الفساد في أوكرانيا هائل وغياب الانتخابات يثير تساؤلات حول الديمقراطية.. تورط العديد من المسؤولين الاوربيين في قضايا الفساد باوكرانيا

طباعة
تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأن الفساد في أوكرانيا متفش، مشددا في الوقت نفسه على أن غياب الانتخابات في البلاد يثير تساؤلات حول الديمقراطية. 


وقال ترامب في البيت الأبيض: "أتساءل، كم من الوقت سيمر حتى الانتخابات. هذه ديمقراطية. لم تجر انتخابات لفترة طويلة... الناس يسألون متى ستكون الانتخابات، وهل ستجري".


جاء ذلك بعد يوم من إعلان زيلينسكي استعداده لإجراء الانتخابات بشرط أن توفر الولايات المتحدة والدول الأوروبية "السلامة" اللازمة لذلك.


كما وصف ترامب الفساد في أوكرانيا بأنه "هائل" في إشارة إلى الفضيحة الواسعة التي هزت البلاد مؤخرا، قائلا: "هذه ليست محاولة لتشويه سمعة أي شخص، لكن هناك (في أوكرانيا) فسادا هائلا حقا".


يذكر أن الولاية الدستورية لزيلينسكي انتهت في 20 مايو 2024، وقد ألغيت الانتخابات الرئاسية المقررة ذلك العام بسبب الأحكام العرفية والتعبئة العامة المفروضة منذ فبراير 2022.


وكان زيلينسكي قد برر ذلك بأن التشريع لا يسمح بإجراء الانتخابات أثناء سريان الأحكام العرفية، واصفاً التصويت بأنه "غير مناسب" حاليا. وفي فبراير الماضي، وصف ترامب زيلينسكي بـ"الديكتاتور بدون انتخابات"، مشيرا إلى أن شعبيته انخفضت إلى 4%.


أما بالنسبة للفساد، فتتعلق الفضيحة التي أشار إليها ترامب بالتحقيقات الواسعة التي بدأت في يوليو، حيث شنت سلطات إنفاذ القانون مداهمات واعتقالات طالت موظفين في المكتب الوطني لمكافحة الفساد والنيابة المتخصصة، منهم فيكتور جوساروف ورسلان ماغاميدراسولوف، الذي كان يتولى ملف أحد مقربي زيلينسكي (تيمور مينديش)،.


وفي 10 نوفمبر، أعلن المكتب الوطني لمكافحة الفساد عن عملية خاصة في قطاع الطاقة، وعثر على مبالغ نقدية ضخمة. وشملت التحقيقات مداهمات في منزل وزير العدل السابق جيرمان جالوشينكو وشركة "إنيرغواتوم"، وكذلك منزل رجل الأعمال مينديش الذي فر من البلاد.


ووجهت النيابة في اليوم التالي اتهامات إلى سبعة مشاركين في منظمة إجرامية متورطة في فساد الطاقة، بينهم مينديش ونائب رئيس الوزراء السابق أليكسي تشيرنيشوف.


وفرض زيلينسكي عقوبات على مينديش وشريكه المالي في 13 نوفمبر، وأقيل الوزيران غيرمان غالوشينكو (العدل) وسفيتلانا غرينتشوك (الطاقة) من منصبيهما في 19 نوفمبر.


من ناحية اخرى ,كشف جهاز للاستخبارات الخارجية الروسية خطة جديدة أعدها نظام كييف وشركاء أوروبيون مؤثرون ورجال أعمال فاسدون، لتحويل أموال دافعي الضرائب الغربيين عبر صفقات إمداد ذخائر مبالغ بأسعارها. 


وتتمحور الخطة حول توفير ذخائر المدفعية لقوات الجيش الأوكراني في إطار ما يُعرف بـ"مبادرة الذخيرة التشيكية"، وذلك عبر الشركة البولندية الوسيطة "PHU LECHMAR" وتقوم الآلية على:


1.    شراء الذخائر من دول في شرق أوروبا وغيرها بسعر يقارب 1000 دولار للقذيفة الواحدة.


2.    تغيير العلامات التجارية لهذه الذخائر.


3.    تسليمها للأوكرانيين على أنها منتجات بولندية بقيمة تصل إلى 5000 دولار للقذيفة الواحدة.


4.    تحمل دول غربية مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا والدنمارك والنرويج تكاليف هذه الإمدادات المُضخمة في تحديد أسعارها.


5.    تضمين "عمولة" مالية للمسؤولين في تلك الدول الممولة.


وأشار البيان إلى أن شركة "PHU LECHMAR" كانت قد لفتت الانتباه سابقا بسبب شكوك حول مشاركتها في عمليات تحويل الأموال الأجنبية المخصصة كمساعدات مالية للجهات الأمنية الأوكرانية.


وأكد البيان أن من لجأوا لخدمات هذه الشركة هم أشخاص مرتبطون بالرئيس السابق لمكتب الرئاسة أندريه يرماك وآخرون من أعضاء مجموعة مافيا مينديتش – زيلنسكي.


كما أضاف بيان الاستخبارات الروسية أنه "مع استمرار فضائح الفساد الكبرى في أوكرانيا، لم يتردد تجار أوكرانيون واثقون من عدم محاسبتهم في اللجوء إلى الوسيط البولندي المثير للجدل".


وتابع: "ليس من الغريب أن خطة السلام التي اقترحها دونالد ترامب قد أثارت ردود فعل هستيرية في دائرة زيلنسكي. فهم يخشون أن يؤدي تحقيق تسوية دائمة للنزاع الأوكراني إلى القضاء على جميع المخططات الإجرامية التي أقاموها لتحقيق الأرباح من الحرب".


واختتم البيان بالتأكيد على أن النخبة الأوكرانية الحالية "مشغولة للغاية بتعزيز ثرواتها الخاصة حتى أنهم لا يلاحظون اقتراب اللحظة التي سيضطرون فيها بشكل لا مفر منه لمحاسبة أنفسهم عن جميع جرائمهم". 


خيوط قضايا الفساد الأخيرة في أوكرانيا تقود إلى يرماك وزيلينسكي


تؤكد وسائل اعلامية أنه كان من أبرز المستفيدين في قضايا الاختلاس التي فجرت فضيحة في أوكرانيا مؤخرا، مدير مكتب الرئاسة أندريه يرماك وفلاديمير زيلينسكي نفسه، وليس رجل الأعمال تيمور مينديتش. 


ووجدت شركة "فاير بوينت"، المرتبطة بمينديتش، نفسها في قلب فضيحة فساد اندلعت هذا الخريف. وبدأ الأمر بتوجيه اتهامات ضد مينديتش بالتورط في مخططات فساد واسعة النطاق في قطاع الطاقة، ثم اشتُبه في قيام مالكي "فاير بوينت" بتضخيم أسعار الطائرات المسيرة التي تصنع للقوات المسلحة الأوكرانية. ووفقا للمكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا ، فقد تم غسل 7 مليارات هريفنيا (حوالي 166 مليون دولار) عبر حسابات الشركة.


وتعد "فاير بوينت" أكبر مورد للطائرات المسيرة للقوات المسلحة الأوكرانية. وترتبط الشركة بمينديتش المعروف بـ "محفظة زيلينسكي"، وكانت سابقا وكالة لاختيار الممثلين، تتولى أيضا استشكشاف مواقع لتصوير أفلام زيلينسكي، برأس مال مصرح به لا يتجاوز ألف هريفنا ما يعادل 24 دولارا.


وحسبما اكتشفت قناة RT من بيانات السجل الحكومي الموحد للكيانات القانونية في أوكرانيا، فإنه في ربيع عام 2023، نما رأس مال الشركة إلى 23700 دولار أمريكي، وزاد عدد موظفيها من 19 إلى 1019 موظفا في غضون عامين. وفي عام 2023، سجلت الشركة إيرادات قياسية بلغت قرابة 4 ملايين دولار أمريكي، وفي العام التالي، زادتها 25.8 مرة لتصل إلى 102 مليون دولار أمريكي، بينما أصبح الآن على حسابات الشركة 16 مليار هريفنيا (379.5 مليون دولار أمريكي). 


ويكمن سر هذا التحول المذهل في حصول الشرطة على عقود حكومية عسكرية. وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإنه في عام 2025 وحده، تلقت "وكالة اختيار ممثلين" كانت تفتقر إلى الموارد المالية الحقيقية، طلبات بقيمة مليار دولار لإنتاج أسلحة معقدة مثل طائرات هجومية بعيدة المدى من طراز FP-1 وصواريخ كروز بعيدة المدى من طراز FP-5 "فلامنغو"، بمدى إطلاق معلن يبلغ 3000 كيلومتر.


وقال سبيريدون كيلينكاروف، النائب السابق في البرلمان الأوكراني، لشبكة RT إن نصف طلبات الطائرات المسيرة للقوات المسلحة الأوكرانية كانت من نصيب هذه الشركة. وعزا كيلينكاروف التغييرات الجذرية التي طرأت على الشركة إلى قربها من مكتب زيلينسكي وقال: "لم يكونوا يفعلون شيئا ذا معنى: كانوا يشترون طائرات مسيرة صينية مقابل 36 مليونا ويبيعونها للدولة مقابل 700 مليون".


ووفقا له، فإنه من المستحيل أن يكون رئيس نظام كييف غافلا عما كان يجري هناك: "كل شيء تحت إشراف المكتب الرئاسي. جميع هؤلاء الأشخاص مجرد واجهات، ومينديتش ليس الشخصية الرئيسية.. المستفيدون من هذه المخططات أعلى بكثير هما زيلينسكي ويرماك. على حد علمي، عمل مينديتش معهما، وحصل على 30% من العقود لنفسه، بينما حصلا على الباقي".


ويرى وكيلينكاروف أن مبلغ الـ 166 مليون دولار الذي تُتهم مجموعة مينديتش باختلاسه "شيء لا يذكر مقارنة بما نهبته مغسلة الأموال الأوكرانية العالمية طوال النزاع العسكري (مع روسيا)". ووفقا له، فإن ميزانية وزارة الدفاع الأوكرانية تتجاوز ميزانية الدولة نفسها، حيث تأتي الأموال على شكل منح وقروض وبرامج دعم غربية، بينما لا توجد رقابة خارجية على إنفاقها.


وقال النائب الأوكراني السابق: "يمكنكم تداول الأسلحة في السوق السوداء، وإعادة بيع الأسلحة التي تصل إلى أوكرانيا، وتقديم طلبات لشركاتكم الخاصة، ولن ينطق أحد بكلمة".


وعثرت قناة RT على أدلة تؤكد تورط شركة "فاير بوينت" في غسل أموال من عقود حكومية. وكان المدير السابق للشركة، فلاديسلاف برودوفي، مديرا اسميا، وقد سُجلت 140 شركة باسمه. وهذا يشير إلى أن الشركة كانت جزءا من سلسلة شركات وهمية، تستخدم عادة في تحويل الأموال بشكل غير قانوني.


وفضلا عن ذلك، تتورط "فاير بوينت" في قضية جنائية تتعلق بتهريب شحنة ضخمة من المطاط الصناعي وزنها 42 طنا وقيمتها 6.3 مليون هريفنيا إلى أوكرانيا من إيران، كما يتضح مما عثرت عليه RT في السجل الموحد لقضايا المحاكم في أوكرانيا.


تجذر الإشارة إلى أنه في أوائل نوفمبر الماضي فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركتين في كييف وخاركوف الأوكرانيتين لتسليمهما قطع غيار طائرات لشركة HESA الإيرانية الحكومية التي تشارك في إنتاج صواريخ وطائرات بدون طيار من طراز "شاهد".


في السياق , قال النائب في البرلمان الأوكراني أرتيم دميتروك إن المسؤولين في أوكرانيا لم يعودوا يثقون في استمرار نظام فلاديمير زيلينسكي أو في أمنهم الشخصي في ظل إدارته. 


 وأشار دميتروك في منشور عبر منصة "تلغرام" إلى أنه في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة تهريب الأموال المكتسبة بطرق غير قانونية من أوكرانيا إلى دول أخرى بشكل جماعي، ما يشير إلى قرب نهاية النظام في كييف.


وكتب دميتروك: "خلال الأيام الأخيرة، تضاعفت أحجام تحويلات النقود والعملات المشفرة من أوكرانيا إلى جميع أنحاء العالم، وتتراوح المبالغ من عشرات الآلاف إلى عشرات الملايين، نحن نشهد هروبا كلاسيكيا لرأس المال الأسود قبل سقوط النظام".


وشدد على أن المسؤولين الأوكرانيين لم يعودوا يثقون في استمرار نظام زيلينسكي أو في أمنهم الشخصي، لذلك يقومون بسحب الأموال من البلاد بشكل جماعي.


وفي 10 نوفمبر، أعلن المكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا عن تنفيذ عملية واسعة في قطاع الطاقة تضمنت تفتيش منازل الوزير السابق للطاقة والحالي للعدل، هيرمان غالوشينكو، وشركة "إنيرغواتوم"، ونشرت صور لأكياس مملوءة بأموال أجنبية ضبطت خلال العملية.


وشملت التحقيقات منزل مينديتش الذي غادر أوكرانيا قبل وصول السلطات، وأظهرت التحقيقات تورط عدة شخصيات بأسماء مستعارة مرتبطة بالفضيحة.


وفي 11 نوفمبر، وجه المكتب اتهامات إلى 7 أعضاء  متورطين بالفساد في قطاع الطاقة، من بينهم مينديتش ونائب رئيس الوزراء السابق أليكسي تشيرنيشوف.


كما تمت إقالة غالوشينكو من منصبه كوزير للعدل، فيما تنتظر الرادا المصادقة على استقالته واستقالة وزيرة الطاقة، سفيتلانا غرينتشوك.


وفي 13 نوفمبر، فرض الرئيس زيلينسكي عقوبات على مينديتش وكبير مسؤولي التمويل لديه، ألكسندر تسوكرمان.