محادثات جزائرية تركية حول الأزمة الليبية، والدايري يطالب المجتمع الدولي بمد جيش بلاده بالسلاح.
طرابلس - افراسيانت - دائما ما كانت تصريحات المسؤولين في تركيا مثيرة للجدل خصوصا المتعلقة منها بالأزمة الليبية ولكن يبدو أن تركيا تسعى للظفر بدور وساطة جديد لتفنيد كل الاتهامات حول دعمها المكثّف لإخوان ليبيا، وذلك بإجراء محادثات مع نائب وزير الخارجية الجزائري وبدعم جهود الأمم المتحدة لإنجاح الحوار بين الفرقاء وبالتنصّل جزئيا من تيار الإسلام السياسي الممثل في حكومة عمر الحاسي.
أكد أمرالله إيشلار، مبعوث الرئيس والحكومة التركية الخاص بليبيا، أن أي تدخل عسكري خارجي في ليبيا سيعمق الأزمة التي تعاني منها البلاد.
وأضاف في مؤتمر صحفي عقده بمطار إيسانبوغا الدولي في أنقرة، أن الجهود المخلصة التي يبذلها الليبيون من أجل إنقاذ بلادهم من الفوضى دون اللجوء إلى التدخل العسكري، تشعره بالأمل.
وعموما يختلف مراقبون، في طبيعة التدخل الذي يتجه إليه المجتمع الدولي، بين من يرى حتمية التدخل العسكري المباشر، ومن يعتقد أن التدخل سيقتصر على الضغط لجمع الأطراف الليبية في عملية سياسية، تحترم الشرعية التي تمثلها الحكومة المنتخبة، وتوفر للمجتمع الدولي والقوى الإقليمية شريكا ليبيا مستعدا وقادرا على محاربة الإرهاب.
ويرى خبراء أمنيون أن أي تدخل ضد المتطرفين في ليبيا، يجب التنسيق فيه مع دول الجوار، خصوصا مصر والجزائر وتونس، باعتبارها الدول الأكثر تضررا من عدم الاستقرار هناك.
والتقى إيشلار منذ يومين خلال زيارة إلى الجزائر، عبدالقادر مساهل، نائب وزير الخارجية الجزائري المكلف بالشؤون المغاربية والأفريقية، لبحث سبل حلّ الأزمة الليبية المتفاقمة.
وأكد مبعوث أردوغان الخاص أن وجهة نظر تركيا فيما يتعلق بأسلوب حل الأزمة الليبية واضحة وتعتمد على أسس حوار شامل يجمع كلّ الأطراف، مؤكدا على أهمية التوصل إلى وقف إطلاق النار لتسيير عملية الحوار.
وأعرب إيشلار عن أمله في أن يتفق الليبيون على تشكيل حكومة وحدة وطنية، من أجل تطبيق خارطة طريق تعمل على تحقيق الاستقرار وتأمين الحدود.
ويبدو من خلال تصريحات المسؤول التركي أن بلاده بدأت في لعب دور جديد في ليبيا قوامه الوقوف على الحياد وتجنّب المواقف الداعمة لشقّ دون آخر.
ويرى مراقبون أن تركيا خفّفت من دعمها المعلن لتيار الإسلام السياسي في ليبيا، خاصة بعد تواتر الاتهامات حول تغذية القيادة في أنقرة للصراع الدائر بين قوات حفتر المناهضة للإرهاب وميليشيا “فجر ليبيا” الموالية للمتشددين.
وذهب عدد من المراقبين إلى حدّ اعتبار أن تركيا تنصّلت من جماعة الإخوان في ليبيا الذين أثبتوا فشلهم في تسيير الشأن العام وفي فرض السيطرة على مؤسسات الدولة وفق أجندة خارجية مرسومة مسبقا.
لكن شقّا واسعا من المحللين أكد أن السلطات التركية ورغم ما تبديه من تحفظ وصفته بـ”المغشوش” إزاء الجماعات الإسلامية في ليبيا، إلاّ أنها تواصل دعمها وتأييد مشروعها وطرحها السياسي.
يشار إلى أنه بعد سقوط نظام العقيد القذافي تحولت ليبيا إلى قبلة لجماعات متشددة، ينتمي أغلبها لتنظيم القاعدة وتنظيم الإخوان المسلمين المحظور دوليا، ووجدت هذه الجماعات دعما من دول مثل قطر وتركيا ما مكنها من تكوين ميليشيات واقتطاع أجزاء من الأراضي الليبية وإقامة كيانات صغيرة خاصة بها.
وأمام تدهور الوضع الأمني واستفحال الظاهرة الإرهابية، دعا وزير الخارجية الليبي محمد الدايري المجتمع الدولي إلى مد جيش بلاده بالسلاح ودعمه في مكافحة الإرهاب، الذي “يعصف بأمن البلاد ويهدد الدول المجاورة”.
وعبّر الدايري في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، عن أمله في أن يحصل توافق عربي ودولي على مكافحة الإرهاب في ليبيا، مثلما حصل في سوريا والعراق، وأن يدعم المجتمع الدولي الجيش الليبي بالسلاح ليتمكن من فرض الاستقرار والأمن في البلاد.
وذكر أن قرار الجامعة العربية برفع حظر الأسلحة عن ليبيا كان جماعيا وملزما، رغم تحفظات بعض الدول، وأرجع ذلك إلى “عدم وضوح الرؤية العامة عربيا ودوليا للوضع في ليبيا”.
وأشار إلى غياب الدعم العسكري والاستخباراتي الغربي للحكومة الموالية لمجلس النواب والمعترف بها دوليا، موضحا أن الدول الغربية تشترط تشكيل حكومة وحدة وطنية لمدها بالمساعدات اللازمة.
وتعالت في الآونة الأخيرة الأصوات المنادية بضرورة دعم الجيش الليبي في حربه ضدّ التنظيمات الجهادية ورفع حظر الأسلحة عن ليبيا، وهو ما لم تستجب له الأمم المتحدة لاعتبارات عدّة أهمها أن قرارا مماثلا سيكثّف حالة الفوضى وسيحوّل ليبيا إلى خزّان للأسلحة التي من المرجح أن يستفيد منها المتشددون.
ومعلوم أن مجلس الأمن أصدر قـــرارا سنة 2011 (قرار رقم 1970) بحظر الأسلحة عن ليبيا.
ولكن هذا القرار تضمّن استثناءات تبيح تزويد وبيع ونقل الأسلحة والمواد ذات العلاقة، بما في ذلك ذخائرها وقطع غيارها، إلى ليبيا بعد الموافقة عليها مسبقا من قبل لجنة العقوبات.