افراسيانت - ميليشيات الحشد الشعبي مدار جدل جديد في العراق بسبب إعلان رئيس الوزراء نيته إقحامها في معركة تحرير الموصل التي يجري التحضير لها رغم اعتراضات قوى سياسية محلية، وأيضا جهات دولية على رأسها الولايات المتحدة التي كانت قد نجحت جزئيا في تحجيم دور تلك الميليشيات في الحرب على تنظيم داعش في العراق.
فقد توالت في العراق ردود الفعل الرافضة لقرار رئيس الوزراء حيدر العبادي إشراك ميليشيات شيعية في معركة تحرير مدينة الموصل التي يجري الإعداد لها، كون تلك الميليشيات التي توصف بالطائفية وبعدم الانضباط ستشكّل عبئا على الجهد الحربي، وستنفّر أبناء العشائر السنية من المعركة مخافة تعرّض المدينة لأعمال انتقامية شبيهة بتلك التي سبق للميليشيات أن مارستها بحقّ أبناء مناطق شاركت في استعادتها من داعش وخصوصا بمحافظتي ديالى وصلاح الدين.
ويحذّر قادة سياسيون عراقيون سُنّة، من أن مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي في معركة مدينة الموصل التي تعتبر أحد المواطن الرئيسية للطائفة السنية في العراق، ستضع المدينة على شفير حرب طائفية كون الميليشيات مرفوضة بشكل قطعي من عشائر محافظة نينوى.
ويتهم عدد من هؤلاء رئيس الوزراء حيدر العبادي بعقد صفقة سياسية مع قادة الميليشيات الذين يتمتّعون بنفوذ كبير من أجل إعادة الحشد الشعبي إلى قلب المعركة ضدّ تنظيم داعش، بعد أن كانت ضغوط محلّية وأخرى دولية، أميركية بالأساس، قد نجحت في الحدّ من دور الحشد في الحرب داخل المناطق السنية، وتحديدا مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار. وقامت الصفقة المذكورة، بحسب منتقدي العبادي، على إعادة الحشد إلى صدارة مشهد الحرب، مقابل موافقة قادة الميليشيات على التعديل الحكومي الكبير الذي يعتزم رئيس الوزراء إجراءه ويعيّن بمقتضاه وزراء تكنوقراط بدلا عن الوزراء المسيّسين الذين ينتمي أبرزهم إلى كتل وأحزاب دينية قوية يختلط نفوذها بنفوذ الميليشيات ذاتها.
ومرّت الصفقة، بحسب هؤلاء، بـ”عملية تجميل سطحية” للميليشيات تمثّلت في التخلّص من أعداد من منتسبيها المتهمين بالتسيّب وعدم الانضباط لتبرير التعديات التي مارسها الحشد الشعبي ضدّ المدنيين في عدّة مناطق من البلاد.
وكان رئيس الوزراء فاجأ، الأسبوع الماضي، الرأي العام العراقي بنقده للحشد الشعبي مؤكّدا تسرّب الفساد إلى صفوفه، لكّنه عاد السبت بعد لقائه هادي العامري، زعيم منظمة بدر وأحد أقوى قادة الميليشيات في العراق، ليؤكّد أمام مجلس النواب أن “كل القطعات الأمنية والحشد الشعبي والعشائر ستشارك بالتعاون مع إقليم كردستان في تحرير نينوى”.
ولقيت الخطوة اعتراضا شديدا من قبل قيادات سياسية سنية، حيث ورد في بيان لكتلة تحالف القوى العراقية، الأحد، بأن عملية تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش يجب أن يتحملها أبناء المحافظة بالمشاركة مع قوات الجيش والبيشمركة والتحالف الدولي من دون مشاركة لقوات الحشد الشعبي في المعركة نهائيا.
وينتظر أنّ تتحوّل قضية مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي في معركة نينوى خلال الأيام القادمة إلى إشكالية كبرى تكرّس الانقسام الكبير القائم في العراق، بما قد يؤثّر على جهود التحرير ذاتها، خصوصا إذا استند قادة الميليشيات والسياسيون المساندون لهم على كلام رئيس الوزراء للتشبّث بفرض مشاركة الحشد في معركة الموصل عنوة.
وعبّرت عن هذا التوجه كتلة ائتلاف دولة القانون التي يقودها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وينتمي إليها رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي، بالقول على لسان عضو الائتلاف صالح مهدي، إن القائد العام للقوات المسلحة هو الشخص الوحيد المخول بتحديد الجهات الأمنية التي ستشارك في معركة الموصل، وإن “قرار العبادي سيطبق رغم اعتراض بعض الأطراف السياسية”.
ومأتى اشتداد الصراع على المشاركة في هذه المعركة بالذات كونها تمثّل أكبر معركة على تنظيم داعش في العراق وقد تكون حاسمة في القضاء عليه، ما يعني أن الذي ينتزع مكانا فيها، إنما ينتزع مكانة في تحديد مستقبل البلد ككل.