افراسيانت - لم تُذكر إسرائيل أبدا في قوائم الدول الأكثر خطرا بالنسبة للصحفيين. وتعلن حكومتها دائما التزامها بضمان حرية الصحافة. لكن الحرية هذه ليست للجميع.
وأظهر ذلك بوضوح الاعتداء الأخير على فريق RT في القدس، أثناء تغطيته لمسيرة المستوطنين حول "توحيد القدس" الأحد 17 مايو/أيار.
وقالت مراسلتنا في القدس إن أفراد الشرطة اعتدوا على جميع الطاقم وقاموا بكسر كاميرا تصوير ومن ثم سمحوا لفريق القناة بالتصوير من نقطة لا تمكنهم من تغطية المسيرة.
وأضافت مراسلتنا أن قوات الشرطة الإسرائيلية قامت بمنع فريق عمل القناة من التصوير ونقل حقيقة ما يحدث، ونقل صور عن مسيرة المستوطنين الإسرائيليين.
وأوضحت أن القوات الإسرائيلية قامت قبيل بدء المسيرة بإخلاء المنطقة من الفلسطينيين والعرب، وكذلك قام أفراد القوات الأمنية الإسرائيلية بدفع الصحفيين والمصورين وتكسير معداتهم منعا لهم من نقل الصورة.
RT تقدم شكوى للشرطة الإسرائيلية بعد الاعتداء على موظفيها في القدس
قدمت RT الاثنين 18 مايو/ أيار شكوى للشرطة الإسرائيلية، مطالبة بشرح أسباب معاملة عناصرها العنيفة لموظفي القناة أثناء تغطيتهم مظاهرات في مدينة القدس.
وطالبت RT بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بمعدات فريق القناة. وفي الرسالة الرسمية التي قدمتها القناة للمفتش العام للشرطة الإسرائيلية يوحنان دانينو، شددت RT على ضرورة تفسير هجوم قوات الأمن في القدس على موظفي القناة، وهما المراسلة داليا النمري والمصور محمد عشو.
نقابة الصحفيين الفلسطينيين تندد بالاعتداءات الإسرائيلية على طاقم RT والصحفيين بشكل عام
قالت نقابة الصحفيين إنها تابعت بقلق بالغ سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية على الصحفيين خلال الأيام الثلاثة الماضية والتي طالت أكثر من 25 صحفيا في مختلف الأراضي الفلسطينية، "وكان آخرها الاعتداء الهمجي من قبل شرطة الاحتلال وقطعان مستوطنيه في القدس المحتلة والتي طالت مساء الأحد أكثر من 16 صحفيا وصحفية ومنعهم طاقم التلفزيون الروسي RT من التصوير والتغطية.
وأشارت النقابة إلى أن "هذه الاعتداءات التي جاءت خلال ما سمي ( مسيرة الإعلام ) التي قام خلالها المستوطنون وبحماية شرطة الاحتلال وبغطاء سياسي من حكومة نتنياهو المتطرفة بتدنيس شوارع وحواري القدس المحتلة واستفزاز أهلها وتهويد معالمها، تؤكد على الطبيعة الإجرامية للاحتلال، واستهدافه المتعمد للصحفيين لثنيهم عن فضح ممارساته العنصرية".
ودعت النقابة الاتحاد الدولي للصحفيين، والاتحاد العام للصحفيين العرب وكافة منظمات ومؤسسات حماية الصحفيين إلى "إعلاء صوتهم رفضا لهذه الجرائم، واتخاذ الخطوات الكفيلة بردع الاحتلال عن مواصلة هذه الاعتداءات".
حرية الصحافة بالأسلوب الإسرائيلي
تؤكد منظمة "Freedom house" أن إسرائيل توفر "بيئة حيوية وتعددية" حيث تضمن حرية الصحافة بشكل عام. "لكن نظرا للنزاعات المستمرة مع المجموعات الفلسطينية والدول المجاورة، تخضع وسائل الإعلام للرقابة العسكرية.. كما يواجه الصحفيون مرارا قيودا على تنقلاتهم".
وفي العام الماضي خفضت المنظمة تصنيف حرية الصحافة في إسرائيل من "حرة" إلى "حرة جزئيا، لكن المنظمة رفعت التصنيف مرة أخرى في النصف الثاني من 2014 باعتبار أن العام الماضي شهد أقل عدد من الاعتداءات على الصحفيين منذ عام 2010.
ولم تأت إسرائيل في قائمة الأماكن الأكثر خطرا على الصحفيين التي تضعها سنويا منظمة "حملة الشارة الدولية لحماية الصحفيين"، لكنها بلا شك كانت الدولة التي قتلت أكبر عدد من الصحفيين في العام الماضي.
وحسب معطيات المنظمة، فقد قُتل 138 صحفيا في العالم العام الماضي، وجاءت سوريا في المركز الأول، حيث لقي 19 صحفيا مصرعهم، وفي المركز الثاني جاء قطاع غزة، حيت أسفرت عملية "الجرف الصامد" الإسرائيلية عن مقتل 16 صحفيا. وجاءت في المركز الثالث باكستان (مقتل 12 صحفيا) ويليها العراق (مقتل 10) وأوكرانيا (مقتل 9 صحفيين).
كما أدرجت المنظمة الأراضي الفلسطينية المحتلة في قائمة الأماكن العشرة الأكثر خطرا بالنسبة لممثلي الصحافة خلال السنوات الخمس الماضية، إذ قتل فيها 21 صحفيا خلال الفترة المذكورة. لكن التقارير الدولية لا تسجل حوادث تعرض الصحفيين الفلسطينيين للضرب والاعتداء على أيدي الجنود الإسرائيليين، ناهيك عن تدخلات الجيش في العمل الصحفي، وعمليات المداهمة لمقرات صحفية.
"مراسلون بلا حدود": إسرائيل تستهدف الصحفيين عمدا
وفي يوليو/تموز الماضي اتهمت منظمة "مراسلون بلا حدود" إسرائيل بأنها بدأت باستهداف صحفيين عمدا منذ مقتل 3 فتية إسرائيليين في الضفة الغربية في يونيو/حزيران عام 2014.
وذكرت المنظمة أن الجيش الإسرائيلي استهدف عددا كبيرا من الصحفيين الفلسطينيين أثناء حملة مداهمات في قطاع غزة، واعتقل العشرات منهم تعسفيا.
واتهمت المنظمة الجيش الإسرائيلي بممارسة الضغوط على الصحفيين، علما بأنه لا يتردد في إلقاء القبض أو حتى قتل إعلاميين، ولا تتم مساءلة مرتكبي الجرائم بحق الفلسطينيين في الضفة وغزة إلا نادرا.
الاعتداء على مكتب RT في رام الله وحملة المداهمات في الضفة
وفي 21 يونيو/حزيران العام الماضي اقتحمت القوات الإسرائيلية المبنى الذي يقع فيه مكتب قناة RT، وكسر أفرادها الأبواب وألحقوا أضرارا بممتلكات القناة، بما في ذلك الآثاث والكمبيوترات، وصادروا أشرطة فيديو تابعة للقناة.
في 2 يوليو/تموز جرح عدد كبير من الصحفيين بنيران الجيش الإسرائيلي وذلك أثناء تغطيتهم لمظاهرات في مخيم شعفاط.
وفي 5 يوليو/تموز تعرض فريق تابع لقناة "فلسطين اليوم" لإطلاق نار من قبل الجيش الإسرائيلي وذلك أثناء تغطيته لمواجهات في بلدة الطور بالقدس الشرقية. وأصيب أعضاء الفريق الثلاثة بجروح خطيرة.
كما شن الجيش الإسرائيلي في هذه الفترة حملة مداهمات مكثفة للمقرات الصحفية ولدور النشر المعنية بنشر الصحف والمجالات، وصادر عددا كبيرا من أجهزة الحاسوب، ما مثل ضربة كبيرة للصحافة الفلسطينية. واعتقل الجنود الإسرائيليون مراسلين فلسطينيين تعسفيا أكثر من مرة، وصادروا آليات التصوير، وهددوهم بالسجن، وذلك لمنعهم من تصوير أبسط الأشياء مثل الاختناق المروري في بيت لحم بسبب حاجز الكونتينر شرق المدينة التابع للجيش الإسرائيلي.
الحرب على غزة
أوقعت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة أكثر من 2100 قتيل و10 آلاف جريح على الأقل.
وقتل في الحملة العسكرية 16 صحفيا فلسطينيا بالإضافة إلى مصور إيطالي، منهم من قضى أثناء العمل في ميدان القتال، لكن الأغلبية لقوا مصرعهم جراء استهداف الجيش الإسرائيلي لمقرات إعلامية بذريعة وجودها في مبان تستخدمها حركة "حماس".
التصعيد الأخير
يبدو أن الجيش الإسرائيلي اختار نهج التصعيد تجاه الصحفيين الفلسطينيين مجددا خلال الأسابيع الماضية.
وأعلن اتحاد الإذاعة والتلفزيون الفلسطيني أن صحفيا فلسطينييا اعتقل وأصيب 6 آخرون على أيدي الجنود الإسرائيليين في أبريل/نيسان الماضي. كما احتجز الجيش 4 صحفيين آخرين لفترات وجيزة لمنعهم من تصوير انتهاكات مرتكبة بحق الفلسطينيين.
وتابع الاتحاد أن الجنود الإسرائيليين استخدموا الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع مرارا ضد صحفيين فلسطينيين أثناء اشتباكات بين الجيش وشبان فلسطينيين.
أما الصحفي المعتقل تعسفيا في أبريل/نيسان فهو أمين أبو ورده مدير المركز الإعلامي في مخيم بلاطة، ليبلغ بذلك عدد الصحفيين الفلسطينيين المعتقلين لدى السلطات الإسرائيلية 20 صحفيا.
كما اتهم الاتحاد الجيش باستخدام الصحفيين كدروع بشرية في العديد من الحالات خلال الأحداث في مختلف أنحاء الضفة الغربية.
يذكر أنه في مارس/آذار، اعتقل الجنود الإسرائيليون 9 صحفيين فلسطينيين في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر، وما زال اثنان من هؤلاء قيد الاعتقال.
وواصل الجيش انتهاكاته في اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف في 2 مايو/أيار من كل عام، إذ اعتدى على مسيرة سلمية للصحفيين، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى.
المصدر: RT