افراسيانت - غداة تسريب معلومات عن زيارة يقوم بها وفدٌ من حركة «أنصار الله» إلى السعودية كخطوة أولى على طريق إنهاء الحرب المتواصلة منذ آذار العام الماضي، سارع «التحالف» إلى الإعلان عن إتمام عمليّة تبادل أسرى، هي الأولى، بين السعودية والحوثيين، مؤكداً تجاوبه مع «تهدئة» حدوديّة، فيما يرجح أن تكون خطوة المملكة ناجمة عن تزايد الضغط جراء الكلفة البشرية والإنسانية العالية لحربها ضدّ اليمنيين، فضلاً عن توسع نفوذ «الجهاديين» في هذا البلد.
وفي إطار التواصل المستجدّ، رأى الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجيّة آدم بارون أنَّ الخطوة «هي من الاختراقات الأكثر أهميّة» منذ بدء الحرب، معتبراً أنَّ من دوافع الخطوة «زيادة القلق لدى حلفاء أساسيّين للسعوديّة من الأزمة الإنسانية المتعاظمة.. وتوسّع تنظيم القاعدة ومجموعات متطرفة أخرى في مناطق تم طرد الحوثيين منها».
واعتبر الباحث الزائر في مركز «كارنيغي» فارع المسلمي، أنَّ السعودية «تبحث بوضوح عن مخرج»، إلّا أنّه شكك في قرب التوصل إلى حلّ، على رغم اعتباره التواصل مع الحوثيين والتهدئة الحدوديّة «بالتأكيد خطوة في الاتجاه الصحيح».
ويأتي التبادل الذي شمل جندياً سعودياً وسبعة يمنيّين، غداة تأكيد مسؤولَين في «اللجنة الثورية العليا» أنَّ وفداً من «أنصار الله»، برئاسة المتحدث الرسمي باسم الحركة محمد عبد السلام، زار المملكة لإجراء محادثات تهدف إلى إنهاء الحرب.
لكن وزيري خارجية السعوديّة واليمن، أكَّدا لاحقاً أنَّ أيّ مفاوضات رسميّة لإنهاء الحرب، لن تجرى إلّا برعاية الأمم المتحدة، وينبغي أن تشمل الحكومة اليمنيّة المستقيلة.
وأعلن «التحالف»، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السعوديّة الرسميّة «واس»، أنَّ «شخصيّات قبليّة واجتماعيّة يمنيّة سعت لإيجاد حالة من التهدئة على الحدود اليمنية المتاخمة للمملكة لإفساح المجال لإدخال مواد طبية وإغاثية للقرى اليمنية القريبة من مناطق العمليات، وقد استجابت قوات التحالف لذلك عبر منفذ عَلب الحدودي».
أضاف البيان «كما تمّ استعادة المعتقل السعودي العريف جابر أسعد الكعبي وتسليم سبعة أشخاص يمنيين تم القبض عليهم في مناطق العمليات بالقرب من الحدود السعودية الجنوبيّة».
وأعربت قيادة «التحالف» عن «ترحيبها باستمرار حالة التهدئة في إطار تطبيقها لخطة إعادة الأمل بما يسهم في الوصول إلى حلّ سياسي برعاية الأمم المتحدة وفق قرار مجلس الأمن الرقم 2216».
من جهته، قال المتحدث باسم «التحالف»، أحمد عسيري، إنَّه «لا مفاوضات مع الحوثيين، بل هي مجرد وساطات قبلية»، مشيراً إلى أن «التحالف يدعم الحكومة الشرعية وليس له أهداف في اليمن».
وعقب اجتماع وزراء خارجيّة دول الخليج ونظرائهم من الأردن والمغرب في الرياض أمس، أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، تأييده جهود المبعوث الأممي إلى اليمن اسماعيل ولد شيخ أحمد الهادفة إلى حلّ الأزمة استناداً إلى القرار 2216، مشيراً إلى أنَّ بلاده ملتزمة بإيجاد حلّ سياسي لأزمة اليمن في إطار جهود السلام التي ترعاها المنظمة الدوليّة. وقال: «يجب الخروج من النزاع اليمني الحالي إلى حالة السلام والاستقرار، كما أنَّ وقف النار فيه مهمّ لإدخال مساعدات طبية وإنسانية».
وبعد ساعات من إعلان «التحالف» التوصل إلى «تهدئة» حدوديّة، رحّب «حزب المؤتمر الشعبي العام» الذي يتزعّمه الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، في بيان، بـ «أيّ جهود مبذولة لإيقاف الحرب في اليمن.. وكل أنواع الاقتتال الداخلي داخل الأراضي اليمنية، بما في ذلك إيقاف الأعمال العسكرية على الحدود بين اليمن والسعودية».
وبعدما وصف «المؤتمر» السعوديين بـ «الأشقاء»، قال إنَّ الدعوة للحوار المباشر بين اليمن والسعودية «سبق أن أعلنها صالح بنفسه، من منطلق الإدراك بأنّه يجب أن يكون (الحوار) مع من بيده قرار إيقاف الحرب».
وفي موقف هو الأول من نوعه، طالب العضو في «اللجنة الثورية العليا» والقيادي في «أنصار الله»، يوسف الفيشي المعروف بـ «أبي مالك»، المسؤولين الإيرانيين، في رسالة وجهها عبر صفحته على «فايسبوك»، بالابتعاد عن الملف اليمني.
وكتب الفيشي «كفى مزايدات واستغلالاً.. على المسؤولين في الجمهورية الإسلامية في إيران السكوت وترك الاستغلال والمزايدات بملف اليمن، وعليهم أن يتعلموا المسؤولية والشجاعة من السيد حسن نصر الله الذي يقف لله ويتكلم لوجه الله».
جاء ذلك بعد يوم واحد على إعلان نائب رئيس هيئة أركان القوّات المسلّحة الإيرانيّة مسعود جزايري، استعداد بلاده لإرسال مستشارين عسكريّين إلى اليمن، موضحاً في مقابلة مع وكالة «تسنيم» للأنباء، أنَّ «الجمهورية الإسلاميّة تشعر بواجبها لمساعدة الحكومة والشعب السوريين. وتشعر أيضاً بواجبها لمساعدة الشعب اليمني بأيّ وسيلة بوسعها ولأيّ مستوى ضروري».
ولدى سؤاله عن رسالة الفيشي، قال الجبير إنّه لم يقرأها، لكنّه أوضح أنَّها تبدو بياناً «إيجابيًّا».
(«السفير»، رويترز، أ ف ب، أ ب، «الأناضول»)