واشنطن تدعم مؤتمر موسكو.. لدمج الجيش في التحالف ضد الإرهاب .. المعارضة السورية تقدم ورقتها للسلطة اليوم: تجزئة الحل
افراسيانت - محمد بلوط - مع ورقة موسكو، التي تجزّئ في نقاطها العشر، مسيرة الحل في سوريا، وتضع الإنساني قبل السياسي، لم يجانب «الائتلاف الوطني السوري» المعارض الصواب في تحميل بيانه بالأمس اتهامات لاجتماع موسكو، بالالتفاف على بيان «جنيف واحد».
ذلك أن اليوم الثاني لمشاورات المعارضة، قبل الوقوف اليوم في قاعة واحدة إزاء المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، وصحبه من وفد الحكومة السورية إلى موسكو، استبطن كل محاذير الفشل، والألغام السياسية، التي يحملها «جنيف واحد»، التي اختبرها السوريون قبل عام تحديداً في مونترو أولاً، وفي جنيف ثانياً.
وبغضّ النظر عن الوزن الداخلي لثلاثين معارضاً سورياً التقوا في دار الضيافة لوزارة الخارجية الروسية، تحت أنظار رئيس «معهد الاستشراق» فيتالي ناومكين، الذي انتدبه حذر روسي وديبلوماسي كبير، لحراسة الحوار وترتيب أحواله، من دون التدخل فيه، فقد تدخل المستعرب الروسي مرة واحدة ليقترح على المتحاورين «حصر السلاح بيد الدولة» وليس الجيش، لأنه احد مؤسساتها.
وكان استبيان عن اتجاهات الرأي العام السوري صدر بالأمس عن «تيار بناء الدولة»، كشف عزوف السوريين الكبير عن الانتماء الحزبي، وترجيحهم كفة معارضة الداخل في خريطة التمثيل السياسي، على ضعفه، كما كشف وجود نسب تلامس 90 في المئة تضع قضايا الحريات وإطلاق المعتقلين وحل القضايا الإنسانية أولاً، فيما تأتي قضايا الحل السياسي والتفاوض ثانيا.
وبعيدا عن دمشق، من موسكو، تولى خالد عيسى، وفاتح جاموس، وصفوان عكاش، ومجد نيازي، وميس كريدي، صياغة أمزجة المستطلعين في مسودة مشتركة، نيابة عن المتحاورين. وكانت مسودة أولى قد رُدّت لتعديلها، بعد أن طالب ممثلو مجلس العشائر، بتسمية الجيش، بالعربي السوري، فيما طلب الأكراد استبدال حصر السلاح بيد الجيش، بنص يقول بحصرية السلاح بمؤسسات الدولة، وأن تعطى «وحدات حماية الشعب» الكردية صفة قانونية، قبل أن يستقر الرأي على الإبقاء على النص بوجهته الأصلية، مع وضعه تحت صفة استثنائية. وعكست النقاشات على المسودة، انحياز معارضي الداخل بقوة إلى أولوية الحل الإنساني.
ويبدو أن التوصل إلى ورقة تجعل من الملف الإنساني أولاً، قبل السياسي، سيعزز الاتجاه إلى المقاربة الجديدة، التي تجزّئ الحل السوري، وتحيل المسير إليه خطوة خطوة. وصحيح أن ورقة موسكو المعارضة، تستمهل بيان «جنيف واحد»، وترجئ البحث بأي عملية انتقالية، إذ أنها لم تعد تعكس لا الحقائق الميدانية واضمحلال «الجيش الحر»، ولا انخراط إسرائيل المتزايد، و»القاعدة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش» في الصراع، ولا التغييرات الدولية في الموقف من دمشق، وبقاء الرئيس الأسد في الحكم .
وخلال النهار، بعد أن ينهي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كلمته أمام المعارضين والحكوميين، سيلقي احد المعارضين السوريين في موسكو، الذي لم يتفق على اسمه بالأمس، مسودة ورقة تفاهم حوار اليومين السوريين. ورغم أن ديباجة سياسية تقدمت عشر نقاط «إنسانية وبناء ثقة» تركز على تجزئة الحل، إلا أن المتحاورين، بحسب احدهم، قد يذهبون إلى حذف الديباجة السياسية في الوقت الحاضر، كبادرة حسن نية من المعارضة، من اجل ضمان استمرار الحوار «لان الاستمرار في الإصرار على جنيف، سيؤدي إلى انتهاء العملية السياسية ويفشل موسكو، التي انتظرت عاماً كاملاً ودامياً قبل أن تعود إلى الحياة إلى السياسة» على ما قاله معارض سوري.
وكانت الديباجة السياسية تتضمن ثلاث نقاط، تؤكد على أولوية الحل السياسي على أساس بيان جنيف و»مبادئه». وتنص المادة الثانية على اعتبار جميع السوريين المؤمنين بالحل السياسي شركاء في الحوار السوري - السوري. وتذهب المادة الثالثة إلى ترتيب الملحّ من القضايا في حزمة واحدة، تضم ما يلي:
* الانتقال إلى دولة مدنية ديموقراطية على أساس مبدأ المواطنة، وضمان المساواة بين السوريين، وبين الجنسين، وضمان حقوق التكوينات القومية والاثنية للشعب السوري.
* مكافحة وهزيمة الإرهاب، ومواجهة قوى التدخل الخارجي.
وقال مسؤول سوري كردي إن حذف الديباجة، المؤلفة من نقاط ثلاث، يعد من وجهة نظر كردية سورية تعبير عن انعدام الرغبة في تغيير ديموقراطي للنظام، الذي باتت تتقاسمه أطياف من المعارضة السورية، مضيفا إن حذف الديباجة سيكون إقصاء للطرف الكردي، والإدارة الذاتية.
أما النقاط العشر في المسودة، التي ستطرح للحوار بشكل أساسي مع الوفد الحكومي اليوم، فتضم ما يلي:
1- وقف عمليات القصف العشوائي (البراميل المتفجرة، مدافع جهنم) التي تصيب المدنيين.
2- إطلاق سراح معتقلي الرأي كافة، والناشطين السلميين والنساء، والأطفال.
3- تحرير المخطوفين والأسرى، وخصوصا النساء والأطفال.
4- إدخال الدواء والغذاء إلى كافة المناطق السورية.
5- تشكيل هيئة حقوق إنسان سورية، يحق لها التدخل المباشر في أي قضية انتهاك حقوق إنسان.
6- كسر احتكار الإعلام، وفتح أبوابه أمام السوريين كافة.
7- تشكيل لجان مشتركة لانجاز هذه الخطوات.
8- العمل على وقف العقوبات الاقتصادية والحصار المفروض على الشعب السوري.
9- حل ملف الاعتقال القديم.
10- ينبغي لأي عملية سياسية أن تؤدي إلى حصر السلاح في يد الدولة السورية مستقبلاً.
وبحسب مصادر سورية في موسكو فقد تلقى اللقاء التشاوري تأييداً أميركياً. وقال معارض سوري إن الروس ابلغونا أن ديبلوماسيين اميركيين ابلغوا معارضين سوريين في موسكو بضرورة دعم اللقاء في موسكو، والعمل على إنجاحه، لأنه لا بديل عن العملية التي يقودها الروس في الوقت الحاضر. وقال معارض سوري إن الأميركيين ابلغوا من التقوهم بضرورة مواصلة الحوار خلال الأشهر الستة المقبلة، لتسهيل دمج الجيش السوري في التحالف ضد الإرهاب، والحاجة إلى المرور عبر عملية سياسية قبل الوصول إلى هذا الهدف.