افراسيانت - لندن - ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أنّ نحو 800 مصاب طالبوا بتعويض تبلغ قيمته مليار دولار، بعد أن رفعوا دعوى قضائية ضد جامعة جونز هوبكنز الأميركية حول دورها المزعوم في تعمّد إصابة المئات من الغواتيماليين بأمراض منقولة جنسيا، بما في ذلك مرض الزهري والسيلان، في إطار برنامج تجارب طبية في سنوات الأربعينات والخمسينات.
وتزعم الدعوى، التي ضمّت أيضا اسم المؤسسة الخيرية روكيفيلير أن كلا المؤسستين ساعدتا في “تصميم، ودعم وتشجيع وتمويل” التجارب من خلال توظيف العلماء والأطبّاء المشاركين في الاختبارات، والتي أجريت للتأكد ممّا إذا كانت مادة “البنسلين” قادرة على إيقاف هذه الأمراض.
وتشير الدعوة المرفوعة إلى أنّ الباحثين في جامعة جونز هوبكينز للأدوية لديهم “تأثير كبير” على هيئة البحوث من خلال سيطرتهم على اللجان التي توافق على التمويل الفدرالي للبحوث.
كما تؤكد أنّ أحد الباحثين الذي كان يتلقى أجره من مؤسسة روكيفيللير عُيّن للإشراف على التجارب، حيث سافر لمراقبتها في ستّ مناسبات على الأقل.
وزوّدت شركة الأدوية العملاقة، بريستول-مايرز سكويب، المؤسّستين المذكورتين بمادة البنسلين لاستخدامها في التجارب، التي عرفت في آن واحد بالسرية وعدم التوافق حولها.
هيلاري كلينتون اعتذرت عن البرنامج في العام 2010 بعد العثور على تحقيق بشأن إجراء تجارب تنتهك الأخلاقيات الطبية
وتم التكتم على التجارب، التي أجريت خلال الفترة الممتدّة بين 1945 و1956، إلى أن كشفتها الأستاذة الجامعية سوزان ريفيربي في عام 2010. ولم يكشف البرنامج عن أيّ نتائج، ولم يُبلّغ الغواتيماليين الذين أصيبوا عن عواقب مشاركتهم، كما أنّه لم يوفّر لهم متابعة الرعاية الطبية أو إطلاعهم على طرق منع انتشار العدوى.
وتذكر الدعوة القضائيّة أنّ تلك الشركات تعمّدت نقل المرض إلى الأيتام والسجناء والمصابين بأمراض عقلية.
وتفيد المراسلات أيضا أنّ أحد الباحثين الرئيسيين للبرنامج أبلغ طبيبا آخر بأنّه في حال اكتشفت “بعض المنظمات الخيرية” أنّهم أجروا الاختبار على أشخاص كانوا مرضى عقليا، فسوف يثير ذلك الكثير من الجدل، مضيفا “لا أرى أيّ داع للإفصاح عن مكان إنجاز التجارب وعن نوع المتطوّعين”.
وقال بول بيكمان، محامي المدعين من بالتيمور، إنه من بين 774 مدعيا، نجا حوالي 60 شخصا، فيما توفي الكثير نتيجة العدوى، ونقل آخرون المرض إلى أفراد عائلاتهم وأقرانهم. وأضاف المحامي أنّ “الناس الذين يتحمّلون مسؤولية تنفيذ الأبحاث قد توفّوا منذ وقت طويل، لكن السجلات موجودة هناك، وتضمّ بالتفصيل الوثائق التي تدعّم أقوالنا في الشكوى التي تقدّمنا بها”.
واشتمل ملف الدعوى القضائية على رسوم بيانية لبعض الأساليب المستخدمة من قبل الباحثين، وتمرّ التجارب بستّ مراحل بدءا بحقن المرض لبائعات الهوى، مرورا بمراقبة مدى العدوى عند الرجل، وصولا إلى تحليل دماء الأطفال للتأكد من نسبة العدوى.
مارتا أوريلانا كانت طفلة يتيمة عمرها تسع سنوات، حين أدمجت في تلك التجارب، تقول إنّها أجبرت على فحصها من رجال أجانب وطبيب غواتيمالي في صيدلية المأتم دون إعلامها بأي شيء.
وقالت أوريلانا “لم يعلموني أبدا بما كانوا يفعلون، لم يعطوني فرصة واحدة لأقول لا”، مضيفة “لقد عشت معظم حياتي دون أن أعرف الحقيقة.. قد يغفر لهم الربّ”.
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، قد اعتذرت عن البرنامج في عام 2010 بعد أن عثر تحقيق أجرته اللجنة الرئاسية الأميركية لشؤون الأخلاقيات البيولوجية على تجارب “تشمل انتهاكات غير مقبولة للأخلاقيات الطبيّة”.
وفشلت دعوى قضائية اتحادية، رُفعت في العام 2012، في الاستجابة لطلب جبر الأضرار بموجب قانون مطالبات التعويض عن الضرر، وذلك بعد أن قرّر القاضي أن حكومة الولايات المتحدة لا يمكن أن تكون مسؤولة عن إجراءات اتخذت خارج الولايات المتحدة.
أمّا اليوم، فيؤكد محامي المدعين، بول بيكمان، الاعتقاد بأنّ أمام الدعوى الجديدة فرصة أكبر للنجاح، بما أنها قُدّمت في محكمة الولاية ماريلاند ضد الكيانات الخاصة.
وفي المقابل، نفت كل من جامعة جونز هوبكنز ومؤسسة روكيفيللير، بقوّة أيّ ضلوع لهما في تلك التجارب، رغم أنّ وزيرة الخارجيّة الأميركيّة السابقة كانت قد اعترفت بذلك عند اعتذارها في العام 2010 عن إجرائها.
وقد ردّ القائمون على جامعة جونز هوبكينز ومؤسسة روكيفيللير، في بيان نشر على موقعيهما الإلكترونيين، بالنفي قطعيّا تلك التهم، بالقول “إن المدّعين يحملون قضية يؤكدون فيها بأنّ أعضاء كلية جونز هوبكينز اشتركوا مع لجنة حكومية راجعت تطبيقات الأبحاث، وأنّ الكلية بإجرائها للأبحاث يجب أن توضع محلّ المساءلة”، مضيفين بأن “هذا غير صحيح”، في حين رفضت المتحدثة باسم شركة الأدوية الكبرى، بريستول-مايرز سكويب، التعليق على الموضوع أصلا.