افراسيانت - إيهاب نافع - قررت محكمة جنايات القاهرة إخلاء سبيل قادة في "تحالف دعم الشرعية" الموالي "للإخوان"، والذي كان يدعو إلى العنف عقب عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي.
يأتي ذلك بالتزامن مع لقاء مفتوح للحوار الوطني دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وشاركت فيه نخبة من المثقفين والكتّاب والمفكرين، لمناقشة مختلف القضايا السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية.
الرئيس السيسي طلب من هؤلاء، الذين بلغ عددهم 24 أديبا ومثقفا ومفكرا مصريا، تقديم تصور لنهضة مصر خلال شهر كامل، حول قضايا حقوق الإنسان والحريات والتعليم والديمقراطية.
وقد أكد السيسي خلال اللقاء أنْ لا أحد يستطيع البقاء في موقع الرئاسة أكثر من الفترة المقررة، وأنَّ لثورتي25 يناير و30 يونيو آثارا إيجابية وسلبية.
في غضون ذلك، قررت محكمة جنايات القاهرة إخلاء سبيل قادة في "تحالف دعم الشرعية" الموالي لـ"جماعة الإخوان المسلمين" (المحظورة في مصر وروسيا)، وكذلك كل من رئيس حزب "العمل" مجدي حسين، والقيادي في الحزب مجدي قرقر، والشيخ السلفي فوزي السعيد، ورئيس حزب "البناء والتنمية" نصر عبد السلام، والقيادي في "حركة الجهاد" محمد أبو سمرة وآخرين، فيما سبق هذا القرار بعدة أيام الإفراج عن محمد الظواهري شقيق "أمير" تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري.
القاهرة لم تتوقف في مواقفها المستجدة حيال أنصار "الإخوان" عند من في السجون فحسب، بل وأفسحت مجالا واسعا لأنصارهم في الخارج؛ حيث وافق الرئيس المصري على عودة الإعلامي المصري طارق عبد الجابر، مقدم أحد البرامج في قناة "الشرق" "الإخوانية" إلى مصر.
وعلى مقربة من هذين التوجهين، تجلى موقف مصر الجديد من حركة "حماس"، أحد أجنحة "الإخوان" في فلسطين (كما جاء في ميثاقها)، عندما اجتمع رئيس جهاز الاستخبارات المصري اللواء خالد فوزي باثني عشر من قادتها البارزين، على رأسهم موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، ومحمود الزهار، وزير خارجية حكومتها المقالة. ووفق تسريبات، طلب فوزي من الحركة فك ارتباطها بـ"جماعة الإخوان"، وهو ما تمت ترجمته بإزالة صور مرسي والشيخ حسن البنا من شوارع غزة ومساجدها.
يأتي ذلك على الرغم من أن الناطق الرسمي باسم الحركة سامي أبو زهري نفى صحة هذا الأمر، ووصف أحاديث الإعلام بأنها "بهارات إعلامية"؛ داحضا وجود علاقة لتغيير الصور في غزة بأي اتفاقات أو تفاهمات؛ ومشدداً على أن الأمر لا يتجاوز تحديثا "لمواكبة الأحداث". وأوضح المتحدث باسم "حماس" أن استبدال صور الرئيس التركي وأمير قطر بأخرى لا يعني تنصُّل "حماس" من مدرسة "الإخوان" الفكرية.
ومع ذلك، فإن التحركات جميعها تبدو، بحسب مراقبين، فتحًا لصفحة جديدة للدولة المصرية في التعامل مع "الإخوان" عبر تقليم أظافرها، والتصالح مع المتعاطفين معها ممن أبدوا استعدادا عمليا وفكريا لمراجعة مواقفهم في الداخل والخارج. وهو الأمر، الذي قد يتوازى مع اتجاه لإحداث مراجعة فكرية في السجون، وكذلك في الخارج، لقادة "الإخوان"، والتي يشرف عليها كل من الدكتور حلمي الجزار، القيادي "الإخواني" البارز، الذي جرى الإفراج عنه قبل أشهر، والسماح له بمغادرة البلاد، في شكلٍ ظهر كمهمة يسانده فيها القيادي "الإخواني" عمرو دراج.
وفي تعليقه على ذلك، قال عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان والقيادي المنشق عن "الجماعة" مختار نوح ، أن مجدي قرقر ومجدي حسين، القياديين في حزب "الاستقلال"، المتحالف مع "الإخوان"، أجريا مراجعات داخل السجن حول أخطاء تحالفهما مع "الإخوان". وأضاف مختار نوح أن تداعيات كبيرة ستنجم عن الإفراج عن قيادات تحالف "الإخوان"، وخاصة على "الجماعة" نفسها؛ ما سيؤدي إلى استسلام "جماعة الإخوان" خلال الفترة المقبلة؛ مؤكدا أن هذا الإفراج سيربك التنظيم.
أما الكاتب الصحفي عبد الله السناوي، فكشف أن السيسي هو، الذي أمر بعودة الإعلامي طارق عبد الجابر، الذي يخضع الآن للعلاج في أحد مستشفيات أثينا، إلى مصر مراعاة لظروفه الصحية.
وأشار السناوي إلى أن هناك قائمة بأسماء إعلاميين وسياسيين، موجودين خارج مصر، أبدوا رغبتهم في الاعتذار عن أخطائهم السياسية المحتملة، والعودة إلى مصر. وأن هذه القائمة قد أصبحت في عهدة رئاسة الجمهورية لبحث حالاتهم.
ولفت السناوي إلى أن الأشخاص المماثلين لعبد الجابر سيتاح لهم نفس الفرصة ما لم يكونوا قد تورطوا في ممارسة العنف، وما لم يكونوا قد أدينوا بأحكام قضائية.
من جانبه، كتب رئيس تحرير صحيفة "الشروق" المصرية عماد الدين حسين مقالا تحت عنوان "هل انفرج الباب قليلا؟"، ذكر فيه أن السيسي صرح بأن الأمن لن يكون على حساب حقوق الإنسان، وأن الفترة المقبلة ستشهد صدور مزيد من قرارات العفو عن دفعات جديدة من المسجونين.
وفسر رئيس تحرير "الشروق" ذلك بأن الفترة المقبلة سوف تشهد مزيدا من انفتاح الحكومة على القوى والأحزاب السياسية وجانبا من المجتمع المدني.
وأضاف أن أي تحليل منصف للمشهد العام في مصر يُظهر أن هناك انسدادا شديدا في شرايين العمل السياسي في البلاد، وربما في مجالات أخرى عديدة، وأن هناك ارتفاعا ملحوظا فى وتيرة الأعمال الإرهابية كمًا ونوعا، وخاصة في سيناء. كما أن هناك ارتفاعا في أسعار صرف الدولار سيقود إلى ارتفاع أسعار غالبية السلع والخدمات، ما قد يؤدي بدوره إلى اندلاع اضطرابات وقلاقل اجتماعية.
وختم السيد عماد الدين حسين بالقول إن صورة مصر في الخارج تتعرض لمزيد من التشويه بفعل إخفاقات داخلية، وبخاصة في ملف الحريات وحقوق الإنسان، ولا سيما بعد بيان البرلمان الأوروبي وانتقادات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حول حقوق الإنسان في مصر.