بيت لحم - افراسيانت - اضاء رئيس الوزراء، الدكتور رامي الحمد الله، ورئيسة بلدية بيت لحم، فيرا بابون، شجرة الميلاد المنصوبة وسط ساحة المهد في بيت لحم على بعد عدة أمتار من مدخل كنيسة المهد التي شهدت قبل نحو اربعة عشر عاما بعد الألفين ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وذلك خلال احتفال نظم مساء اليوم السبت بحضور عدد من رجال الدين وحشود كبيرة من المواطنين والسياح الاجانب وممثلي الفعاليات الرسمية والاهلية وفي مقدمتهم وزيرة السياحة والاثار، رولا معايعة، ومحافظ بيت لحم، اللواء جبرين البكري، والمهندس زياد البندك، مستشار الرئيس للشؤون المسيحية، ورؤساء مختلف الطوائف المسيحية.
وتم إضاءة الشجرة وهي الاضخم في تاريخ بيت لحم، حيث يبلغ طولها 25 مترا وبعرض سبعة امتار، وذلك وسط تصفيق الحضور وصيحاتهم ومن ثم اضيئت الانوار في ساحة المهد والشوارع المحيطة بها.
وقال رئيس الوزراء في كلمته : "تغمرني سعادة فائقة وانا اشارك في اضاءة شجرة الميلاد في هذه المدينة المباركة التي تزدان بنور عيد الميلاد وتبتهج كل ازقتها وشوارعها لتنبض كل قرية ومدينة ومخيم في كافة انحاء فلسطين، وادعو من الله ان يعيد هذه المناسبة على شعبنا بالخير والبركة وان يسود الامن والمحبة والسلام".
واضاف "وأضاف الحمد الله: "إن رسالة الرحمة التي نطلقها اليوم من على أرض فلسطين وهي تحتضن أعياد الميلاد، هي رسالة لدول العالم والمجتمع الدولي برمته، بأنه آن الأوان لشعبنا أن ينال حريته واستقلاله، وإن على إسرائيل وقف انتهاكاتها بحق شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، فحرية شعبنا وأسرانا قادمة حتما، والدولة ستتجسد قريبا، والاحتلال والجدار والاستيطان إلى زوال، فلا يمكن لأي جبروت أو طغيان أو احتلال مهما طال أمده أن يغير التاريخ أو يطمس الحقيقة أو يدفن هوية شعبنا وحضارته الممتدة عبر الأزمان".
وأوضح: "الاحتلال الإسرائيلي يحرم أطفالنا من التمتع بطفولة سليمة، ويزج بهم في سجونه، حيث يقبع حوالي 350 طفلا وقاصرا، أصغرهم الأسير الطفل شادي فراح، وتئن غزة تحت حصار إسرائيلي خانق، يصادر مقومات الحياة منها، ويترك أهلنا فيها فريسة للمرض والفقر والتلوث، وتواجه مدينة القدس المحتلة مخططات الاقتلاع والتهجير، وتتصدى لمحاولات فصلها وتغيير واقعها الجغرافي، يأتي هذا في وقت تتفاقم فيه معاناة حوالي 7 آلاف أسير في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما الأسرى المضربين عن الطعام، أحمد أبو فارة وأنس شديد، وعمار حمور وكفاح حطاب، احتجاجا على سياسة الاعتقال الإداري وغيرها من الممارسات العنصرية اللاإنسانية التي يتعرضون لها".
وتابع: "إن إسرائيل بهذا كله، إنما تضيع المزيد من فرص السلام وتقوض جهود إحياء العملية السياسية، ورغم ذلك، لا يزال شعب فلسطين، بمسلميه ومسيحيه، تواقا للسلام، طالبا الحرية والرحمة والعدالة الإنسانية، متمسكا بإرثه الحضاري في العيش المشترك والتآخي والمحبة".
وأردف الحمد الله: "نيابة عن الرئيس محمود عباس وباسمي، أهنئ أبناء شعبنا من الطوائف المسيحية بمناسبة قرب حلول أعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة الميلادية، وأدعو الله أن يعيدها على شعبنا بالخير والبركة، وأن تسود فيه المزيد من قيم المحبة والسلام والتعايش التي نادى بها السيد المسيح وجسدها في كل مراحل حياته، واسمحوا لي أن أرحب بضيوف فلسطين الذين يحجون إليها من مختلف الدول والعواصم، تأكيدا على تضامنهم ليس فقط مع هذه المدينة ومكانتها الراسخة في التاريخ، بل ومع شعبنا وحضارته الأصيلة التي تحتضنها بيت لحم والقدس وغزة وسائر المدن والبلدات الفلسطينية".
واستطرد رئيس الوزراء: "إن الوفاء لتاريخ فلسطين ولإرثها الغني، ذلك الذي حمله رسول المحبة سيدنا عيسى عليه السلام وكرسناه وجسدناه على مر القرون، إنما يتطلب منا جميعا الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية والالتفاف حول جهود القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس والحكومة، لترسيخ الأمن والأمان، ونبذ العنف والتمييز والكراهية، وتكريس قيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، لتكون بلادنا كما نريدها جميعا، وطنا وملاذا للجميع بلا استثناء، موطنا للانفتاح على ثقافات العالم، ورمزا لتعايش البشر والحضارات والاختلافات".
واختتم كلمته بالقول: "أشكر كل الجهود التي تشاركت وتفاعلت لتنظيم هذه الاحتفالات على هذا النحو من المهنية والإبداع والترتيب، وعلى رأسها بلدية بيت لحم والمحافظة والمؤسسة الأمنية، وأجدد التهنئة لأهالي بيت لحم، وكافة المسيحيين، وكل أبناء شعبنا في كل مكان، وكلي أمل أن نحتفل العام القادم بين أسوار القدس العاصمة الأبدية لدولتنا".
وكان رئيس الوزراء اجتمع قبيل بدء فعاليات حفل إنارة شجرة الميلاد ببيت لحم، بمحافظ بيت لحم ومدراء المؤسسة الأمنية في المحافظة، حيث اطلع على آخر التطورات الأمنية، والاستعدادات لتأمين احتفالات أعياد الميلاد المجيدة.
وقالت بابون في كلمتها "إننا نحتفل هذا المساء وفي هذه الساحة بتقليد تناقلته الأجيال وله معان ودلالات عدة "، مشيرة إلى أن تقليد إضاءة الشجرة هذا يذكرنا بالنور الذي سطع في العالم عند مولد مصدر العطاء ومنبع الرجاء يسوع المسيح له المجد ففي تلك الليلة الهادئة والفريدة ولد يسوع المسيح في مغارة فقيرة بمدينة بيت لحم لتكتمل النبوءة".
واضافت "ان اضاءة الشجرة تمثل انطلاقة لتجدد الإيمان وإعادة السلام والمحبة بين الناس وتحقيق الوحدة خاصة بين أبناء الشعب الفلسطيني الذي هو بأمس الحاجة إلى هذه الوحدة، وإضاءة الشجرة أيضا تمثل رمزا لتصميم الشعب الفلسطيني على الاحتفال بعيد الميلاد رغم الحصار وجدار الفصل العنصري وهذا تجسيد لإرادة الشعب الفلسطيني لنيل حريته واستقلاله".
وتابعت: "من هذا المكان المقدس نوجه سلامنا الى اسرانا وذويهم والى امهات وزوجات وابناء الشهداء ونقول لهم جميعا ان الفجر ات لا محالة، مشيرة ان شجرة الميلاد زينت هذا العام باللون الذهبي في رمزية تدل على رسالة بيت لحم وفلسطين عموما، وهي رسالة خطت بحروف من ذهب ولا يمكن لها ان تصدأ، وان عدالة القضية الفلسطينية محفورة بحروف من الذهب وهي ايضا لن تصدأ ابدا".
كما القى مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك انطاكيا الماروني كلمة عبر الاقمار الاصطناعية من العاصمة اللبنانية بيروت جاء فيها : "انه قد نشأت فوق بيت لحم نجمة الميلاد والسلام وهذه النجمة لم ولن تنطفىء ولا بد لهذا الشعب الفلسطيني الذي يعاني منذ العام 1948 ان يحصل على حقوقه ويعيش بالحرية والسلام والاستقرار ودعوني اقول ان اضاءة الشجرة في بيت لحم هذا المساء هو دعوة الى العدالة ورفع الظلم، ولا يتم ذلك الا بولادة دولة فلسطينية بعاصمتها القدس".
وتخلل الاحتفال الذي ادار عرافته كلا من كارمن وفادي غطاس العديد من الفقرات من بينها عزف مجموعات كشافة بيت لحم للنشيد الوطني الفلسطيني ، وترنيمة "نور العالم" للمرنمة لونا امين، وترانيم ميلادية من تقديم جوقة اوركسترا اوسلو، وكورال لراهبات ايكليسيا من مالطا، كما قدم الفنان شفيق السعدي تنريمة اخرى بعنوان "جاي يسوع الليلة".