، وتهجير قرابة 2.8 مليوني شخص، وأوضاع انسانية صعبة.
وقال ولد الشيخ امام مجلس الامن، ان البحث عن الحل سيكون "بما ينسجم والقرار الدولي رقم 2216" الصادر عن مجلس الامن العام الماضي والذي ينص في ما ينص على انسحاب المتمردين من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة.
ويشكل تطبيق القرار مطلبا اساسيا للحكومة اليمنية والتحالف العربي. ونقلت وكالة "سبأ" الحكومية عن وزير الخارجية عبد الملك المخلافي اشتراطه تطبيق المتمردين القرار ليكونوا "شركاء في العملية السياسية".
وقال "سنقدم كل ما بوسعنا للتخفيف عن معاناة الشعب، ولا نتوقع ان يكون هناك اتفاق كامل في هذه المرحلة، لكننا نعتقد بان نكون في وضع متقدم عما كنا من قبل".
ويتداخل في المباحثات الشق العسكري والميداني بالسياسي، سيما وان النزاع يعد احدى نقاط الخلاف الأساسية بين الخصمين الإقليميين السعودية الداعمة للحكومة، وايران المؤيدة للمتمردين.
كما ان تطبيق المتمردين للقرار الاممي قد يعد هزيمة لهم، كونه يتطلب خروجهم من صنعاء الواقعة تحت سيطرتهم منذ سبتمبر 2014.
وقالت الباحثة في مجموعة الازمات الدولية ابريل لونغلي الاي "نتوقع اوقاتا صعبة" في مباحثات الكويت، مذكرة بأن طرفي النزاع لا يزال مختلفين في العمق حول "مسائل جوهرية".
ورأت انه في افضل الحالات "يتوجب على الطرفين ان يتفاهما على سلسلة تسويات تتيح اعادة بناء الثقة وترسيخ وقف اطلاق النار وتشجيع عودة حكومة تضم الجميع الى صنعاء واطلاق العملية السياسية".
ومكن التحالف القوات الحكومية من استعادة السيطرة على خمس محافظات جنوبية ابرزها عدن. الا ان الحكومة تواجه صعوبة في بسط نفوذها بالكامل في الجنوب، حيث أفادت الجماعات الجهادية كتنظيم القاعدة وتنظيم داعش من الوضع الامني لتعزيز نفوذها.
ويسيطر الجهاديون على مناطق عدة، ونفذوا هجمات وتفجيرات استهدفت القوات الامنية ومسؤولين سياسيين، اضافة الى مقرات عسكرية للتحالف الذي بدأ الشهر الماضي، وللمرة الاولى، استهداف معاقلهم بسلاح الجو.
وفي دليل اضافي على تعقيدات الوضع اليمني، تجمع الآلاف من انصار "الحراك الجنوبي" في عدن الاحد للمطالبة بفصل جنوب البلاد عن شمالها، وعودة اليمن الجنوبي الذي كان دولة مستقلة حتى العام 1990.