افراسيانت - انتقدت عدة منظمات حقوقية قرار السلطات الجزائرية استئناف عمليات الترحيل القسري للمهاجرين الأفارقة غير النظاميين إلى بلدانهم، بطريقة اعتبرتها غير إنسانية ومهينة، محذرة من العواقب الكارثية لذلك على حياتهم وظروف معيشتهم.
وفي هذا السياق، أكدت "منصة الهجرة في الجزائر"، التي تتكون من 21 جمعية حقوقية دولية وجزائرية، أن الجزائر استأنفت عمليات اعتقال المهاجرين المنحدرين من بلدان إفريقية جنوب الصحراء، منذ العاشر من فبراير الجاري، في الشوارع ووسائل النقل الجماعي، وحتى داخل أوراش العمل، وذلك بغرض طردهم، بعد شهرين فقط على موجة ترحيل الجماعي لآلاف المهاجرين.
وكشفت المنظمة أن مئات المهاجرين القادمين من نيجيريا ومالي وكوت ديفوار والكاميرون وليبيريا وغينيا، ومن بينهم نساء حوامل وأطفال جرى إيقافهم يوم 10 فبراير، وتم نقلهم إلى مركز احتجاز في ضواحي الجزائر العاصمة، قبل نقلهم على متن شاحنات إلى مدينة تمنراست في قلب الصحراء على بعد حوالي ألفي كلم جنوب العاصمة، على الحدود مع النيجر، حيث أجبروا على السير في الصحراء باتجاه بلدة "اساماكا" في النيجر، على بعد 15 كلم من الحدود.
وخوفا من الاعتقال والطرد، أوضحت المنظمة أن "المهاجرين باتوا يلازمون منازلهم"، مضيفة أن عمليات الترحيل تتم "من دون تمييز في الجنسية، وأحيانا تفرّق بين أفراد الأسرة الواحدة وتعزل القاصرين"، لافتة إلى أن هذا الوضع "سيجبر المهاجرين على العيش مختبئين، ما يزيد من تدهور حالتهم بسبب عدم حصولهم على الرعاية الصحية والمساعدات الغذائية".
وأرجع المحامي والحقوقي الجزائري عبد الغني بادي، عودة السلطات الجزائرية إلى ترحيل المهاجرين وطردهم لبلدانهم، إلى السياسة المعقدة التي تتبعها الجزائر في التعامل مع ملف الهجرة بالنسبة للأجانب، حيث إنها "من الدول التي لا تتساهل مع مسألة الإقامة والسفر إليها ومنح التأشيرة، فهي تكاد تكون دولة مغلقة من ناحية التنوع".
وأضاف : أن الجزائر التي "لا يسمح وضعها بقبول استقرار المهاجرين، لا تزال تنتهج طريقة الطرد والإبعاد الجماعي للمهاجرين عن أراضيها، من دون التعمّق في الباعث الإنساني الذي دفع المهاجرين إلى اللجوء إليها، وهو الأمر الذي يخالف القانون والمواثيق الدولية التي تمنع الطرد والإبعاد غير القانوني".
ويثير ملف تعامل الجزائر مع المهاجرين على أراضيها جدلا واسعا في البلاد وانقساما في المواقف، بين من يدعو إلى طردهم بدعوى أنهم يشكلون خطرا على المجتمع الجزائري، ومن يطالب السلطات بضرورة التكفل بهم وتمكينهم من التمتع بحقوقهم الأساسية كغيرهم من المواطنين الجزائريين.
وأوضح بادي في هذا الجانب "هناك تسويق لصورة غير طيبة حول المهاجرين في الجزائر، سواء من خلال اتهامهم بالجريمة كالمخدرات السرقة"، وهي ظواهر موجودة، لكن "لا يمكن تعميم فعل معزول على الجميع والقانون يأخذ مجراه على الفاعل ولا يسري بلون البشرة".
وكانت منظمة العفو الدولية، كشفت أن أزيد من 2000 مهاجر من مختلف بلدان إفريقيا جنوب الصحراء تم إيقافهم في الجزائر، خلال شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين، وترحيلهم بصفة قسرية إلى النيجر، منددة بـ"تمييز عرقي وعمليات ترحيل غير قانونية".
وحسب الإحصائيات الرسمية، يعيش حوالي 100 ألف مهاجر غير شرعي في الجزائر، معظمهم من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، بطريقة غير قانونية وفي أوضاع معيشية صعبة، حيث شكل الكثير منهم تجمعات سكانية عشوائية خصوصا في جنوب البلاد.