افراسيانت - جميل السلحوت - عن مكتبة كل شيء الحيفاويّة صدرت أواخر العام 2016 رواية "لحظات خارجة عن القانون" للكاتبة رولا خالد غانم. تقع الرّواية التي تزيّن غلافها الأوّل لوحة للفنّان التشّشكيليّ الفلسطينيّ العالميّ جمال بدوان، تصميم ومونتاج شربل الياس في 130 صفحة من الحجم المتوسّط.
وهذه الرّواية هي الثّانية للكاتبة غانم فقد صدر لها قبل هذه الرّواية روايتها الأولى "الخطّ الأخضر".
استوقفني عنوان الرّواية"مشاعر خارجة عن القانون"، وتبادرت لذهني عدّة أسئلة عندما رأيته منها: هل تخضع المشاعر للقانون؟ وهل القانون يستطيع محاصرة المشاعر والأحاسيس؟ وهل من الممكن محاصرة الحبّ بالقانون؟ أم أنّ المقصود "بالقانون" هنا هو العادات والتّقاليد والعرف الاجتماعيّ؟ وأعتقد أنّ هذا ما قصدته الكاتبة عندما اختارت عنوان روايتها، وهذا ما تشي به أحداث هذه الرّواية، التي احتوت على أكثر من حكاية حبّ متعثّرة.
ويلاحظ أنّ الكاتبة استطاعت تطوير البناء الرّوائي في روايتها هذه، بطريقة متشابكة من خلال الخروج من حكاية حبّ إلى أخرى، لتعود وتسترجع الحكايات السّابقة بطريقة مشوّقة ومتشابكة ومرتبطة ببعضها بعضا بخيط شفيف دون أن تثقل على القارئ أو تشتّته، وهذا يثبت أنّها متمكّنة من الفنّ الرّوائي.
الهدف:
واللافت أنّ الكاتبة لم تكتب روايتها هذه بطريقة عبثيّة، بل كانت تريد أن تبعث رسائل اجتماعيّة بطريقة غير مباشرة بعيدة عن الوعظ، ممّا يجعل المضمون يصل إلى وجدان وعقل القارئ بطريقة سلسة، ومن هذه الرّسائل أنّ تدخّل الآباء في خيارات أبنائهم وبناتهم للزّواج قد يكون سببا لتعاسة أبنائهم ذكورا وإناثا، ممّا يعكس نتائج ذلك السّلبية على حياة الوالدين والأسرة بكاملها أيضا، كما كان واضحا النّقد اللاذع لموقف بعض الآباء من أبناء المخيّمات! واتّخاذ مواقف سلبيّة من مصاهرتهم فقط لأنّهم لاجئون! وكذلك الموقف الطّبقي إن جازت التّسمية وهو ما يتمثّل بالمصاهرة بين العائلات الثّريّة والفقيرة، والفوارق التعليميّة بين العروسين، فمثلا أحلام ابنة عائلة ثريّة وهي طالبة جامعيّة، ومن عشقته وأحبّته وتزوّجته في النّهاية بعد مكابدة شديدة حارس في الجامعة وسليل أسرة فقيرة.
وحملت نهاية الرّواية نهاية مفاجئة ومفجعة، عندما يكرّر التّاريخ نفسه، وإن بصورة معكوسة، فبهاء الذي أحبّ أحلام ابنة أبي رفيق، عندما جاء برفقة والدته لخطبتها بعد معاناة طويلة، تبيّن لوالدته أنّ والد أحلام هو من أحبّها وعشقها وهو "الذي وعدها بالزّواج ولم يف بوعده، حين سمع كلام أبيه ورفض ابنة المخيّم، ابنة البّواب، فكان ابن أبيه حين رفض زواج ابنته من بهاء في البداية" ص 130.
صفحات التّواصل الاجتماعيّ:
لفت انتباهي أنّه كان لصفحات التّواصل الاجتماعي" Face Book " دور في هذه الرّواية، وقد ورد التّواصل من خلاله بين أكثر من شخصين، خصوصا بطلي الرّواية الرّئيسيّين أحلام وبهاء، وهذا يؤكد من جديد أنّ الكاتب ابن بيئته وعصره.
بطش الاحتلال:
لم تغب الممارسات القمعيّة للاحتلال عن الرّواية، فالحواجز العسكريّة التي تعيق حركة المواطنين لا تترك النّاس وشأنهم، بل تمتهن كرامتهم، وتؤخّر وصولهم إلى أعمالهم ومدارسهم وجامعاتهم، وكذلك عمليّات القتل العشوائي ومداهمات البيوت والاعتقال وغيرها.
الكتابة عن الذّات:
ليس جديدا القول بأنّ أيّ كاتب يكتب شيئا من سيرته الذّاتيّة دون أن يدري، أو أنّه يتعمّد ذلك، وهذا ما حصل مع كاتبتنا رولا خالد عانم، فحديثها عن بيسان صفحة 49 يؤكّد ذلك:" بيسان ابنة عائلة ميسورة الحال، إلا أنّها يتيمة الأمّ، لذا كان الحزن مرسوما في عينيها، تبدو وكأنّها وحيدة في هذا العالم" و "العالم بأجمعه لا يعادل لحظة دفء في حضن أمّ، رغم أنّني لم أجرّب هذا الشّعور، فقد فقدت والدتي وأنا في عمر السّنتين، لكنّني متيقّنة." وقد سبق للكاتبة أن كتبت بأنّها فقدت والدتها وهي في طفولتها المبكّرة.
اللغة والأسلوب: لغة الرّواية فصيحة بليغة، فيها جماليات تسحر القارئ، وقد استعملت الكاتبة أسلوب السّرد الانسيابيّ المتتابع، ولجأت إلى أسلوب الاسترجاع
مرّات جميلة، ممّا أضفى تشويقا بائنا على السّرد يجذب القارئ للمتابعة.
أخطاء: ورد في الرّواية عدّة أخطاء لغوية واملائية ومطبعيّة سأذكر واحدة منها فقط وهي""اصتدمت عينا أمّ بهاء"ص130 والصّحيح"اصطدمت".