افراسيانت - تشتهر محافظة الخليل بزراعة أصناف متعددة من العنب الذي كتبت فيه قصائد وأشعار تغنت بالشهد الذي فيه حيث يواصل السكان تحويله إلى العديد من المنتجات بذات الطرق التقليدية منذ المئات من السنين.
يبدأ سكان محافظة الخليل المدينة الأكبر في الضفة الغربية بجني محصول العنب المزروع في سهول وهضاب المدينة وساحات منازلها في ساعات مبكرة من الصباح، فمنهم من يبيعه في السوق ليؤكل طازجا وآخرون يعملون على إنتاج الدبس والزبيب والملبن منه.
وشهدت طرق إنتاج الدبس، الذي يقول منتجوه إنه ذو قيمة غذائية كبيرة، تطورا محدودا على مر السنين وخصوصا في مجال عصر العنب وهي المرحلة الثانية لإنتاجه بعد قطفه وغسله.
وقال عامر النتشة (63 عاما) الذي يواصل العمل في إنتاج الدبس منذ كان يبلغ من العمر 18 عاما عندما كان يعمل مع والده “شجرة العنب شجرة أصلية في حوض المتوسط. توجد العديد من المنتجات التي نصنعها من العنب. هذه الشجرة مباركة يعود تاريخها منذ سيدنا إبراهيم عليه السلام”.
وأضاف فيما كان يعمل مع أبنائه في ساحة صغيرة بالكاد تتسع لبعض المعدات المستخدمة في عصر وطهي العنب “الأقوام السابقة كانت تستخدم العنب في صناعة النبيذ وعندما جاء الإسلام وحرم الخمور أصبح يصنع منه الدبس والزبيب والملبن”.
وتشير آخر الإحصائيات الفلسطينية الرسمية إلى أن مساحة الأراضي المزروعة بكروم العنب تقدر بأكثر من 80 ألف دونم منها حوالي 45 ألفا في محافظة الخليل.
وبحسب الإحصاء الزراعي لجهاز الإحصاء الفلسطيني المركزي في نهاية عام 2010 هناك ما يقارب المليون ونصف المليون شجرة عنب في كافة الأراضي الفلسطينية منها حوالي 1.2 مليون في الضفة الغربية والباقي في قطاع غزة.
وتقدر كمية الإنتاج السنوية من محصول العنب بحوالي 80 ألف طن سنويا.
وأوضح النتشة أن التطور البسيط الذي حصل على إنتاج الدبس يكمن في طريقة عصره، فبعد أن كانت العملية تتم يدويا من خلال وضع كميات العنب في مكان في الصخر يسمى المدعس أصبح اليوم يتم عصره في معدات بسيطة من إنتاج محلي.
وقال إنه بعد عصر العنب يتم وضعه في أوعية كبيرة (قدور) لتسخينه على نار الحطب إلى مرحلة ما قبل الغليان ثم توضع عليه مادة الكلس الحجري المأخوذة من الصخر والتي تعمل على تنقية الشوائب منه ورسوبها أسفل الوعاء وتسمى هذه العملية “الترويقة".
وأضاف أنه بعد أخذ العصير الصافي من العنب يتم وضعه في وعاء آخر وتبدأ عملية غليه التي تستمر لساعات حتى يصبح كثيفا ثم ينقل إلى أوعية أخرى كي يبرد ويوضع في عبوات صغيرة.
ويفتخر النتشة الذي يعمل في إنتاج الدبس منذ 45 عاما بأنه لا يستخدم أي مواد إضافية في عملية الإنتاج. وقال “إضافة أي مواد خلال عملية الإنتاج هذه يعني غش الدبس الذي لا يحتاج إلى أي مواد إضافية مثل السكر أو غيره”. وما زال النتشة يستخدم الحطب في طهي عصير العنب وقال إن استخدام الحطب يوفر الوقت.
وذكر النتشة أن إنتاج كيلوغرام من الدبس يحتاج إلى خمسة كيلوغرامات من العنب.
ويتذكر النتشة صناعة الدبس في الخليل سابقا حيث كانت العديد من العائلات تقوم بهذه العملية في منازلها. أما هذه الأيام فالكثير من هذه العائلات ترسل إليه العنب ليصنع لها الدبس. ويرى النتشة أن السوق المحلي كاف لاستهلاك منتجات العنب.
ويقيم سكان الخليل سنويا مهرجانا للعنب يتنافس فيه المزارعون في عرض أجود ما لديهم من أصناف العنب بطرق فنية تظهر جماله من حيث الشكل والحجم.