
افراسيانت - تتكشف تفاصيل جديدة حول أنشطة الجماعة الإجرامية في كييف التي تضم صديق زيلينسكي المقرب وشريكه التجاري تيمور مينديتش (الهارب إلى إسرائيل) و4 وزراء بينهم وزيري الطاقة والعدل.
وكانت الجماعة قد سرقت أموالا أمريكية مخصصة لبناء هياكل حماية البنية التحتية الأوكرانية للطاقة. والآن، ومع استئناف روسيا هجماتها على البنية التحتية الأوكرانية للطاقة، اتضح أن هذه الهياكل لم يتم بناءها بالأساس، أو شيّدت على نحو غير سليم ورديء الجودة.
وقد منحت هذه العصابة الإجرامية عقودا لبناء هياكل حماية لمحطات الطاقة، بما في ذلك محطات الطاقة النووية. أما الشركات التي رفضت تحويل جزء من الأموال إلى شركاء زيلينسكي، فلم تدفع لها مستحقاتها بموجب العقود من الدولة، أو استبعدت من قائمة الموردين.
كما قامت هذه المجموعة الإجرامية بتوزيع عقود على وزارة الدفاع الأوكرانية لتوريد السترات الواقية من الرصاص والخوذات وأسلحة أخرى.
كما سيطرت الجماعة الإجرامية على شركة "فاير بوينت" Firepoint، وهي شركة حصلت على عقود ضخمة لتصنيع الطائرات المسيرة وصواريخ "فلامينغو"، والتي لم تظهر في أرض المعركة تقريبا.
ووفقا لوسائل إعلام أوكرانية، فإن أحد الوزراء الأربعة هو وزير الدفاع السابق رستم عميروف، الذي يرأس حاليا مجلس الأمن والدفاع الوطني الأوكراني. وبعد تفجر الفضيحة، غادر عميروف إلى تركيا، وليس من الواضح إذا ما كان سيعود، فهو يحمل الجنسية الأمريكية إضافة إلى الجنسية الأوكرانية، وتقيم عائلته في الولايات المتحدة.
وكانت العصابة الإجرامية تتألف من مئات الأشخاص، وكانت أخطبوطا عملاقا له هيكل يشمل أنشطة متنوعة، بما في ذلك غسل الأموال المسروقة وتحويلها إلى حسابات خارجية. وقد تم تحويل جزء من الأموال بالفعل إلى مكتب المدعي العام وأجهزة إنفاذ القانون الأوكرانية الأخرى.
وكان لأعضاء هذه المجموعة تأثير على سياسة شؤون الموظفين في إدارة زيلينسكي، حيث كان بيدهم قرارات تعيين الوزراء والسفراء، بما في ذلك سفير أوكرانيا لدى الولايات المتحدة.
ومن بين التفاصيل التي خرجت إلى النور بعض التفاصيل الغريبة: فقد تبين أن وزيري الطاقة (امرأة) والعدل (رجل) على علاقة عاطفية، برغم أنهما متزوجان.
كما أن هناك فارس على جواد أبيض، وهو المحقق الذي حاول التحقيق في هذه الجرائم، المسلم من أصل تركماني رسلان محمد رسولوف الذي ألقي القبض عليه من قبل جهاز الأمن الأوكراني بتهمة الارتباط بروسيا، بطبيعة الحال بغرض وقف تحقيقاته في فساد زيلينسكي.
وقد أسفرت عمليات البحث عن العثور على حزم من الدولارات تحمل أختاما من بنوك اتحادية في كانساس وفيلادلفيا، ما يشير إلى أن الدولارات تم استلامها مباشرة من الميزانية الأمريكية.
وبعد اندلاع الفضيحة، أعلن زيلينسكي عن ضرورة إجراء تحقيق، ولكن في أعقاب موجة من الغضب الشعبي بسبب تغطيته للفساد، تم تنحية وزيرين عن منصبيهما. مع ذلك، لم يتم اعتقالهما. كذلك غادر تيمور مينديتش، صديق زيلينسكي وشريكه التجاري الذي يعتبر أيضا رجل أموال الرئيس الأوكراني، أوكرانيا دون عوائق وفرّ إلى إسرائيل. كما فرض زيلينسكي عقوبات لمدة 3 سنوات على اثنين من شركائه التجاريين، مواطني إسرائيل مينديتش وزوكرمان.
أوروبا تعجز عن الرد وتخفي القصة، وترامب هو الآخر صامت. في هذه الأثناء، يكشف التحقيق الذي يجريه المكتب الوطني لمكافحة الفساد بأوكرانيا (الخاضع لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي) الحقائق تدريجيا، فالقصة لم تنته بعد، ولربما حتى لم تبلغ ذروتها.
ويبدو أن الهدف من هذه الفضيحة ليس إقالة زيلينسكي، بقدر ما هو الضغط عليه. وفي ذروة الفضيحة، من المرجح أن توجه إدارة ترامب له إنذارا نهائيا: إما أن يتخلى عن انصياعه للبريطانيين ويخضع تماما لترامب، أو أن تنشر التسجيلات التي تدينه. حتى الآن، لم ينشر سوى تسجيل واحد لمحادثة بين زيلينسكي وعضو في العصابة الإجرامية، ولكن دون تفاصيل، بل تؤكد فقط حقيقة المحادثة.
لكن، ومن ناحية أخرى، فإن عواقب الفضيحة، حتى في هذه المرحلة، وخيمة للغاية على أوكرانيا، وإقالة زيلينسكي تتعارض مع مصالح الغرب. أي أنه إذا اختار زيلينسكي مقاومة ترامب، فالأمر ليس ميؤوسا منه، إذ ستخسر واشنطن الكثير إذا تفاقمت الفضيحة. لذلك يصعب التنبؤ بنتائج هذه القصة في هذه المرحلة.
لكنها ليست فضيحة الفساد الوحيدة المستمرة في أوكرانيا. فقد ألقت محكمة مكافحة الفساد الأوكرانية القبض أيضا على الرئيس السابق للغطاء الواقي لمحطة تشيرنوبل للطاقة النووية بتهمة اختلاس 100 مليون غريفنيا كانت مخصصة لبناء منشأة لتخزين النفايات النووية.
إن أوكرانيا دولة فاشلة. غايتها وهدفها الوحيد هو أن تنهب النخبة الأوكرانية ما تبقى من الإرث السوفيتي وتبيع جنودها للغرب في الحرب ضد روسيا. وآمل أن يتم تصفية هذه الدولة الفاشلة قبل أن تتحول جميع محطات الطاقة النووية الأوكرانية إلى تشيرنوبل جديدة.
فضيحة الفساد بأوكرانيا: هل يطيح ترامب بزيلينسكي؟ أم يستعد لإرسال بايدن إلى السجن؟
ثمة فضيحة ضخمة تتكشف في أوكرانيا، ربما تؤدي إلى إقالة الرئيس زيلينسكي.
بدأت القصة في 22 يوليو الماضي، عندما وقّع زيلينسكي قانونا يلغي استقلالية المكتب الوطني لمكافحة الفساد ومكتب المدعي العام المتخصص في مكافحة الفساد. كانت هاتان المنظمتان تموّلان من الولايات المتحدة (ويسيطر عليهما مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي)، وشملت مهامهما الإشراف على إنفاق المساعدات الغربية لنظام زيلينسكي. وقد أيد البرلمان، الذي يسيطر عليه زيلينسكي، مبادرته بأغلبية ساحقة.
اندلعت في أعقاب ذلك مظاهرات احتجاجية بجميع أنحاء البلاد، زُعِم أن من نظمها هو الرئيس السابق بيوتر بوروشينكو بدعم من الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، مارست الولايات المتحدة ضغوطا عبر قنوات غير رسمية، ما دفع البرلمان الأوكراني في نهاية المطاف إلى إلغاء قانون زيلينسكي بأغلبية الأصوات بعد بضعة أيام فقط.
بدوره، ردّ المكتب الوطني لمكافحة الفساد، قبل بضعة أيام، بإعلانه الكشف عن مخطط فساد بقيمة 100 مليون دولار، تورط فيه صديق زيلينسكي وشريكه التجاري تيمور مينديتش، المؤسس المشارك لشركة زيلينسكي للإنتاج السينمائي "كفارتال 95". وفي إطار المخطط، حصل المسؤولون التنفيذيون في شركة "إنيرغو آتوم" المملوكة للدولة، والتي تدير محطات الطاقة النووية في أوكرانيا، على ما بين 10-15% من رسوم العقد. وقد استخدمت مخططات مماثلة في وزارة الدفاع وهيئات أخرى.
ويصدر مكتب مكافحة الفساد تدريجيا تسجيلات لمحادثات بين أفراد متورطين في الفضيحة، يناقشون فيها أمورا تجارية وغيرها. وقد سجلت بعض هذه التسجيلات في المبنى الذي كان يسكنه مينديتش، والذي يملك فيه زيلينسكي أيضا شقة. وقد زار زيلينسكي شقة مينديتش عدة مرات، وربما نسمع لاحقا تسجيلات لمحادثات زيلينسكي نفسه حول هذه القضية.
في الوقت نفسه، يبدو أن تيمور مينديتش نفسه قد تلقى تحذيرا وتمكن من مغادرة البلاد.
حتى الآن، لم تصل الفضيحة إلى ذروتها بعد، ولا يوجد وضوح كامل بشأن الأطراف المعنية وأهداف هذا الإجراء.
وبما أن المكتب الوطني لمكافحة الفساد يخضع لسيطرة الولايات المتحدة، فمن المنطقي افتراض أن إدارة ترامب هي التي بادرت بكشف هذه الفضيحة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكشف عن سرقة أموال طائلة خصصتها الولايات المتحدة لترميم البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا تأتي في ظل انقطاع التيار الكهربائي بعدد من المدن الأوكرانية، ما يوحي بأن توقيت الفضيحة قد اختير بعناية لهذا الغرض بالتحديد، لإحداث أقصى تأثير نفسي على المواطنين.
لقد أصبح زيلينسكي مزعجا للجميع في الغرب بتسوله الوقح. وكما نتذكر، فقد صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مؤخرا بأن الجانب الأمريكي، خلال اجتماع بوتين وترامب بألاسكا، تعهد بالضغط على زيلينسكي لقبول صيغة التسوية التي اتفق عليها الزعيمان الروسي والأمريكي. ومن المنطقي افتراض أن ترامب يستغل هذه الفضيحة لإجبار زيلينسكي على الخضوع.
لكن الوضع أقل وضوحا من ذلك بكثير، لأنه يتضمن الكثير من الأمور غير المنطقية وغير القابلة للتنبؤ، ما يثير تساؤلات حول إمكانية إدارة العملية وقبول النتيجة المحتملة بالنسبة لواشنطن.
أولا، لا تنبع وقاحة زيلينسكي فقط من خصلة "الخوسباه" العبرية (وهي الوقاحة أو الصفاقة أو الجرأة التي تعتبر فضيلة لا رذيلة في الثقافة اليهودية) التي يتسم بها، وإنما أيضا من حالة اليأس التي يعيشها زيلينسكي نفسه وأوكرانيا ككل. ولأسباب داخلية، لا يستطيع زيلينسكي التوفيق بين تقديم تنازلات لروسيا والحفاظ على قبضته على السلطة. سيفترسه خصومه السياسيون ويُقتل على يد النازيين الأوكرانيين. سيقاوم زيلينسكي حتى الموت، وليس هناك ما يضمن أن تجبره الفضيحة على التنحي.
علاوة على ذلك، من المستحيل في ظل الوضع الراهن إيجاد بديل شرعي لزيلينسكي. سيكون أي خليفة غير شرعي، حيث يستحيل إجراء انتخابات قانونية. وبدلا من تغيير الرئيس، قد تواجه واشنطن زعزعة استقرار داخلي في أوكرانيا. إضافة إلى أنه من غير المرجح أن تحظى الشخصية الجديدة بقبول موسكو، إذ ستجبَر على الالتزام بالإجماع الغربي، ما يعني أنها أيضا ستحاول تجميد الحرب دون تلبية المطالب الروسية.
والأهم من ذلك كله هو أن الفضيحة تتكشف على خلفية انهيار الجبهة الأوكرانية في الجنوب والشرق، والوضع الكارثي بالنسبة لأوكرانيا، والفوضى المحيطة بالرئاسة، وقد يكون لسرقة مئات الملايين من الدولارات وسط انقطاع التيار الكهربائي أثر كارثي على الجيش الأوكراني، الذي يشهد بالفعل من دون ذلك، وفقا لتقديرات مختلفة، فرار ما بين 20-40 ألف جندي شهريا.
بمعنى أنه إذا كانت الفضيحة قد بدأت فقط من أجل الضغط فهو أمر غريب، لأن النتيجة قد تتجاوز عدة مرات الحدود التي ترغب بها واشنطن، وقد يصل الأمر إلى انهيار الجيش الأوكراني وخسارة الحرب.
أضف إلى ذلك الأثر النفسي الكارثي للفضيحة على المجتمع الأوكراني. فبينما كان الذعر قد بدأ للتو في الظهور في خطابات الخبراء الأوكرانيين قبل عام، يبدأ معظمهم الآن حواراتهم ومقابلاتهم بكلمة "الكارثة"، ويضطر كثيرون منهم إلى الاعتراف بفشل أوكرانيا كدولة.
إن شبح نهاية أوكرانيا يلوح في الأفق حقا، وهذه الفضيحة تقرّب هذا الاحتمال بوضوح بدلا من إبعاده. لذا، إذا لم يكن ترامب ليستسلم لموسكو في أوكرانيا، فإن إثارة هذه الفضيحة تبدو غريبة.
وفي ظل هذه الخلفية، من المنطق افتراض أنه إذا كان ترامب مستعدا لتحمل هذه التكاليف الباهظة، فلا بد أن يكون هدفه أكبر بكثير من أوكرانيا. لا يسعني التفكير في أي شيء سوى محاولة ربط سرقة زيلينسكي للأموال الأمريكية بإدارة بايدن. نرى تراجعا في شعبية ترامب، وفوز الاشتراكي ممداني في نيويورك، وهزيمة ترامب المتوقعة في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس العام المقبل من المرجح أن تمنعه من أي فرصة لتنفيذ أجندته. لذا فهو بحاجة ماسة الآن، والآن فقط وإلا فلا إلى الأبد، من اتخاذ إجراءات حاسمة لسحق الديمقراطيين.
بالطبع، لم يثبت ترامب بعد أنه رجل حاسم. يتحدث كثيرا وينجز قليلا، وكثيرا ما يتراجع. ولكن في أي عملية، دائما ما توجد القشة الأخيرة التي تقصم ظهر البعير، وترفع التحديات والرهانات إلى مستوى جديد تماما. لربما قرر ترامب أخيرا أن يكون جادا. وإلا، يصعب عليّ تفسير ما يحدث في أوكرانيا.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

