افراسيانت - عبدالله سليمان علي - السفير - واصلت طائرات التحالف الدولي شن غاراتها ضد «جبهة النصرة» مستهدفة معاقلها القريبة من الحدود التركية للمرة الثانية خلال أقل من أسبوعين، في الوقت الذي بات بحكم المحسوم أن «النصرة» ممثلة بقيادتها العامة ليست في وارد التفكير بـ«فك الارتباط» مع تنظيم «القاعدة» بصرف النظر عن التداعيات التي يمكن أن تترتب على موقفها هذا، خاصةً لجهة الضغوط التي قد تتعرض لها من قبل بعض الدول الإقليمية التي دفعت في هذا الاتجاه، وعلى رأسها قطر.
وفي خطوة تشير إلى تصعيد التحالف الدولي عملياته ضد «جبهة النصرة»، قامت طائراته أمس، بتنفيذ غارات عدة على مقارها في منطقة أطمة في ريف إدلب المحاذية للحدود التركية، وذلك بعد أقل من 48 ساعة على الكشف عن جسامة الخسارة التي لحقت بـ«الجبهة» نتيجة الغارة التي استهدفت أحد مقارها في ريف سلقين والقريبة من الحدود مع تركيا، وسقط جراءها عدد من قادتها من بينهم القائد العسكري العام أبو همام السوري وأربعة من أعضاء مجلس الشورى.
وشنت طائرات التحالف عصر أمس، حوالي ثماني غارات جوية وصاروخية استهدفت جميع المقار التابعة لـ«النصرة» في منطقة أطمة الحدودية، وهي مقر عبارة عن بناء يتألف من طوابق فيه مكاتب بعض قادتها، ومستودع ذخيرة وسلاح، بالإضافة إلى معسكر كانت «الجبهة» تستخدمه لتدريب مقاتليها.
وعلى الفور أعلنت «النصرة» الاستنفار في صفوفها وشكلت طوقاً أمنياً حول المقار المستهدفة كعادتها في مثل هذه المواقف.
ولم ترد حصيلة دقيقة عن الخسائر البشرية التي أصابت «الجبهة»، ولكنها تراوحت بين تسعة و20 قتيلاً وعدد آخر من المصابين، وأكد بعض الناشطين المقربين من «النصرة» وجود عدد من «المقاتلين الأجانب» بين القتلى. كما أشار بعضهم إلى أن عدداً من جرحى «النصرة» نُقلوا إلى المستشفيات التركية لتلقي العلاج.
وتحدثت بعض المصادر الإعلامية عن سقوط ضحايا مدنيين جراء الغارة التي وقعت بالقرب من مخيم «الكرامة» للاجئين السوريين في المنطقة.
من جهة أخرى، إذا كان المسؤول الشرعي السابق في «جبهة النصرة» أبو ماريا القحطاني قد عبّر عن موقف ضبابي تجاه فك الارتباط بين جماعته و «القاعدة»، حيث صرح بعدم ممانعته اتخاذ مثل هذا القرار ما دام يخدم مصلحة الأمة، مشترطاً أن يأتي في سياق تشكيل «محور سني» لمقاومة المد الإيراني كما أسماه، فإن المسؤول الشرعي الحالي سامي العريدي المعروف بلقب أبو معاذ عبّر في تغريدات له على «تويتر» عن استغرابه من طرح هذا الموضوع على بساط البحث «كأنه لم يبق عثرة في وجه نجاح الثورة السورية إلا ارتباط جبهة النصرة بقاعدة الجهاد»، وأعاد التذكير بأن «إعلان الشيخ الفاتح أبو محمد الجولاني الارتباط بالقاعدة في تلك الأيام كان رحمة وإنقاذاً للساحة مما لا تحمد عقباه».
ويعتبر كلام العريدي بحكم منصبه، بمثابة رفض رسمي من قبل القيادة العامة لـ «جبهة النصرة» لموضوع فك الارتباط، وهو ما يعززه صدور مواقف من منظري «التيار الجهادي» الذين تربطهم علاقات جيدة مع «جبهة النصرة» رافضة لفك الارتباط، حيث سخر الشيخ هاني السباعي من هذا الطرح وقال «لو غيرت جبهة النصرة اسمها إلى جبهة الوردة البيضاء! فسيطلب خصومها تغيير منهجها والانسلاخ من معتقدها». ولكن هذا التوجه القيادي لا يستطيع إخفاء تباين المواقف بين تيارين داخل «جبهة النصرة» يمثل التيار الثاني ما قاله القحطاني حول إمكانية فك الارتباك في مقابل شروط معينة.
وتفاعل الحديث إعلامياً حول موضوع فك الارتباط الأسبوع الماضي، بعد تقرير نشرته وكالة «رويترز» أشارت فيه إلى ضغوط قطرية على «جبهة النصرة» للسير في هذا الاتجاه، غير أن «مزمجر الشام» الذي استند إليه التقرير، نفى صحة الكلام المنسوب إليه، وقال في تغريدات له على حسابه على «تويتر» إن «تقرير رويترز جاء على خلاف ما ذكرناه لمراسلة الوكالة في ما يخص الدور القطري، فأثبت التقرير أن هدفه خدمة مشروع سياسي لا تحري المهنية والصدق»، مشيراً إلى أن «الأنباء التي تشاع عن سفر الجولاني أمير جبهة النصرة إلى قطر أو عن اجتماعات تتم بينه وبين مسؤولين قطريين تثير السخرية، وتقف خلفها أطراف حاقدة» بحسب قوله.