واشنطن - افراسيانت - أغلقت منظمة التحرير الفلسطينية مكاتب بعثتها في العاصمة الأميركية واشنطن أمام جمع غفير من ممثلي المنظمات الأميركية الفلسطينية والمنظمات المتضامنة مع القضية الفلسطينية ، بمن فيها عدد من المنظمات اليهودية الأميركية التقدمية، وعشرات الصحافيين الذي تجمعوا خارج مبنى العمارة حي جورجتاون في واشنطن، وألقوا بكلمات تضامنية مع نضال الفلسطينيين من أجل الحرية وإنهاء الاحتلال وحق العودة .
وقالت البعثة في بيان لها أمام المتظاهرين والصحافة أن وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أن الموظفين الدبلوماسيين في المفوضية العامّة لمنظمة التحرير الفلسطينية لدى الولايات المتحدة، "قد أنهوا كافة أعمالهم في الولايات المتحدة، في خطوة تأتي في أعقاب القرار العدائي والتعسفي للإدارة الأميركية والقاضي بإغلاق المفوضية العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية، بما يعني قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين حكومتي البلدين."
وأضاف البيان "كما وأكدت الوزارة أن حكومة دولة فلسطين ستحافظ على وعودها القاطعة لمواطنيها المقيمين في الولايات المتحدة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة كي لا تتعطل مصالحهم أو تتأثر بهذا القرار، وشددت أنها ستجد الطرق البديلة لمواصلة تقديم الخدمات القنصلية وضمان استمرار خدمة المواطن وحماية مصالحه" مشددة أن العلاقات الدبلوماسية القائمة على الاحترام المتبادل هي حجر الزاوية في الحوار والتعاون بين الأمم والشعوب، وهو الأمر المعمول به في الأعراف الدولية منذ مئات السنين. وأشارت إلى أن السياسات والأفعال الهجومية والعدائية، غير الناجعة للإدارة الأميركية الحالية، والقائمة على الامتلاءات وفرض التفاوض بدلا عن التعاون، هو ما يقصي الإدارة الأميركية ويبعدها عن أي دور في العملية السياسية، التي نتطلع إليها لتحقيق العدل والسلام الدائم تماشيا مع القوانين الدولية، إذ لا يمكن أن تستمر الإدارة الأميركية في لعب دور الوسيط في الوقت الذي تعكس أفعالها إجحافا وعدائية.
وفي الختام، أكد البيان أن "السياسات الأميركية الضارة لن تلقي بظلالها على العلاقات القوية بين الشعب الفلسطيني والمدافعين عن السلام والتعاون في الولايات المتحدة ، وشددت أنها ستواصل العمل الدؤوب من أجل تعميق الروابط بين الشعبين مع الالتزام المشترك بقيم الحريّة والكرامة لجميع الشعوب". "وأضافت أن الشعب الفلسطيني يقدّر عاليا الشعب الأميركي الطيب والسخي بدعمه المتواصل لنضال شعبنا المشروع في الحفاظ على الكرامة وانتزاع حريته من براثن الاحتلال الأجنبي الاستعماري ونظام التمييز العنصري".
بدوره قال روبرت باديللو ، الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ردا على سؤال وجهته له "القدس" عما إذا كانت حكومته ترغب في إعادة فتح المكتب الفلسطيني واستئناف التبادل الدبلوماسي مع الفلسطينيين؟
وقال "أن حكومته لم ترى ما يغير وجهة نظرها منذ اتخاذها قرار إقفال المكتب يوم 10 أيلول 2018 والذي منح البعثة مدة 30 يوما لإخلاء البناية".
وسيطرت العواطف الجياشة على الحاضرين المتضامنين مع القضية الفلسطينية عندما خلع القنصل الفلسطيني حكم طقش اللوحة التي تعرف "المفوضية العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية" التي تشير إلى هوية البعثة من على الحائط الأمامي للعمارة على أنغام أغنية "منتصب القامة أمشي" للفنان مرسيل خليفة وكلمات الشاعر الفلسطيني الراحل سميح القاسم.
وفيما أقفلت البعثة، ظل العلم الفلسطيني يرفرف عاليا حيث صرح ا وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي "رغم أن المكتب لم يعد رسميا مقرا لبعثة فلسطين، بعد أن تم إغلاقه وتفريغ محتوياته، فكل ما سنعمله هو خلع اللوحة على المدخل التي تشير أن هنا يقع مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية. أما العلم فيبقى حيث هو، على اعتبار أن العمارة هي ملك خاص، وليست ملك حكومي، ويستطيع صاحب الملك أن يرفع أي علم يريد، إلا إذا أخبرته الدولة على إنزاله" مؤكدا "إن السواعد الفلسطينية لن تنزل أي علم فلسطيني، تلك السواعد التي دأبت على رفعه في كل مكان ودفعت اثمانا لذلك".
وكان العلم الفلسطيني قد رفع رسميا على مبنى البعثة يوم 19 كانون الثاني 2011.
وكانت الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت قد أصدرت بيانا يوم 10 أيلول 2018 أعلنت فيه إغلاق مكتب مفوضية منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة الأميركية.
وقال البيان المذكور " قد قررت الإدارة بعد مراجعة دقيقة أن يغلق مكتب البعثة العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن. لقد سمحنا لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية بالقيام بعمليات تدعم هدف تحقيق سلام دائم وشامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ انتهاء التنازل السابق في شهر تشرين الثاني 2017. ومع ذلك ، لم تتخذ منظمة التحرير الفلسطينية الخطوات اللازمة لبدء تقدم مباشر. ومفاوضات هادفة مع إسرائيل". وأضاف بيان الوزارة "على العكس ، أدانت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية خطة سلام أميركية لم ترها بعد ورفضت الانخراط مع الحكومة الأميركية فيما يتعلق بجهود السلام وغيرها. وعلى هذا الأساس، وتماشيا مع مخاوف الكونغرس ، قررت الإدارة أن مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن سيغلق في هذه المرحلة". وسلطت ناورت الضوء في بيانها على أنه "ينسجم هذا القرار أيضاً مع قلق الإدارة والكونجرس بشأن المحاولات الفلسطينية الرامية إلى إجراء تحقيق في إسرائيل من قبل المحكمة الجنائية الدولية".
وأكدت ناورت للقدس أنه "ما زالت الولايات المتحدة تعتقد أن المفاوضات المباشرة بين الطرفين هي الطريق الوحيد للتقدم، لا ينبغي استغلال هذا الإجراء من قبل أولئك الذين يسعون إلى العمل كمفسدين (لعملية السلام) ، لصرف الانتباه عن ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام. إننا لا نتراجع (باتخاذ هذه الخطوة) عن جهودنا لتحقيق سلام دائم وشامل".
يجدر بالذكر أن السفير الفلسطيني في واشنطن كان قد استدعي من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم 15 أيار 2018 الماضي احتجاجا على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب غلى القدس المحتلة ، ولم يعد للعاصمة الأميركية منذ ذلك الوقت.
وقد ساءت العلاقات الفلسطينية الأميركية بشكل ملحوظ منذ العاشر من أيلول 2018 وحتى اليوم.