افراسيانت - أرسلت الحكومة العراقية، يوم امس، فرقة مدرّعة من الجيش وقوات ضاربة من الشرطة، الى مدينة البصرة النفطية الجنوبية، لنزع السلاح من مقاتلين عشائريين، على خلفية نزاع عنيف بين عشائر شيعية متنافسة.
ويأتي معظم إنتاج العراق النفطي من حقول البصرة، التي تبعد كثيرا عن مناطق يسيطر عليها تنظيم «الدولة الاسلامية» في شمال العراق وغربه، لكن القتال العشائري أجبر الحكومة العراقية على إرسال قوات إلى المحافظة الجنوبية.
وقال رئيس المجلس المحلي لمدينة البصرة صباح البزوني إن شركات النفط ومواقع النفط العراقية والطرق المؤدية إليها آمنة تماماً، وإنه لا مخاوف في هذا الصدد.
ويعد الاقتتال العشائري والتحرك العسكري مؤشراً على المشاكل المتفاقمة التي من شأنها أن تواجه شركات النفط الأجنبية، بالرغم من أنها تعمل في منأى عن مناطق المواجهة مع تنظيم «الدولة الإسلامية».
وأجبرت هذه النزاعات القيادة العراقية على تحويل مواردها الأمنية التي تشتد حاجتها إليها بعيداً عن خطوط المواجهة مع المتشددين في الشمال والغرب إلى جهة الجنوب، حيث يشكل إنتاج حقول النفط هناك أكثر من 85 في المئة من إنتاج البلاد.
وقال رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة البصرة جبار الساعدي ان «هذه العملية تستهدف مناطق شمال البصرة، التي تشهد الكثير من النزاعات العشائرية، وستتضمن أيضا أحياء داخل مدينة البصرة مستقبلا».
وعقد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاجتماع الأسبوعي للحكومة يوم الأربعاء الماضي في البصرة، حيث دعا قوات الأمن إلى الضرب بيد من حديد على «العصابات التي تعيث بأمن البصرة وفرض هيبة الدولة وتحقيق الأمن المجتمعي للمواطن البصري».
وقال الساعدي إن قوات الأمن دخلت خلال الليل بالدبابات والأسلحة الآلية الثقيلة إلى حي الحسين الشمالي وهو بؤرة للقتال العشائري ويعرف أيضا باسم الحيانية. وأضاف أن القوات بدأت بدعم من طوافات العسكرية مداهمة منازل ومصادرة أسلحة.
وذكرت مصادر أمنية أن قوات الأمن اعتقلت نحو 30 شخصا في اتهامات جنائية وصادرت أسلحة آلية وقذائف هاون وأخرى صاروخية وبنادق وكميات كبيرة من الذخيرة.
وأضاف البزوني أنّ حماية الأمن في محافظة البصرة التي تشكل عصب اقتصاد البلاد صارت لها الأولوية.
ويشكل النفط نحو 40 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للعراق وأكثر من 90 في المئة من إيرادات الميزانية وميزان المعاملات الجارية.
ولكن تراجع أسعار النفط وتكلفة القتال ضد المتشددين شكلا ضغطا على خزينة الدولة.
وبنيت ميزانية البلاد للعام 2016 على توقع أن يكون سعر برميل النفط 45 دولارا وأن تصدر البلاد ما متوسطه 3.6 ملايين برميل يوميا.
وتراجع متوسط ما تصدره البلاد من جنوب العراق في الشهر الماضي إلى ما متوسطه 3.215 برميلا يوميا نزولا من مستوى قياسي سجل في تشرين الثاني. ولكن مستوى التصدير المسجل الشهر الماضي أكثر مما سجل في الشهر ذاته العام الماضي.
ويشتكي أهل البصرة من أنه بالرغم من أن الجزء الأكبر من صادرات النفط العراقية تنتج وتصدر من محافظتهم، إلا أنهم لا يتمتعون بمزايا.
الى ذلك، حث المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني الحكومة على منع هجمات المتشددين، وأدان التفجيرات التي استهدفت خلال الأسبوع الحالي مساجد للسنة في محافظة ديالى.
وقال السيستاني، في خطبة الجمعة التي ألقاها ممثله الشيخ عبد المهدي الكربلائي وبثها التلفزيون الرسمي: «شهدت مدينة المقدادية في محافظة ديالى قبل أيام أعمالا إرهابية واعتداءات مؤسفة على عدد من المساجد ومنازل المواطنين، ما له تداعيات خطيرة على السلم الأهلي والعيش المشترك لأبناء هذا الوطن، وإننا إذ ندين بشدة هذه الاعتداءات، نحمّل القوات الأمنية الحكومية مسؤولية المنع من تكرارها».
وشهدت سبعة مساجد للسنة على الأقل وعشرات المتاجر في بلدة المقدادية هجمات يوم الثلاثاء الماضي، بعد مقتل 23 شخصا في تفجيرين استهدفا مقاتلين شيعة.
من جهة أخرى، أقر الجيش الاميركي بوقوع ثمانية قتلى مدنيين في ضربات جوية للتحالف الدولي خلال قصف مواقع لتنظيم «الدولة الاسلامية» في العراق وسوريا بين نيسان وتموز الماضيين، ما يرفع عدد القتلى المدنيين الذين اعترف بهم منذ بدء القصف الى 14.
وأفاد بيان صادر عن القيادة العسكرية الاميركية في الشرق الاوسط («سنتكوم») ان التحقيقات العسكرية التي أجريت بعد خمس ضربات جوية كشفت انها «تسببت على الارجح بمقتل ثمانية مدنيين واصابة ثلاثة آخرين بجروح».
ولا يعلن التحالف عن سقوط قتلى مدنيين في القصف إلا بعد أشهر من التحقيقات.
وسبق أن اعترفت قوات التحالف بمقتل اربعة مدنيين في آذار الماضي على حاجز في حضرة في العراق، وبمقتل طفلين في تشرين الثاني في حارم في سوريا.
وأضاف البيان العسكري الاميركي «نأسف كثيرا للضحايا الذين سقطوا من غير قصد نتيجة هذه الضربات».
الى ذلك، أعلن الجيش الأميركي، في بيان، أن طائرات الولايات المتحدة والحلفاء شنت 24 غارة على أهداف لتنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا، أمس الاول، في أحدث جولة من الطلعات اليومية التي ينفذها التحالف على التنظيم المتشدد.