رام الله - افراسيانت - قال خبراء وحقوقيون فلسطينيون، إن سياسة الاغتيالات التي تنتهجها اسرائيل تهدف للتخلص من خصومها، ولتحقيق عدة أهداف منها الردع، أو الانتقام، أو الشارع الداخلي في اسرائيل.
وبحسب المصادر نفسها، فإن إسرائيل اغتالت 366 فلسطينيا منذ شهر آب من العام 1966، كان أحدثهم الشاب أحمد نصر جرار في مدينة جنين بالضفة الغربية أمس.
وأعلن الجيش الإسرائيلي صباح الاربعاء عن اغتيال الشاب أحمد نصر جرار، الذي تتهمه بقيادة خلية عسكرية نفذت عملية إطلاق نار قرب نابلس (شمال)، الشهر الماضي، أدت لمقتل مستوطن.
وقال المعتقل السابق، عصمت منصور، والخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن سياسة الاغتيال الاسرائيلية تركز على فكرة " تصفية الحساب".
وأضاف:" فمثلا اغتيال مؤسس (حركة) حماس أحمد ياسين في غزة كان انتقاميا بحتا".
أما اغتيال الشاب أحمد نصر جرار، فكان الهدف منه "إعادة الثقة بالمؤسسة الأمنية، خصوصا وأن جرار متهم بقتل مستوطن، وإصابة آخر، وتمكن من خداع الجيش والهروب منه لأكثر من شهر، وهو أمر زعزع ثقة الجمهور الاسرائيلي بقدرات الجيش، وقتله كان ارضاءً واضحا للمستوطنين والجمهور الاسرائيلي".
واغتالت اسرائيل الشيخ أحمد ياسين، قائد حركة حماس في إبريل عام 2004 في قطاع غزة بينما كان خارجا من صلاة الفجر، ولم يشكل أي تهديد عسكري حينها.
ويقول منصور إن اسرائيل ترتكب "نوعين من جرائم الاغتيال، منها المعلن كما حصل مع أحمد جرار، ومنها غير المعلن، مثل اغتيال الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات الذي مات مسموما، دون معرفة من دس السم، لكنه كان يشكل خطرا استراتيجيا على اسرائيل، ولا شك أنها هي من قام باغتياله".
وفي عام 2004 توفي الرئيس الفلسطيني السابق عرفات، بطريقة غامضة، ووجّه الفلسطينيون الاتهامات الى اسرائيل باغتياله بالسم.
من جانبه، قال اللواء الركن المتقاعد، واصف عريقات، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن سياسة الاغتيال، "هي جرائم قتل متعمدة تقوم بها إسرائيل، لأشخاص لا يوجد لديهم تهمة مثبتة، مثل ما حصل مع أحمد جرار".
وأضاف:" الرواية حول مسؤوليته عن قتل مستوطن هي رواية إسرائيلية، ولا يوجد دليل ملموس عليها، لذلك قتلوه لإخفاء الحقيقة أو التغطية على الفشل ربما".
وتابع:" إنها جريمة قتل لشخص قد لا يكون ارتكب أي فعل، ولم يتم منحه حق الدفاع عن النفس، فقتله هو أسهل الخيارات وأقلها تكلفة عليها".
وقال عريقات إن اسرائيل تسعى إلى" تصفية الحساب مع الخصم، حال كان يشكل تهديدا لها، كما حصل مع جرار، أو في سبيل الانتقام من الخصم وتصفية الحساب معه، كما حصل مع خليل الوزير القيادي البارز في حركة فتح الذي اغتالته في تونس، أو في سبيل درء المخاطر المحتملة على وجود هذا الخصم، مثل ما حصل مع الشيخ أحمد ياسين قائد حركة حماس".
وبدأت اسرائيل سياسة الاغتيالات، قبل تأسيسها عام 1944، حينما اغتالت، والتر إدوارد غينيس (بارون موين الأول) وهو سياسي ورجل أعمال بريطاني، نظرا لكونه "مناهضا للهجرة اليهودية إلى فلسطين آنذاك".
ووفق الكاتب والصحفي الفلسطيني حافظ البرغوثي، يمكن تقسيم سياسة الاغتيالات الإسرائيلية إلى 3 مراحل اساسية، بعد احتلالها لأرض فلسطين التاريخية عام 1948.
وأشار البرغوثي إلى أن المرحلة الأولى بدأت بعد انطلاق حركة الكفاح الفلسطيني المسلح عام 1965، والتي استهدفت القيادات الفلسطينية التي تواجدت في لبنان والأردن على طول فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وحتى توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، عام 1993.
ومن أبرز الاغتيالات في تلك الفترة، خليل الوزير، القيادي البارز في حركة فتح، وفتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي، والكاتب الفلسطيني غسان كنفاني.
أما الفترة الثانية من الاغتيالات التي شنتها اسرائيل وفق البرغوثي، فكانت بعد توقيع اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين والاسرائيليين عام 1993 وتركزت، ضد قيادات حركة حماس بعد موجة من العمليات التفجيرية داخل إسرائيل، مثل اغتيال يحي عياش قائد كتائب القسام السابق، وعادل وعماد عوض الله.
فيما بدأت المرحلة الثالثة حسب البرغوثي، بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، وفيها تم اغتيال المئات من القيادات العسكرية والناشطين الفلسطينيين، من ابرزهم قائد الجبهة الشعبية السابق، أبو علي مصطفى الذي اغتيل بصاروخ موجه في مكتبه برام الله عام 2001، واغتيال رائد الكرمي قائد كتائب شهداء الاقصى التابعة لحركة فتح.
كما شهدت تلك الفترة، عمليات اغتيال واسعة بحق قادة حركة حماس، شملت معظم أعضاء القيادة السياسية للحركة، كالشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وإسماعيل أبو شنب، وإبراهيم المقادمة، وصلاح شحادة، وجمال سليم وجمال منصور.
من جانبه، قال عمار الدويك، رئيس الهيئة الفلسطينية لحقوق الإنسان، إن عمليات الاغتيال، التي تقوم بها اسرائيل هي "عمليات اعدام خارج القانون، ترتقي إلى مستوى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية".
وأشار دويك إلى أن اسرائيل "تنفذ هذه العمليات بأوامر من ضباط في الجيش يصدرون القرار ميدانيا، أو بتعليمات من المسؤولين العسكريين، بناء على معلومات استخبارية. دون محاكمة، ودون أن يدافع المواطن الفلسطيني عن نفسه".
وأشار دويك إلى أن الاعدامات التي تقوم بها اسرائيل والتي تعتبر سياسية ممنهجة، تستهدف مدنيين في كثير من الحالات، وتوقع ضحايا في صفوفهم مثلما ما حصل عام 2002 حين تم اغتيال القيادي في حماس صلاح شحادة، بإلقاء قنبلة وزنها طن على منزله في غزة، ما ادى الى مقتل 18 فلسطينيا بينهم أطفال".