افراسيانت - علاء حلبي - هدوء حذر يسود ريف حلب الشمالي منذ يومين، بعد عدة أيام على معارك عنيفة إثر تقدم الجيش السوري والفصائل التي تؤازره نحو معقل الفصائل المسلّحة في الريف المفتوح على الحدود التركية، تبعه ردّة فعل عنيفة من قبل الفصائل المسلّحة، التابعة إلى «الجبهة الشامية»، التي طلبت العون من فصائل «جهادية» («جبهة النصرة» و «جيش المهاجرين والأنصار»)، اشتعل معها الريف لساعات طويلة، قبل أن يعود الهدوء على وقع خريطة سيطرة جديدة، في وقت اشتعل فيه ريف إدلب الشمالي الشرقي بعد إعلان نحو 12 فصيلاً مسلّحاً بدء عملية أطلقوا عليها اسم «تحرير الفوعة وكفريا».
وقال مصدر عسكري، لـ «السفير»، إن الفصائل المسلّحة، وأبرزها «جبهة النصرة» و «جيش الإسلام» و «فيلق الشام» و «لواء شهداء ادلب»، شنّوا هجوماً عنيفاً على القريتين من مزارع بروما ومعرتمصرين على المحور الشمالي ومن بنش على المحور الشرقي، في محاولة لاقتحام القريتين.
وأشار إلى أن قوات الدفاع عن القريتين تصدت للهجوم، وتمكنت من وقفه، وسط اشتباكات عنيفة في مزارع بروما، وقصف عنيف طال القريتين بمختلف أنواع القذائف، ما تسبب بسقوط قتلى وجرحى من المدنيين.
وأكد المصدر أن «قوات الدفاع عن القريتين عازمة على دحر الإرهابيين، ومنعهم من التقدم مهما كلّف الأمر»، مشيراً إلى مقتل أكثر من 20 مسلحاً، خلال الهجوم الفاشل، في وقت ذكر فيه مصدر معارض أن أكثر من 30 مصاباً من المسلحين أسعفوا في المستشفيات التركية عن طريق معبر باب الهوى.
وفي ريف حلب، تباينت خريطة السيطرة لفترة، قبل أن تستقر بشكل مؤقت على واحدة جديدة يحتل فيها الجيش السوري نصيب الأسد. فبعد أن توجه الجيش من قرية سيفات، وعلى نحو مفاجئ، نحو باشكوي وصولاً إلى رتيان قرب قريتي نبّل والزهراء المحاصرتين، تمكن لعدة ساعات من استكمال الطوق العسكري حول حلب وقطع طرق إمداد المسلحين، يتراجع إلى خطوط خلفية، متخلياً عن قريتين من سبع قرى كان قد سيطر عليها، لينفك الطوق مجدداً، وتفرض الفصائل المسلحة سيطرتها على قريتي حردتنين ورتيان، في حين ثبّت الجيش مواقعه في خمس قرى بشكل كامل، وهي مصيبين وكفرتونة ومسقان وباشكوي ودوير الزيتون.
وبشكل مواز للمعارك التي كانت مندلعة قرب قريتي نبّل والزهراء، أشعلت «النصرة» و «جيش المهاجرين» جبهة مزارع الملاح قرب مخيم حندرات، حيث تمكنت هذه الفصائل من السيطرة على عدة مزارع، تبعها ردة فعل عنيفة من قبل الجيش السوري الذي كثّف قصفه وغاراته، الأمر الذي ساهم بامتصاص الهجوم والحد من تمدده، لتشهد هذه الجبهة أيضاً هدوءاً حذراً.
وفي هذا السياق، كشف مصدر ميداني، لـ «السفير»، أن وفداً عسكرياً رفيع المستوى زار حلب قادماً من دمشق، حيث عقد عدة اجتماعات مع المسؤولين عن العملية العسكرية، لبحث الوضع الحالي ودراسة طرق استكمالها، خصوصاً أن «جهات دولية وقفت في صف المسلحين وقادت غرف عملياتهم»، في إشارة إلى التورط التركي، مضيفاً أن من بين المواضيع التي تمت مناقشتها ودراستها قضية «أسرى الجيش» الذين وقعوا في قبضة مسلحي «الجبهة الشامية» في قرية رتيان، وظروف إجراء تبادل الأسرى مع المسلحين، بعد تمكن الجيش السوري من أسر أكثر من 50 مسلحاً خلال العملية.
ومن التغيرات الجديدة التي ستشهدها معركة الريف الشمالي، المزمع استكمالها، دخول قوات الدفاع، التي يقودها العقيد سهيل الحسن، الملقب بـ «النمر»، وهي من «النخبة» التي ساهمت بفك الحصار عن مدينة حلب ورسم الطوق في محيط المدينة الشرقي والشمالي الشرقي، كما ذاع صيتها بعد فك الحصار عن سجن حلب المركزي وتحرير المدينة الصناعية في منطقة الشيخ نجار، واستعادة حقل الشاعر للغاز في ريف حمص.
ويعرف عن هذه القوات «شراستها في وجه الفصائل الجهادية»، وفق تعبير مصدر ميداني، معتبراً أنها «مؤشر جديد على قرب استكمال الطوق في محيط حلب وفك الحصار عن قريتي نبّل والزهراء»، في وقت قال مصدر معارض إن الفصائل المسلحة كثفت بدورها اجتماعاتها، وحشدت المزيد من القوات على جبهات القتال، استعداداً لأي تقدم جديد للجيش السوري، الأمر الذي يوحي بمعارك عنيفة جداً سيشهدها الريف الذي يؤمن طرق إمداد كبيرة للمسلحين.