افراسيانت - رشيد شاهين - منذ بدء الانقسام في الساحة الفلسطينية، لم نسمع اي من قادة الفصائل "خاصة في فتح وحماس" سوى انهم ضد الانقسام ومع إعادة اللحمة إلى جناحي "الوطن" المنقسم على نفسه بسببهما.
وللتأكيد على تلك المواقف، فقد تم طبخ العديد من التوافقات والاتفاقات، وآخرها اتفاق الشاطيء، والتي كانت جميعها فيما لو خلصت النوايا، كفيلة بإنهاء هذه الصفحة المخزية في التاريخ الفلسطيني. وكان من أشهر تلك الاتفاقات، اتفاق مكة، حيث تفاءل الناس بقرب حدوث المصالحة وانهاء الانقسام، تفاؤل كانت له اسباب عدة قد يكون اهمها "قدسية" المكان، وما له من اعتبارات معنوية ونفسية في قلوب "المؤمنين"، وكذلك للمكانة التي تتمتع بها المملكة السعودية، وتأثيرها على صناع القرار الفلسطيني.
قبل يومين، خرج علينا النائب عن حماس اسماعيل الاشقر في محاولة للتزلف والاسترضاء والتقرب من السعودية، يطالب باتفاق جديد سماه "مكة 2"، وكان السيد اسماعيل هنية قد طالب في خطبة الجمعة، وايضا "تزلفا واسترضاءً" بدور اكثر فاعلية للمملكة، وهذا ايضا ما جاء على لسان الزهار الذي طالبها بالعمل على جمع الحركتين لتوقيع اتفاق "مكة2".
المتابع لما يجري من مناكفات وردح بين حماس وفتح، يلاحظ الى اي منحدر وصلت العلاقة بينهما، حيث لا يتوقف الناطقين باسميهما عن كيل الاتهامات والاتهامات المضادة، وينسى هؤلاء ان التناقض الرئيس هو مع الاحتلال الذي ما زال جاثما على صدور الكل الفلسطيني.
الموضوع لا علاقة له بمكة 2 ولا جنيف 3 ولا شاطيء 4، الموضوع هنا له علاقة بالنوايا والارادة، حيث من المؤكد انه اذا ما توفرت الارادة لدى طرفي الانقسام فان الانقسام يصبح من الماضي.
قبل الانتقال الى البحث عن توقيع اتفاقات جديدة، لم لا يتم العمل على تنفيذ الاتفاقات الموقعة، ولم علينا "اللعب" بمصير شعبنا من خلال البحث عن "فتح" آفاق وعلاقات جديدة، بدلا من البحث عن كيف نخرج من هذا "البلاء" الذي انهك العباد والبلاد، ولم لا يخرج علينا "شهود" الاتفاقات ليقولوا بدون مواربة او تضليل، من هو الطرف المعطل للمصالحة.
الكلام المنمق "والديلوماسي" من قبل الاطراف الفلسطينية "غير ذات الصلة مباشرة" بحدوث الانقسام، تلعب دوار سلبيا من خلال مواقفها غير الحاسمة وغير الحازمة في فضح من يؤخر انهاء الانقسام، بالاضافة الى ركون الشعب والجماهير الفلسطينية التي "استساغت" وربما "ادمنت" وصارت تتقبل الواقع وتتعايش مع حالة الانقسام.
المصلحة الفلسطينية العليا، هي بانهاء الانقسام، لا باسترضاء القاهرة او الرياض، خاصة وان الاتفاقات جاهزة، واذا ما خلصت النوايا، وتوفرت الارادة، فان من الاجدى، ان تجلس الاطراف الفلسطينية في اية قرية او مخيم فلسطيني، بدلا عن البحث عن العواصم العربية والعالمية، والتوصل الى اتفاق فلسطيني خالص من حيث الرعاية والمكان والحضور، وما عدى ذلك يبقى كلام "هراء" يرمي الى ادامة الانقسام، وخلق واقع جديد مستدام يبقي على قطاع غزة اقليما منفصلا، وعلى الضفة ايضا كيانا مفصولا عن بقية الاراضي الفلسطينية. ودمتم والوطن بخير.
5-5-015