اسطنبول - افراسيانت - أثار قرار مجموعة "أم بي سي" الاعلامية السعودية وقف بث المسلسلات التركية موجة غضب واستنكار في تركيا، في مؤشر للتوتر المتزايد بين انقرة والرياض.
وتسبب قرار المجموعة السعودية وقف بث المسلسلات التركية التلفزيونية على جميع قنواتها بالازمة الاخيرة، لا سيما وان هذه المسلسلات تعد بمثابة القوة الناعمة لانقرة في العالم العربي.
وأعرب وزير الثقافة التركي نعمان كورتومولوش عن استيائه لقرار وقف عرض المسلسلات معتبرا انه "لا يمكن لسياسيين اثنين أو ثلاثة يجلسون على طاولة اتخاذ قرار في شان أي برامج سيشاهدها للناس. ان هذا العصر ولّى منذ زمن".
وقالت وسائل الاعلام التركية ان قرار مجموعة "أم بي سي" يشمل ستة مسلسلات تلفزيونية.
في المقابل اعلن المتحدث باسم المجموعة مازن حايك لوكالة فرانس برس "سنحاول استبدال المسلسلات التركية بانتاجات عربية بجودة عالية تجسد قيم المنطقة وتقاليدها".
وهو تبرير رفضه المعلقون الاتراك الذين يعتبرون ان السلطات السعودية هي وراء اتخاذ "أم بي سي" هذا القرار في توقيت يشهد توترا بين تركيا من جهة والسعودية وحلفائها ولا سيما الامارات ومصر.
والاربعاء اوردت صحيفة صباح التركية الموالية للحكومة انه "حدث هام جدا تتخطى اهميته قطاع المسلسلات التلفزيونية، لان هذه الاخيرة (...) تشكل القوة الناعمة الاكثر فاعلية التي تمتلكها تركيا".
وتحقق هذه المسلسلات التركية التي تتراوح بين التاريخية وقصص الحب الى الانتاجات الضخمة التي تمجد التاريخ العثماني، نجاحا ضخما في الخليج والشرق الاوسط وشمال افريقيا، وينتظرها المشاهدون بشغف.
وقال كورتولموش "منذ بضع سنوات، يحرز قطاع مسلسلاتنا التلفزيونية تقدما سريعا. ففي جميع أنحاء العالم، ينتظر الناس بفارغ الصبر المسلسلات التركية".
وأكد كورتومولوش أن عددا كبيرا من نظرائه في الخارج تحدثوا عن هذه المسلسلات. وقال "هناك فعلا اهتمام كبير بها. هذا يظهر /القوة الناعمة/ لتركيا".
ورأت صحيفة "صباح" ان الحقائق واضحة: قرار "أم بي سي" يبين ان "تأثير تركيا في الشرق الاوسط واهتمام العرب ببلادنا يزعج البعض (...) على الحكومة التركية ان تتدخل!"
والاربعاء قال رئيس غرفة تجارة اسطنبول والمسؤول عن ترويج المسلسلات التركية للخارج اوزتورك اوران انه "لا يمكن لاحد ان يوقف المسلسلات التركية طالما انها تتمتع بالنوعية".
في المقابل قال الممثل التركي انجين التان الذي يؤدي دور الشخصية الرئيسية في "قيامة أرطغرل"، وهو مسلسل يحقق نجاحا كبيرا يتناول حقبة ولادة الامبراطورية العثمانية في مقابلة مع قناة الجزيرة ان قرار "أم بي سي" "ستكون له تداعيات على قطاع صناعة المسلسلات التركية".
لكن التان قال ان القرار "لن يمنع من يريدون مشاهدة هذه المسلسلات من مشاهدتها، في اشارة الى شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي أول آذار/مارس، توقفت قنوات "ام بي سي" عن عرض المسلسلات التركية، وسط أجواء متشنجة في العلاقات بين تركيا وبلدان الخليج.
وتبدي السعودية وحلفاؤها خصوصا الإمارات العربية المتحدة، حذرا متزايدا إزاء تركيا وتأخذ عليها دعمها لمجموعات إسلامية مثل الإخوان المسلمين الذين يُنظر إليهم على أنهم مصدر تهديد للأمن الإقليمي. ولم تخف تركيا دعمها لقطر في الخلاف مع جيرانها في مجلس التعاون الخليجي.
فقد قطعت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر في حزيران/يونيو 2017 علاقاتها مع قطر، متهمة اياها بدعم تيارات "إرهابية" والتحالف مع ايران، الخصم الإقليمي الرئيسي للرياض.
ومجموعة "ام بي سي" يملكها رجل الأعمال السعودي وليد الإبراهيم الذي أوقف أخيرا لثلاثة أشهر في إطار حملة واسعة لمكافحة الفساد استهدفت عددا من كبار رجال الأعمال السعوديين.
وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن السلطات أمرت الإبراهيم بالتنازل عن امتلاكه أكثرية أسهم "ام بي سي" في مقابل إطلاق سراحه، وهو ما لم تؤكده السلطات السعودية.
وفي حين لم يتوان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عن توجيه الانتقادات للمسؤولين الاماراتيين، الا انه امتنع حتى هذه اللحظة عن انتقاد المسؤولين السعوديين. على عكس ما تفعل بعض الصحف الموالية للسلطات التركية.
ففي رسالة مفتوحة الى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كتب الاربعاء سافاك ابراهيم كاراغول مدير عام صحيفة يني التركية "عزيزي الامير (...) استهداف تركيا لن ينفعك بشيء، ستخسرون الكثير".