الناصرة - افراسيانت - تحاول سلطات الاحتلال وأذرعها الاستيطانية منذ عدة سنوات الانقضاض على البلدة القديمة في مدينة الناصرة ، لتهويد ما تبقى من الأماكن الأثرية العربية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948، بطرق ملتوية وأخرى مشبوهة.
الهدف هذه المرة السوق الشعبي في البلدة القديمة من المدينة، وهو المكان الذي يحمل في أزقته الطابع العربي الخالص، والذي ينفي كل المزاعم الإسرائيلية بوجود أثار يهودية في المكان، فيعمد الاحتلال إلى محاولة السيطرة عليه عن طريق شراء منازل المنطقة عن طريق مستثمرين أجانب وإسرائيليين من خلال سماسرة عرب من سكان المدينة.
الناشطة الشبابية والصحافية منى أبوشحادة أكدت على أن محاولات الاحتلال الإسرائيلي السيطرة على المدينة ذات الطابع العربي الخالص بدأت منذ عدة سنوات بشكل أقل وبطريقة أكثر ذكاء، من خلال عدة أساليب كانت ولا زالت تتبعها للحصول على أكبر قدر ممكن من الأماكن الأثرية في المدينة وخصوصا منطقة البلدة القديمة.
وأوضحت أبوشحادة , أن أذرع الاحتلال استخدمت في السابق أسلوب النوايا الحسنة من خلال إشاعة أن نواياهم تستهدف إعادة إحياء درب الحجاج المسيحيين الذين كانوا يقدمون للمدينة من شتى بقاع العالم، من خلال إعادة ترميم هذه الأماكن وتزويدها بالخدمات اللازمة، وتحويلها إلى بيوت ضيافة لاستقبال السياح القادمين للمدينة.
وأضافت: لاحقا ومنذ خمس سنوات تقريبا، أصبح هناك مستثمرون أكثر من السابق، والذين أخذوا يشترون أعدادا كبيرة من البيوت المهجورة في المكان، وأصبحوا يعرضون المبالغ المغرية على أصحاب هذه المنازل خصوصا وأن معظمهم يقيم خارج البلاد، وأن معظم تلك البيوت قديمة وغير قابلة للسكن ويتطلب ترميمها مبالغ طائلة، كل هذا بمساعدة سماسرة عرب من المدينة.
وأكدت أبوشحادة أن الأساليب الإسرائيلية تتعدد في سبيل إقناع المالك العربي ابن الناصرة للبيع، إحدى هذه الطرق، إيهام صاحب البيت بأن المشتري عربي ويرغب في ترميم البيت لاستغلاله لمشاريع ثقافية وغيرها، وفي حالات معينة يتم إغراء صاحب المنزل الذي يعيش في الخارج أو في مكان آخر في المدينة بالمال مقابل التنازل عن ملكية المنزل بذرائع تطوير المنازل وترميمها لتكون معلما سياحيا يقصده السياح من الخارج، ليتبين فيما بعد أن الشاري هو مستثمر يهودي أو أجنبي.
وأكدت أبوشحادة على أن جزءا كبيرا من المسؤولية تقع على عاتق القوى الوطنية في مدينة الناصرة التي لا تفعل أي شيء إزاء توعية أهالي البلدة القديمة بمحاولات الاحتلال الإسرائيلي، وأن المقصد الحقيقي من وراء هذه الصفقات هو تهويد المنطقة وتحويلها إلى منطقة يهودية كما جرى سابقا في مدينة عكا، التي أصبحت ذات طابع يهودي بعد هجرة أهالي البلدة القديمة منها نتيجة عمليات البيع والتهويد.
وأشارت إلى أن غالبية سكان البلدة القديمة من المدينة، هم أشخاص عاديون لا يملكون قدرا كافيا من الوعي تجاه هذه الصفقات التي في ظاهرها تطوير البلدة القديمة والسوق القديم وفي باطنها تهويد البلدة وطرد سكانها الأصليين منها.
وعن خطورة الموضوع، قالت أبوشحادة: على أهالي الناصرة أن يتعظوا مما جرى بأهالي البلدة القديمة في عكا، التي بدأت فيها المشاريع التهويدية بنفس الأسلوب المتبع الآن في مدينة الناصرة، وما جرى من تهجير طوعي لأهالي البلدة القديمة التي كان يسكنها أكثر من 8 آلاف فلسطيني، وأصبح عددهم اليوم لا يتجاوز 1800 فلسطيني.
وأكدت على أن حياة الجحيم التي يحياها أهالي البلدة القديمة في عكا بالتأكيد لا يرغب أهالي الناصرة في معايشتها، ولكن إذا ما تم وقف هذه المحاولات الإسرائيلية فإن الحال سيكون بنفس حال سكان عكا القديمة الآن.
وأشارت أبوشحادة إلى محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي تزوير الرواية التاريخية للمدينة العريقة والتي يتم عرضها على المجموعات الشبابية السياحية القادمة من مختلف دول العالم، من خلال الادعاء بيهودية بعض مناطقها الأثرية، وهذا المسعى الإسرائيلي يعتبر من أخطر ما يمكن أن يستهدف الأماكن الأثرية في فلسطين المحتلة التي لا يملك اليهود أي شبر فيها.
وشددت أبوشحادة على أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق من يعتبرون أنفسهم الطبقة الواعية من أبناء الأحزاب والقوى السياسية في المدينة، الذين يتحملون مسؤولية توعية سكان البلدة القديمة بخطورة البيع والتنازل عن ملكيتهم للعقارات في منطقة السوق القديم، مع العمل على توفير الخدمات اللازمة وتقديم كل مقومات الحياة اللازمة لتثبيت المالك العربي الفلسطيني في منزله وأرضه.