الموصل (العراق) - افراسيانت - تضاربت التقارير بشأن انفجار وقع في مدينة الموصل العراقية قبل أسبوع في أعقاب غارة جوية شنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم (داعش) يقول مسؤولون محليون إنها أدت إلى هدم مبان وقتل ودفن الكثير من الأشخاص.
وقال الجيش العراقي امس إن 61 جثة انتُشلت من تحت أنقاض مبنى قام تنظيم (داعش) بتلغيمه في غرب الموصل لكن لا يوجد ما يشير إلى أن غارة جوية للتحالف قد استهدفته.
واختلف البيان العسكري عن تقارير شهود عيان ومسؤولين محليين قالت إن جثثا كثيرة انتُشلت من تحت أنقاض المبنى بعد غارة للتحالف استهدفت مقاتلي وعتاد تنظيم (داعش) في حي الجديدة.
وقالت مديرية الصحة التابعة لمحافظ نينوي، إن 160 جثة دُفنت رسميا بعد انتشالها من الموقع، فيما قال شهود إن مباني سويت بالأرض بسبب الانفجار الذي وقع في 17 آذار (مارس) الجاري.
ولا تزال ملابسات الواقعة التي حدثت 17 آذار (مارس) الجاري غير واضحة وتفاصيلها يصعب التحقق منها فيما تقاتل القوات العراقية مسلحي (داعش) للسيطرة على مناطق مكتظة بالسكان في الشطر الغربي من الموصل آخر معقل كبير للتنظيم المتطرف في العراق.
ووصف شهود مشاهد مروعة من الانفجار الذي وقع في 17 آذار (مارس) الجاري مع تناثر أجزاء من جثث فوق الأنقاض ومحاولة سكان بشكل يائس انتشال ناجين وأشخاص آخرين مدفونين تحت الأنقاض بشكل يصعب الوصول إليهم.
وقال أبو أيمن وهو من سكان الموصل الجديدة إنه شعر بالأرض تهتز كما لو كان زلزالا قد وقع. وأضاف أن هجوما جويا استهدف الشارع الذي يقيم فيه.
واكد إنه سمع صراخا وبكاء صادرين من المنزل المجاور، مشيرا الى انه بعد توقف القصف خرج مع بعض الجيران ووجدوا أن بعض المنازل الموجودة في شارعه قد سويت بالأرض.
ومع استمرار المعارك سلطت واقعة حي الجديدة الضوء على تعقيد المعارك في غرب الموصل، حيث يختبئ مقاتلو (داعش) وسط الأسر ويتخذون منها دروعا بشرية ، ما يعرض للخطر ما يصل إلى نصف مليون شخص لا يزالون داخل مناطق خاضعة لسيطرة المتشددين.
واستهدفت قوات عراقية مواقع للمتشددين بضربات من طائرات هليكوبتر وتبادلت إطلاق النيران والصواريخ بشكل مكثف حول جامع النوري في غرب الموصل الذي أعلن زعيم (داعش) أبو بكر البغدادي من على منبره دولة "خلافة" على مناطق شاسعة في العراق وسوريا قبل ثلاثة أعوام.
وفي الطرف الشمالي للموصل، قال المقدم علي جاسم من الوحدة التاسعة المدرعة، إن وحدات من الجيش العراقي اقتحمت مصنعا للأسمنت في بادوش كان المتشددون قد تقهقروا إليه. وتقوم وحدات من الجيش بتطهير قرى إلى الشمال.
وفر آلاف بالفعل من الموصل ويخشى مسؤولون في التحالف وفي الحكومة التي يقودها الشيعة من وقوع حوادث قد تجعل السكان في المدينة ذات الأغلبية السنية يشعرون بالإقصاء بما قد يؤجج توترات طائفية ساعدت على صعود (داعش).
وقال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويدعم القوات العراقية يوم السبت إنه نفد ضربة على مقاتلين وعتاد لتنظيم (داعش) في المنطقة التي تم الإبلاغ فيها عن سقوط قتلى لكنه لا يزال يحقق. ولم يعط البيان أعدادا للضحايا أو تفاصيل عن الأهداف.
وقالت قيادة الجيش العراقي إن شهودا قالوا لقواته إن المتشددين لغموا المباني وأجبروا السكان على الدخول إلى أقبيتها لاستخدامهم كدروع بشرية. وأضافت أن مسلحي (داعش) أطلقوا النار على القوات من تلك المنازل.
وقال البيان "تم تشكيل فريق من الخبراء العسكريين من القادة الميدانيين لفحص مكان البيت الذي تناقلته وسائل الإعلام وتبين أن البيت مدمر بشكل كامل 100 بالمئة. وجميع جدرانه مفخخة ولا توجد أي حفرة أو دالة على أنه تعرض إلى ضربة جوية. ووجد بجواره عجلة كبيرة مفخخة مفجورة وتم إخلاء 61 جثة منه".
وقالت القيادة إن غارة جوية للتحالف استهدفت المنطقة في ذلك الوقت رغم عدم وجود ما يشير إلى إصابتها ذلك المبنى .
* روايات متضاربة
لكن الأرقام التي ذكرها كانت أقل مما ذكره مسؤولون محليون آخرون. وقال مسؤول محلي في البلدية إن 240 جثة انتشلت من تحت الأنقاض.
وقال نائب محلي وشاهدان إن الضربة الجوية للتحالف ربما استهدفت شاحنة ملغومة كبيرة ما تسبب في انفجار أدى لانهيار المباني.
وقال غزوان الداوودي، رئيس مجلس حقوق الإنسان المحلي في محافظة نينوى، إن فريقه قام بزيارة ميدانية وقال إن 173 شخصا قتلوا بعد أن أجبرهم المتشددون على النزول في خندق وفتحوا النار على طائرات هليكوبتر قتالية حتى يتم تنفيذ ضربة جوية.
وقال شاهد آخر اسمه أبو عبيد ويعمل مدرسا لوكالة (رويترز) إن تنظيم (داعش) أوقف سيارة ملغومة في الحي. وأضاف أن الكارثة بدأت بانفجار ضخم ثم عدة انفجارات أخرى. وقال إنه عندما خرج من منزله بعد ثلاث ساعات كانت منازل كثيرة قد دُمرت.
وتمكنت القوات العراقية من استعادة السيطرة على الجزء الشرقي من المدينة بالكامل ونحو نصف الجانب الغربي عبر نهر دجلة الذي يقسم المدينة لنصفين. لكن سكانا بالآلاف يفرون يوميا من القتال والظروف شديدة الصعوبة داخل المدينة.
وتسارع جماعات إغاثة لإقامة مخيمات لمواجهة زيادة الأعداد.
وقال المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن تقارير غير مؤكدة قالت إن نحو 700 مدني قتلوا في ضربات جوية نفذها التحالف والحكومة العراقية أو على يد (داعش) منذ بدء الحملة على غرب الموصل في 19 شباط (فبراير) الماضي.
وفي وقت لاحق ، اعتبر قائد القوات الاميركية في الشرق الاوسط، ان مقتل عدد كبير من المدنيين في ضربات جوية في الموصل العراقية يشكل "مأساة رهيبة"، من دون ان يقر رسميا بأن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن شن هذه الغارات.
وقال الجنرال جو فوتل في بيان "نجري تحقيقا حول هذا الحادث لنحدد بالضبط ما حصل، ونواصل اتخاذ اجراءات استثنائية لتجنب ضرب المدنيين".
واكدت قوات التحالف انها وجهت ضربات الى القطاع الذي سقط فيه العدد الكبير من المدنيين في غرب الموصل.
وقال مسؤولون عراقيون وشهود ان الضربات الجوية ضد الجهاديين خلال الايام الماضية ادت الى مقتل مدنيين يتراوح عددهم بين عشرات ومئات، غير أنه لم يكن ممكنا تأكيد الحصيلة لدى مصدر مستقل.
وفي السياق ذاته، قال الجنرال الأمريكي ماثيو إيسلر وهو نائب للقائد العام للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويحارب تنظيم (داعش) في العراق يتخذ كل الإجراءات لحماية المدنيين وسيحقق في تقارير تحدثت عن مقتل مدنيين خلال عملية في الموصل.
وقال الجنرال إيسلر لوكالة (لرويترز)، إنه لا يستطيع تقديم تفاصيل بشأن التحقيق العسكري الذي يجري في مقتل مدنيين بغرب الموصل في غارة 17 آذار (مارس) الجاري.
واضاف إيسلر عبر الهاتف من بغداد إن"التحالف يتخذ كل إجراء ممكن لحماية المدنيين من الأذى. التحالف يأخذ أي إدعاء على محمل الجد ويحقق في كل الادعاءات ذات المصداقية".