افراسيانت - د. عادل محمد عايش الأسطل - حق العودة الفلسطيني، كان ولايزال أحد أبرز القضايا الرئيسة، التي تتوقف عندها المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، كونه يمثل جوهر الصراع العربي - الإسرائيلي، ويمثّل لدينا كفلسطينيين، المبدأ الأعمق الذي لا يمكن بأي حال نسيانه أو التهاون بشأنه، على اعتبار أن فكرة وطن بلا شعب، هي مشابهة تماماً لفكرة شعب بلا وطن.
كان أقر الرئيس الأمريكي "باراك أوباما"، بأن الطريق إلى إنهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين يبدو شاقاً، ويأتي هذا الإقرار، على خلفية التعنت الإسرائيلي باتجاه العملية السلمية ككل، وعلى رأسها الممارسات الإسرائيلية ضد مطلب حق العودة، باعتباره مرفوض مُوجزاً وتفصيلاً، حتى لدى اليسار ودعاة السلام في إسرائيل.
في كل مناسبة كانت تبرز المواقف الإسرائيلية المتشددة (أحزاباً وحركات/ متديّنة وعلمانية) باتجاه حق العودة، باعتبارها صك الدخول إلى الساحة السياسية الإسرائيلية، ومفتاح الارتقاء نحو حيازة مناصب في الدولة، فلكل جهةٍ منها خطّة بالنسبة لحل القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع بشكلٍ عام.
فاليمين الإسرائيلي لديه خطّة، وللمعسكر الصهيوني خطّة، ولدى يسرائيل بيتنا خطّة، كما لدى البيت اليهودي خطّة، ولدى حزب يش عتيد خطّة، ومن جهتها فإن حركة ميريتس- قائدة معسكر السلام- لديها خطة أيضاً، وحتى تلك الأصوات الإسرائيلية الخجولة التي تدعو إلى الاعتراف بالنكبة الفلسطينية، لا تعترف بهذا الحق، ولا يوجد لديها - جميعها- أيّة خطّة أو نوايا إيجابية واضحة، سوى لغة واحدة وهي التوطين، أي توطين اللاجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم من ديارهم قصراً، داخل البلاد التي يتواجدون فيها، وسواء أولئك الذين يتواجدون داخل الدول العربية أو غيرها من الدول، والتي هي على استعداد لاستقبالهم، وتجمع في ذات الوقت على أن يتبنّى المجتمع الدولي هذا الاتجاه.
ولم تتوقف الأطياف الإسرائيلية الفائتة عند هذا الحد، بل كانت تعلن صراحة، كـ (تهديد) بأنه لا حاجة للفلسطينيين للمطالبة بحق العودة، إذا ما أرادوا إنهاء الصراع والحصول على دولة، وخاصة في الوقت الذي عاد فيه اليهود إلى وطنهم، وفي ضوء تهديد أمنهم ومصيرهم.
وكانت "تسيبي ليفني" زعيمة النضال ضد اليمين الإسرائيلي المتطرّف، قد رفضت خلال لائحة حملتها الانتخابية، فكرة استيعاب إسرائيل حتى عدد رمزي من اللاجئين الفلسطينيين، اعتماداً على مواقف تابعة لجهات داخلية وغربيّة، بات يزعجها التحدّث في هذ الحق، وذلك لدروجها على أن تذكره بأنه غير مبرر، وبأن هناك بدائل يمكن التحدث حولها.
وخاصة في ضوء تدحرج هذا المطلب، من مطلب كـ (مبدأ) واضح لا لبس فيه، وبالاستناد إلى القرار 194، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948، والذي ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم، إلى مطلب يحتوي على وجوب حلٍ عادلٍ لقضية اللاجئين الفلسطينيين، باعتبارها قضية إنسانية وحسب.
وعلى أي حال، وبالنظر إلى ثبات الفلسطينيين عموماً، وإصرارهم على امتلاك هذا الحق، إلاّ أن هذا الثبات، لا يستند إلى ذات الأداة الموصلة إليه، وفي ضوء تواجد تياران – كبيران-يحملان أفكاراً متناقضة، وبغض النظر عمّا يلهج به لسان أصحاب الحق المباشر من اللاجئين الفلسطينيين، وهما المتمثلان في حركتي فتح وحماس باعتبارهما تتصدران المشهد الفلسطيني بكل تفاصيله.
حيث اعتبرت فتح، حق العودة، كالحق في الحياة (مقدس)، وبأنه لا يمكن لأيّة قوة في العالم مهما بلغت استكباراً وظلماً سلبه من الشعب الفلسطيني، أو إخضاعه أو تطويعه لسياستها، باعتبار أن الوقوف عند لغة ضرورة إيجاد حلٍ عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، لا يتنافى ولا ينقص من حق العودة كحق (عملي) باتجاه عودتهم إلى ديارهم، والعدالة مقتصرةً في من لديه القبول من اللاجئين بالتعويض فقط، وإن كانت وسيلتها إلى ذلك من خلال العمل السياسي وما يقع تحته مع الإسرائيليين.
ومن جانبها، فإن حركة حماس، شدّدت على هذا الحق، باعتباره حقاً (مقدّساً) أيضاً، ولكن بوسيلة أخرى، وهي وسيلة المقاومة المسلّحة، والتي كفلتها كافة الشرائع والقوانين الدوليّة، مؤكّدةً على إنكارها للعمل السياسي الذي تنتهجه السلطة الفلسطينية، بسبب أنه لن يُساهم مطلقاً في تحقيق هذا الحق، وإن بقيت تعتمد ذلك النهج، العمر كلّه.
خانيونس/فلسطين