بيرزيت - افراسيانت - بين جدران متحف جامعة بيرزيت في الضفة الغربية المحتلة تحيي الفنانة التشكيلية الفلسطينية سامية حلبي بألوانها وفرشاتها شجون أبناء قرية عربية داخل الخط الأخضر لم تبددها ستة عقود من الزمان.
واعتمدت الفنانة في معرض "رسومات توثيقية لمذبحة كفر قاسم" الذي ضم 16 لوحة نمط السرد بالرسم لتوثيق ما جرى في كفر قاسم عام 1956 من قتل لتسعة وأربعين فلسطينيا وفقا لشهود العيان آنذاك.
وقالت الفنانة حلبي لرويتزر خلال افتتاح المعرض امس "بدأت العمل على هذا المشروع منذ العام 1999.. زرت كفر قاسم واستمعت إلى العديد من الشهادات عما حدث وقرأت الكثير مما كتب حول هذه المجزرة."
وتكتب سامية حلبي إلى جانب كل لوحة تفصيلا لما جرى من حيث أسماء القتلى والمصابين والناجين وكيف حدث كل ذلك.
وقالت "الرسومات لوحدها بدون الكلمات ليس لها قوة، وقوة الرسومات تأتي من الكلمات والشهادات التي سمعتها من الناس."
وأضافت "كل الرسومات لها تأثير، ولكن ربما تلك اللوحة التي تروي حكاية قتل مجموعة من النساء تركت أثرا كبيرا في".
وتظهر في اللوحة المرسومة بالفحم، والتي توثق مقتل 13 سيدة، مجموعة من النساء يقفن إلى جانب بعضهن ومن ضمنهن سيدة حامل بعنوان "موجة القتل التاسعة".
وقسمت سامية عمليات القتل التي شهدتها كفر قاسم إلى تسع مجموعات، ووثقت بعض المجموعات في أكثر من لوحة.
وأوضحت أنها اعتمدت في رواية الأحداث على نمط السرد الذي استخدم سابقا من قبل إميل حبيبي في كتابه /في الذكرى العشرين لمجزرة كفر قاسم.. كفر قاسم المجزرة السياسية/".
وتضيف في كتيب وزع خلال الافتتاح "قام حبيبي في كتابه بسرد الأحداث التي وقعت داخل القرية وتلك التي وقعت في الجهة الشمالية من القرية وفقا لأماكن حدوثها. وشهد المدخل الشمالي للقرية تسعة حوادث قتل."
ومعظم اللوحات الفنية مرسومة بقلم الرصاص، وعدد قليل منها بالفحم، وأخرى بأقلام الشمع الملونة.
وتركز سامية في عدد من لوحاتها على الضحايا قبل قتلهم، حيث يظهر على سبيل المثال في اللوحة الأولى ثلاثة رعاة أغنام من الأطفال مع أغنامهم ورجل كبير، ويظهر أمامهم جنديان، ولمعرفة تفاصيل الحكاية يجب قراءة ما كتب بجانب اللوحة، حيث قتل ولدان والرجل ونجا الولد الثالث، مع أسمائهم وأعمارهم وهكذا معظم اللوحات.
ويمكن مشاهدة الدراجات الهوائية والسيارات والخيل والحمير وكل ما كان يستخدمه سكان البلدة. ولكل لوحة حكايتها الموثقة.
وكتبت إيناس ياسين مديرة متحف جامعة بيرزيت في كتيب المعرض "في هذا المعرض تنتج الفنانة الرسم التوضيحي والمفصل كطريقة لتوثيق حدث تاريخي موجع لا تتوفر حوله أي وثيقة أو أرشيف."
وتضيف أن "المعرض سوف يستمر لمدة فصل دراسي كامل، ليكون المعرض مساحة للنظر إلى تجربة الرسم والرواية المصورة باعتبارها طريقة لإنتاج أرشيف بصري يتعامل مع حدث تاريخي."
وانجزت سامية - المقيمة في الولايات المتحدة منذ خمسينيات القرن الماضي والتي تمتد مسيرتها الفنية لما يقارب ستة عقود - العديد من الأعمال الفنية، منها توثيق شجرة الزيتون، وملصقات تعكس أفكارها السياسية.
وتخلل المعرض عرضا لكتاب سامية حلبي (رسم مذبحة كفر قاسم) الذي صدر حديثا عن دار شيلت في أمستردام 2017.
وجاء في بيان حوله أنه يضم "خلاصة البحث الذي قامت به سامية حلبي لإنتاج الرسومات وفيه تجميع لشهادات الناجيين ومحاولة لإعادة إنتاج سجل أرشيف بالرسم."
ويستمر المعرض حتى الثلاثين من مايو/ أيار القادم.